بنت الغيب

د. إلهام الدسوقي | مصر

قابلته مصادفة، جمعتهما الصداقة يحكي ما مر به ويجرح قلبه، يطلب الود ويأمل في الراحة وينظر اليها كرفيق عمر، وتنظر إليه كجريح تحاول مداواته.

ملئت فراغ خياله، حلم يجمعهما يقبض على يدها بقوة، رسم الحياة معها، هنا البيت في حضن الحنين، هنا مدينة الألعاب في حضن السعادة، هنا شاطئ الغرام يحكي ذكرياتنا، هنا غرفة أولادي احمد ومي من زوجتي الأولى وهي تلعب معهم و تتعالى صيحات الفرح، مشاهد تدور في العقل تطلب يد التنفيذ.

 حتى كان المطلب الرسمي وإعلان الحلم بأن تحمل اسمه فرفضت.

نحن أصدقاء ولن ابعد. كان الرد.

سعد بالقرب منها وتقبل أن يكون بأي شكل ترغب.

هي مصدره للرأي الصحيح، مخفف ضغط تجربة زواج ارهقته وأخذت من نفسه الكثير، يد ترتب على الكتف إذا أحس الوهن، وجه ملائكي ينسيه عذابات العمل

منتصف ليلة حزينة، تتصل به مي، تتأوه من شدة الألم، تطلب المساعدة.

_ ألم المعدة لا يحتمل، أسرع يا أبي فأمعائي تتقطع. يسرع بها إلى المستشفى تحت رعاية من يهواها وتليفونها يرسل الدعم المعنوي والصوت المتهدج من البكاء يقوى الهمة . يقترب الصباح وتفيق مي وتجف الدموع ويتحدث قلبها بما يهز عرش الصداقة. اتقبل بي زوجة وحبيبة؟

يرفرف القلب فرحاً، تسير العربة المزينة بالورود محاطة بالزغاريد والتبريكات إلى البيت في حضن الحنين

أحس بمن يراقبني من بعيد ليسرق فرحتي.

تتنقل سهام من غرفتي المطلة على الحديقة لغرفة أحمد ومي ليلاً، فاطمأنت مالكة القلب أنهم بخير يغطون في النوم منعمين بالدفء قبل أن تدفئ سريري بأنفاسها الحارة.

الفجر موعدنا، تتحسس الطريق المظلم إلى غرفة مي ابنتي الكبرى تلف مقبض بابها الخشبي بروية مخافة أن يحدث صوت يوقظها وأحمد، تضع غطاء إضافي لتحمي من نسمة برودة الصباح الباكر.

الصباح ينادينا بشمسه المتسللة بين فتحات الشيش الخشبي وضفائر شعر يارا الحريري تغلفها سهام بتوكات صغيرة تلملم خصلات رفيعة تجمعها واحدة أكبر تدل على عمل متقن ومهارة واضحة.

المعارك تدور، الواحدة تتبع الأخرى، بينها وطليقتي، تأمل سهام في حضن الأولاد وتكيدها الأخرى بحرمانها منهم حتى وصل الأمر إلى امضاء وصولات الأمانة ضمانة سلامتهم لصحبتهم ليلة واحدة يعودون بعدها يبكون الحنان المفقود يطلبون بشدة حضن سهام وينفرون من العودة مجددا لبيت يخلو من الحنين.

تمر الشهور التسع، ونسمع صيحة سهيلة، المولودة الجديدة، من أمام غرفة العمليات لتكون مصدر السعادة ومنبع الأرق الليلي تحملها سهام تارة ومي أخرى ومع اول سن تنير فم سلمي كان الاحتفال والشمس تشرق على وجه سهام الملائكي

_ أنا من رزقت منه بالولد وانت البنات. كانت الجملة الفاصلة التي أجبرت سهام على التجربة الثانية وهذه المرة قابلنا الطبيب بابتسامة تملأ وجهه  المستبشر وهو يفاجئنا بأن هناك روحين يستعدان وبقوة لتشريف بيتنا المحاط بالحنين

جلسنا كعائلة نتناقش ونتبادل الرأي ونتشاجر من يختار الأسماء، رنا ومنه كانت اقتراحات مي، ميار وروضة كانت اقتراحاتي، أما سهام فقد اختارت سندس اسم إحدى المولودتين المنتظرتين ولم تختار الاسم الأخر، فانزعجت متسائلاً لم لم تختاري اسم توأمتها فأصرت أن اسمها سيكتب بولادتها وسيكون اسم تعتزون به جميعاً. لم نهتم للمغزى جيداً فقد كان كل منا مصراً على ما اختياره فنحن شركاء في العطية.

نسينا المناقشة الحامية ورضخنا جميعاً لمطلب سهام وحان الوقت ونحن نقف أمام غرفة العمليات تطرب أذاننا صيحتين هذه المرة كعصفورين يخرجون من بيضة ينقرون قشرتها في هدوء. نتبادل التهاني فالمولودتان بخير وصراخهما دليل الحياة الهنية، لتصل بعدها صرخة أعلى ترج قلوبنا وتقتلعها لتستوضح الواقع الأليم فقد اعطتنا سهام الخير وذهبت بصرخة واحدة والان عرفنا اسم المولودة التوأم.

أشعر بمن يرقبنا ليسرق سعادتنا. فاجمع ابنائي من حولي، أحمد، مي، سهيلة، سندس وسهام…. ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى