قراءة نقدية في قصّة ” نور العين ” لـ” سهيل كيوان “
بقلم: رفيقة عثمان
صدرت حديثًا قصّة “نور العين” للكاتب سهيل كيوان، عن كل شيء للطّباعة والنّشر، والتي احتوت على سبعٍ وأربعين صفحةً؛ ورسومات الفنّانة منار نعيرات.
هذه القصّة اشتملت على بعض الأهداف التربويّة والاجتماعيّة، والهدف الأساسي منها، هو توعية وتذوّت قضيّة التّبرّع بالأعضاء، للمرضى الّذين يفتقدون لأحد الأعضاء بجسمهم، والتشجيع نحو الانضمام للمتبرّعين بالأعضاء.
إنّ اختيار الكاتب لموضع زراعة الأعضاء، ذو أهميّة عظمى في حياتنا المُعاصرة، والّتي تهدف لإنقاذ أشخاص عديدين، والّذين لا ينجح العلاج معهم، سوى زراعة الأعضاء؛ لا شك بأنّ فئة الشباب، أكثر تقبُّلًا واستيعابًا لهذا الموضوع، من فئة الكبار بالسّن؛ وأنّ مجتمعنا العربي بحاجة ماسّة للتوعية في هذا المضمار، وخاصّةً لو ارتبط الموضوع والامتناع عن التبرّع بحجّة الدين، والخوف من نتائجه المُترتّبة على ذلك.
من هنا نجد بأنّ هذا الموضوع يُعتبر حسّاسًا جدًّا، وأنّ اختيار الكاتب كيوان لهذا الموضوع، فيه نوع من الجرأة، وكسر حواجز الخوف في طرحه، لكافّة الأعمار، وخاصّةً الأطفال في كافّة مراحل نموّهم العقلي والعاطفي.
وردت بعض الأهداف الثّانويّة في القصّة مثل: احترام وتقدير الهديّة ومهديها، والحفاظ على عليها، والاحتفاظ بها للذّكرى، كما ورد هدف آخر كالتوعية الصّحيّة وأهميّة شرب الماء، بدلّا من تناول العصير والمشروبات الغازيّة الضّارّة، واحترام المختلفين عنّا ومحبّتهم. كما ذكر بأنّ رشا أحبّت ” الدمية ذات الشّعر الأجعد، وقمحيّة البشرة”.
اختار الكاتب عددًا محدودًا من الشخصيّات؛ لتحريكها، وفق مجريات الأحداث؛ مثّل دور الطّفلتين، رشا ووالدتها جومانة وندى، ووالدتها الطبيبة نور، بالإضافة لشخصيّة جد رشا الكفيف.
سرد الكاتب قصّة تجسيديّة بالتمثيل؛ لتوضيح عمليّة التبرّع بالأعضاء بواسطة نقل عين لعبة غير صالحة، لعين لعبة عينها تالفة. بنفس الوقت عبّر الكاتب عن حاجة الجد الكفيف، لزراعة قرنيّة لعينيه.
برأيي الشّخصي، أجد بأنَّ الكاتب دمج قصّتين في قصّة واحدة؛ إذ أنّ السّرد حول نقل أعضاء، لأشخاص محتاجين، مثل: العيون، والكلى، وغيرها، كذلك استخدام نشأة وتاريخ زراعة الأعضاء، هذه المعلومات تُشكّل مفاهيم فوق مستوى استيعاب الأطفال، دون العاشرة. بالإضافة لعدد صفحات القصّة تعتبر طويلة جدّا. الرسومات الجميلة والتوضيحيّة، ساعد الأطفال علة فهم القصّة؛ والتي لا ضرورة لها عند التوجّه لفئة اليافعين.
بناءً على المُبرّرات التي ذكرتها، هذه القصّة لا تناسب الأطفال دون سن العاشرة تحسّبًا على مشاعرهم وعدم نضوجهم العاطفي، ومن تخيّلهم وتصوّرهم لهذه العمليّة، ممّا تُسبّب صدمة نفسيّة، أو تخوّفًا ممّا يسمعونه، أو يتخيّلونه. إنّ الأطفال في مرحلة معيّنة من تنشئتهم، لا يُميّزون بين الحقيقة والخيال.
رُبّما لو اكتفى الكاتب، بسرد طريقة نقل العين السّليمة من لعبة ندى، بدلًا من العين التّالفة للعبة رشا.
من المُمكن أن تُصبح القصّة مناسبة للفئة العمريّة المذكورة سابقًا. من جهة أخرى، أجد بأنّه لو خُصّصت القصّة لليافعين، ليس من الضروري استخدام التجسيد بنقل الأعضاء للّعبة، والرسومات ليست ضروريّة.
تناوُل هذه الموضوع مناسب أكثر لفئة اليافعين، نظرًا لنضوجهم الفكري والعاطفي، ولديهم القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال، بالإضافة لتعرّضهم لخبرات مختلفة، وبإمكانهم تحمّل هذه الأفكار والمشاعر.
اختيار الكاتب لشخصيّة الجد الكفيف، الّذي بحاجة إلى زراعة قرنيّة العينين، تبدو لي إضافة غير ضروريّة، ومن الممكن سرد قصّة أخرى مفردة حول الجد وزراعة القرنيّة، بدون الاستعانة بتجسيد القصّة بواسطة الألعاب؛ وبدون استخدام الرسومات؛ لتصبح مناسبة لفئة اليافعين.
يبدو لي أنّ اختيار الكاتب للعنوان “نورالعين” كان عنوانًا موفّقًا، يحمل في طيّاته الأمل في الحياة، والخروج من الظّلام الى النور.
امتازت لغة القصّة، بالسهولة والسلاسة، والإثراء بالمفردات الطبيّة الجديدة لعالم الأطفال، هنالك تلاعب بالمفردات مثل مفردات التورية وغيرها، مثل: عندما سألت رشا جدّها: إذا القرنيّة تعني القرون؟ تبدو فيها حس الفكاهة.
وردت بعض الاخطاء النحويّة مثل: عدم كسر الكلمات عند التقاء السّاكنين: ” فتحتْ الْبابَ” يجب كتابة، “فتحتِ الْبابَ” بالكسرة – كذلك “وضعتْ الدّميتين” يجب وضعتِ الدّميتين”. ورد خطأ مطبعي ” عندما يكون المريض إنسانًا فجيب عليه” يجب كتابة فيجب عليه.
ورد تكرار لا ضرورة له لنفس الفكرة صفحة 32 “ولقد قلت لنفسي إن دميتي لن تعد صالحة لشيئ، فهي أصبحت بلا ساق وبلا ذراع ولا شعر..”
خلاصة القول: قصّة “نور العين” قصّة ذات مضمون هام جدًّا، وتناولها الكاتب بسردها الجريئ، مع استخدامه التجسيد؛ لتسهيلها على الأطفال؛ بينما القصّة تناسب فئة النافعين؛ نظرًا لحساسيّتها، وتأثيرها على نفسيّة الأطفال.
أقترح بكل تواضع على كاتبنا القدير، بتناول بُعد واحد للأطفال، وتصلح القصّة مع التجسيد، بينما من الممكن طرح الموضوع بصراحة لفئة اليافعين.
شكرًا للكاتب، على اهتمامه بالتوعيّة الصحيّة والاجتماعية، التي طرقها متوافقًا مع متطلّبات المجتمع العربي.
انتهت بحمد الله