في المدينة
أشرف حشيش | فلسطين
الناس في المدينة يمشون مغمضي العيون, وكأن أقدامهم ترى الطريق وحدها, بمؤشر الشوق؛ فتأخذهم إلى كل اتجاه, وتنقادُ قلوبُهم بإيقاع دقاتِها الواثقة, تستوقفهم عرباتُ البرتقال اليافيّ, والفرولة الغزيّة في أسواق شوقهم وحنينهم, وشهية تفتكُ بكلّ حصون الرفض والسرعة والتخبّط , فتستسلم أمامها الرغبةُ الآدميةُ.
وليس لدي تفسيرُ إبداعيٌّ لهذه الرغبة التي أبدعها الوطنُ فينا .غير فلسفة وصول يافا إلينا ولو في حبة برتقال وأخرى تأخذني وأنا أقف أمام الفرولة لغزة ,وبينهما وطنٌ أعجزت التفسيرات تفسيره يا سادة . ما أجمل الحياة فيه وما أحلاها !
حملت سلال الشوق فرحا وغادرت المكان وخلفي أصوات ضجيج تتعالى بتدرجٍ يبعثُ على القلق, ويغادرون مثلي, و تغادرها الأسواق والحياة؛ لأن حفنة غرباء قدموا لاقتحامها بحجة زيارة لحدٍ قديمٍ
ما همّني – للحظة – أن أعرف شيئا عن المحروق الذي فيه, دخلوا متدفقين كنهرأسود بصحبة جيش قاتم ,وأقاموا طقوسهم الظلامية ,على ركام الصباح المغادر.
في المدينة لن تتوقف الحياة, فكل يوم لها مع الصباح موعدٌ وحكاية.