احفر اسمك على صخرة التاريخ
عبد الله الحكماني | شاعر وكاتب عُماني
اللوحة للرسام النمساوي ( فريدريك غورمان) 1807 -1862)
من أراد أن يدخل في مجالٍ ما فعليه أن يكون على وعيٍ تامٍّ بذلك المجال.. فمثلا لو أراد شخص أن يكون كاتباً يجب عليه أن يقرأ الكثير من الكتب والمقالات في حال يكتب المقال او والكثير من القصص في حال يكتب القصص وينطبق ذلك على كل فن من فنون الكتابة وأن يجمع معرفة واسعة بمختلف المعارف الإنسانية ويقارن ما بين اعماله وأعمال الآخرين ويشتغل على نفسه بنقد الذات وتقبّل نقد الآخر.
وهكذا مع من أراد أن يكون إداريّا ناجحا فليلمّ بجوانب الإدارة من خلال واقع العمل الذي يعيشه ومن خلال التجارب التي سبقته والخبرات التي يلتقي بها بين حين وحين وعبر مسيرته العملية مع الإكثار من الدورات التدريبية والاطلاع الشامل في كل شيء يخص الإدارة نظريا وتطبيقيا.
وقس على ذلك كل المجالات الأخرى التي تعود بالنفع على البشرية وتساعد في بناء الحضارة.
وذلك لكي يستطيع هذا السائر في المجال أن يقدّم شيئا ينفع به الإنسانية ويبقى أثره في ذاكرة الحياة.
فمن نقرأ لهم وعنهم من الكتّاب والعلماء والمفكرين والقياديين والمبدعين بشكل عام لم يكن ليصلنا نتاجهم وإرثهم الفكري لولا جهدهم الذي استطاعوا به أن يحفروا لهم أسماءً على صخرة التاريخ.
وقد جاء ذلك في الكثير من مذكّراتهم ومؤلفاتهم التي تحدثوا فيها عن مسيرتهم وما واجههم خلالها وعن برامجهم ومناهجهم التي انتهجوها عبر مسيرتهم سواء العملية أو العلمية.
ومن لم يتحدث عن نفسه فقد تحدث عنه من يعرفه عن قربٍ سواء من أهله وأقاربه أو أصدقائه أو من زملائه في النشاط الذي اشتهر به.
فاحفر اسمك أخي الإنسان في الصخور حتى لا يمحوها الزمان ولا تكتفي بالكتابة على الرمال لئلا تأتي أبسط الرياح وتحملها مع ذرّاتها وكن على وعيٍ تام بما تختاره من مجال.
طبعا هذا في حال أراد الإنسان أن يقدم شيئا للحضارة الإنسانية ومن لم يرد فله عذره لكون الحياة في اساسها هي مزرعة للآخرة وما العمل والعلم إلا جزء من عملية الزرع التي تسمّى العبادة والتي هي الكل في الكل ولا تقتصر على العلم والعمل بل تشمل الإيمان والاخلاق والعبادات و….الخ.