حكايات شهريار.. قصة يعقوب (4)

شرين خليل | مصر


اللوحة للفنان والتر لانغلي

ومرت الأيام وجاء موعد سفري ووجدت زوجتي تخبرني أنها تريد أن تسافر معي .وضحت لها أن سفرها في الوقت الحالي صعب ولكني سأحاول جاهدا أن أحقق لها ماتريد. فأنا لدي مايكفي من الإلتزامات فلابد من العمل الشاق لكي أعود كما كنت فأنا أتفاني في عملي وأريد أن يلمع أسمي مرة أخري في سماء هذه البلد ..
ويجب علي أيضا مساعدة أخي هشام فأنا بمثابة الأب بالنسبة له ولابد من مساعدته في تجهيز شقته وفي زواجه فهو يحتاج إلي .
سافرت ولم يمر يوم إلا وزجتي تتشاجر معي عبر الهاتف وتتهمني بأنني لا أريدها وتزوجتها فقط من أجل إرضاء أمي ومن أجل أن تعيش مع أمي وأنا هنا افعل مايحلو لي..لا أدري من الذي دس هذه الأفكار المسمومة في عقلها ..هل هذا كان عقاب لي لأني لم أخفي عنها شئ وحكيت لها كل مامررت به في غربتي وكل تجاربي وقصة زواجي ؟ هل كانت نتيجة ذلك هو الشك في كل تصرفاتي ؟ أعلم أنها مازالت صغيرة في السن ولا تعرف الحياة جيدا وتنظر لها من منظور ضيق ولهذا أتسامح وأتهاون فأنا لا وقت لدي لمثل هذا الخلافات فيكفيني ضغط العمل وشدته ..
حاولت أن أتجاهل هذه المشاكل وأركز في عملي ولكن أمي كانت تخاف أن ينهار بيتي وتخاف علي إبني لدرجة أن زوجتي بدأت تغار من إهتمام أمي بيعقوب ودائما تقول لها أنني أعيش معها بسبب وجود يعقوب .ولجأت زوجتي إلي حيلة لكي تضغط علي أمي حتي تضغط أمي علي وهي أنها أخذت يعقوب وذهبت إلي بيت أهلها ..
جن جنوني وإنفعلت بشدة عندما أخبرتني أمي بذلك وطلبت مني المجئ إلي مصر لكي أراضي زوجتي وأجد حل لهذه المشكلة .
لا أحد يشعر بمعاناتي فالأمر ليس بالسهل كيف أترك عملي بعد أن وصلت لهذا النجاح أخشي أن يضيع كل شئ مرة أخري ..
أسندت العمل إلي صديق لي ساعدته كثيرا وأنقذته من الضياع ووساندته عندما جاء إلي هنا وهو لايعرف شئ ..أعتبرته أخ صغير لي وتركت له كل شئ دون حساب وسافرت وذهبت إلي زوجتي وطلبت منها العودة إلي المنزل ولكنها رفضت وقالت أنها لن تترك منزل والدها إلا للذهاب إلي المطار .شرحت لها حالتي ومعاناتي ولكنها لم تقدر .
ذهبت لها اكثر من مرة أخذت معي إخوتي وأخذت معي أولاد عمي ولكنها تصر علي رأيها ..تركتها وقررت أن أتجاهلها وأهملها لفترة فلقد تعبت من محاولاتي معها ..
سافرت ورجعت إلي عملي لأجد خسارة رهيبة فلقد سرقني هذا الصديق الذي وقفت بجانبه وساعدته ..أخذ كل شئ ..وترك لي ديون هائله ..
كادت الصدمة أن تقتلني وإنتقلت إلي المستشفي بسبب أزمة قلبية ..
كان خطأي دائما هو الثقة المفرطة في الآخرون والعطاء ببذخ ..فأنا منذ الصغر أجد أبي شديد الكرم وأجد أمي تساعد الجميع ولكنها كانت دائما تحذرني فهي تراني حسن النية. ولكني للأسف لم أستمع إلي هذه التحذيرات ..
لم أتعلم من أخطائي فكل مرة أثق فيها أتذوق مرارة الخداع وقسوة الكذب ..
مرت أيام وشهور بدأت أتعافي من كل شئ وأستعيد نشاطي وعملي وأرجع كما كنت ولكن الصدمات لا تنتهي فلقد أصرت زوجتي علي الأنفصال وجدت نفسي أوافقها فأنا لا طاقة عندي للحديث معها فلقد أكتفيت وتم الإنفصال بهدوء وأخذت كل مستحقاتها .
كانت أمي حزينة وتلقي باللوم علي ولكن لاذنب لي ..
وبعد عدة أشهر تزوجت أم يعقوب وتركت يعقوب لأمي ..شعرت وقتها بإهانة شديدة .هل كانت تكرهني إلي هذا الحد ؟؟
هل وافقها قلبها علي أن تترك هذا الوليد الصغير ؟؟
ما السبب القوي وراء ذلك ؟
إنه المال ..المال الذي يسحر ويجذب ويجعلنا نتخلي عن المبادئ ..
فلقد تزوجت رجل ثري أغراها بماله وممتلكاته ووافقت أن تكون زوجة ثانية وتركت وليدها قطعة من قلبها ..فهي مثل فريدة بل أسوأ منها ..
ماذنب أمي المسنة أن تقوم بتربية طفل لم يتجاوز عامه الثاني ..
وأنا هنا كيف أتصرف ؟؟ هذا الطفل محتاج إلي رعاية وإهتمام ؟
تعقدت الامور وتشابكت وتصاعبت علي..
وبدأت أمي تكرر نفس الإسطوانة وهي لابد لي أن أتزوج ..
هي لا تدري أنني كرهت الزواج ولا أريد أن أتزوج وأكرر ماحدث فلقد أكتفيت وفي نفس الوقت أتعاطف مع أمي فمن حقها أن ترتاح فهي تعبت كثيرا ..
علي الرغم من ذلك كانت تعطيني الأمل وتقول لي بأن يعقوب هو العوض الجميل والسند الجميل بعد التعب والألم وهو الذي سيقف بجانبي في المستقبل ..أما أنا فكنت أراه عبئا عليها ولكني لا أستطيع فعل أي شئ ..
مرت الأيام وأنا بداخلي حزن وإنكسار وأمي لايكاد يمر يوم إلا وترسل لي رسالة تطلب مني أن أتزوج وافقتها لكي أرتاح ووعدتها أنني سوف أنهي كل أعمالي هنا وأستقر في بلدي من أجل إبني ..
وفي يوم وجدت إتصال من صوفيا تخبرني بإنها تريد رؤيتي ضروري
ذهبت إليها مسرعا لأجدها مريضة جدا فلقد إخترق جسدها المرض اللعين ..نظرت إليها بحزن شديد، تبسمت لي وطلبت مني ألا أحزن وأنها راضية بحالتها وسعيدة فهي أدت رسالتها في تربية أولادها وأخبرتني أنها كتبت كل ماتملك لأولادها وأنها سمحت لزوجها بأن يتزوج من أمرأة أخري فهي كما قالت لاتصلح أن تكون زوجة فلقد أقتربت النهاية ..
وأوصتني أن أهتم بأولادها وأسأل عنهم بإستمرار وأراعي أموالهم التي تعبت في جمعها حتي لاتضيع منهم فهم مازالوا صغار وأنا الوحيد الذي تثق فيه بشدة وخاصة أن زوجها تزوج من إمرأة خدعته وأخذت كل أمواله وللأسف الشديد هذه المرأة التي تزوجها من نفس بلدته كانت تعيش مع زوجها هنا وهو تزوجها بعد وفاة زوجها ولا يدري أنها تزوجته فقط من أجل المال لكي ينفق علي أبنائها ..
تعجبت من حديث صوفيا ..ماأروعها !!
لماذا لم أصادف مثل هذة المرأة ؟؟؟
فأنا لن أستجيب لمحاولات أمي في الزواج ولن أتزوج إلا من إمرأة أشعر أنها مثل صوفيا ..
بدأت في تنفيذ وصية صوفيا وكنت أذهب للسؤال عن أبنائها وطلب مني إبنها أن أضم المحل الذي يمتلكه إلي المحل الخاص بي وأن يكون بمثابة فرع تاني وكانت فكرة رائعة لي وله فلقد أوصته أمه أن ينفذ ما أقول له وأخبرته أنه لن يجد إنسانا مخلصا مثلي وإزدهرت المحلات وأصبحت سلسلة مطاعم شهيرة وبدأت أشعر بالرضا والسعادة فلقد حققت الحلم الذي تعبت سنين في تحقيقه ..
وفي يوم دخلت ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى