محبات.. حتى تأتي فرصة
بقلم :داليا الحديدي | كاتبة مصرية
مايلز بيركت فوستر (1825 – 1899) رسام إنجليزي
مشكلة الفهم النصوصي للقيم أنها وسائل ملتوية للإلتفاف والتلاعب على المقاصد الحقيقية لجوهر القيم.. فرغم أن الشريعة وضعت لمقاصد الحفاظ على الأنساب والمواريث والأخلاق لضمان أمن الأسرة وكرامتها، لكننا نجد عمائم من حراس المعبد يشرعنون الجنس المؤقت إذا التزم “س” من البشر بنص ورقي سليم ولو كان غير موثقًا، تمامًا كمحامي “عقر” يجيد التملص والتلاعب ببنود القانون تحت بنت “أوراقهم سليمة “ومن ثم يضرب بعرض الحائط وطوله مقاصد الدين في تأمين السكينة والمودة والرحمة والانساب للمجتمع.
-النصوصيون يسمحون للعرف أن يعلو على الشرع حين يطالبون الأنثى بالتنازل عن مهرها أو إنفاق أضعافه لتأثيث بيت الزوجية، بحجة تيسير الزواج حتى لا يكون الجنس الحرام مجاني والحلال مكلف، ثم يعلون الشرع على العرف لو طلبت الزوجة الطلاق، لزواج شريكها بأخرى، هنا تتفنن الأوساط النصوصية في التلاعب بعقل الضحية وتفهمها أن رضوخها ما هو إلا ذكاء وصبر تتقرب به إلى الله زلفى.
-المصيبة في المتلاعبين بالأولويات الدينية، أنهم يتشددون في الفروع المظهرية ويتهاونون في الأصول الجوهرية، أو تأصيل الفرعي ثم تفريع الأصلي، فالتدين المظهري يجب التعاملات.
-المؤلم في الشخص النصوصي أنه يروج لكون العقل زينة “أكسسوار” في حين أنه حتمي لستر عورة الغفلة. فلأنهم يتعمدون تعميم الغفلة، تراهم يشاهدون الزعماء يتبرزون على الرعية ثم يقنعون الشعوب أن زعيمهم يسمد عقولهم بكل ما هو مفيد.
-إنك تسمع من النصوصي تقديسه لنص “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، لكنه ضليع في تطبيق العكس!
– النصوصي محترف لبس أقنعة واقتناص فرص،Bounty hunter فهو نظريًا يروج لقيم لا يستطيع تطبيق عشر معيشرها، يتحدث عن البساطة ومروج لشخصية Low profileة في حين انه لا يظهر بذات الدثر مرتين
– متشدق لنظرية حقوق المرأة، لكن فقدانه لجواله أعز عليه من فقدان كرامة ابنته.
– يحرم “الربا” لكن يستحل أن يقرر لزوجته مؤخر بقيمة 500 جنيه مكتوبة في الخمسينات القرن الماضي، حين كان الجنيه الذهب يساوي زهاء 5 جنيه مصري، ما يعني أن قيمة ال 500 جنيه عام 1952 كانت تعدل 100 جنيه ذهب .. ولأن سعر جنيه الذهب اليوم قيمته زهاء 6184 جنيهاً مصرياً، لذا، فقيمة مؤخر الصداق “الحقيقية ” للزوجة هو جنيه مصري618400 لكن الشيخ النصوصي يصمم على أن تتحصل الزوجة التي طلقت بعد عقود من زوجها على 300 جنيه مصري يقيمة عام 2021 علمًا بأن هذا المبلغ لا يؤمن للمطلقة سوى 2 كيلو لحم ودجاجة نيئة.
-الأمر ذاته ينطبق على ملاك العقارات وفقًا للإيجار القديم حيث شقة 200 متر بحي الزمالك كانت تؤجر في الخمسينات بقرابة 6 جنيهات في الشهر.. ولليوم ينام المستأجر آمنا مطمئنا دون أدنى شعور بالذنب كونه يمنح صاحب العقار تلك الأوراق النقدية التي لا تعبر عن حقيقة القيم.
– أود أن أعيش النهار الذي يلتفت فيه القائمين على حقوق العباد على تغيير تلك الأونطة والخداع التي تمارس باسم الشرع من هيئات نصوصية نصابة.
لذا فأنا أدعو الجهات السيادية بأن يتم كتابة قيمة العقود المادية بما يوازي قيمة الجنيه الذهب عام تحرير العقد. أو أن يعي – الأب- خطورة ما سيحدث لإبنته في المستقبل فيبادر بتسجيل حقوقها بما قيمته عقار أو ذهب.
-الشخص النصوصي يذم الخيانة فيما يستحل قنص مكان زميله في العمل، أو أنثى تستحل الإقتران بزوج صديقتها بل زوج أختها ببيتها ومقتنياته، ثم تستخرج من الشرع ما تستند عليه لتبرير فعلتها.
– النصوصي يحرم السرقة ويطالب بتطبيق الشريع في قطع يد السارق لكنه لا يجد غضاضة في “لطش” جهد زميله وعصارة فكره دون الإشارة له، فيستحل حلب خيراته، ثم يصلي العشاء أربع ويواليه بركعتي شفع نافلة، كما لا ينسى أن يوتر.
هذا ما يشعر به فنان سُرق جهده أو كاتب سلبوا منه فكرته أو مقدم برنامج يتم ابعاده مع الإبقاء على كل فقرات البرنامج الذي قام بإعدادها وتحريرها دون تغير حتى الموسيقى التصويرية التي اختارها.
من هنا، تعاطفت كثيرًا مع كل من المذيعة “سهيرة جودة” وزميلتها “مفيدة شيحة” حين تم استبدالهما بأخريات مع إبقاء القناة على كل فقرات البرنامج الذي كانا يقومان باعداده وتقديمه.
كل التقدير لكل العاملين، لكن النهايات أخلاق، وإن كان يحق للزوج استبدال زوج مكان زوج، فلا أقل من تغيير الملابس للعروس الجديدة، أما وأن يتزوج الجديدة بالاستفادة من مقتنيات الأولى، فتلك أشياء لا يجيد العقاب عليها سوى رب الأقدار.
المزعج في الشخصيات النصوصية أنها تحرم نظرية الظلم فيما ينصفون الظالم بشكل تطبيقي حين يصفقون للباطل، فيضعون مونة ملساء تشرعن قاعدة رخامية تمجد الظالمين.
– الشخص النصوصي رمادي متلون يعتمد أسلوب الحياد أو عدم الإنحياز رغم ان الحياد هو موقف إنحيازي بالسلب للباطل.
– النصوصي له جاذبية سمت الكاهن التقي الحدوب على قرابته ما يجعلك تلقي باسلحة حذرك وتعامله بلا درع الحيطة، بل تقابله هامدًا، ملتحفًا بالطمأنينة، غافلاً عما يحاط بك، لتجد نفسك بنهاية المطاف غارقًا في ارتباك يجعلك تفسر جوده مع الظالم وعدم تضامنه مع الحق على أنه تسامح، رغم أنه يبقشش التسامح من جيبك أنت.
There is a lot of smokes and mirrors to disguise his real intentions
عمرًا سينقضي حتى تفهم أن النصوصي غير معني سوى برونقة صورته الزائفة وترسيخها للناس فيما تجده فظًا، ضيقًا متوثبًا لإحتلال موقع أي شخص ولو ركل صديقه أو اطاح بتوأمه –فقط- لو أتيحت له الفرصة.