الحروب أسواق سلاح لا مبادئ
عدنان الصباح
كل الحروب أيا كانت هي ليست من اسواق سلاح لا مبادئ وأيا كان المتحاربين فهم ليسوا اكثر من مستهلكي منتجات مصانع الاسلحة ولعل الغباء العجيب الذي يصيب المتحاربين وهم يدفعون ثمن السلاح ليموتوا به هو اعجب واغرب عباء يمكن ان يعرفه التاريخ فهم يصوغون الشعارات ويدبجون اليافطات لأفكار ومبادئ ومعتقدات لا هدف لها على الاطلاق سوى تسويق الاسلحة وقتل المستهلكين الصغار للمبادئ والسلاح فالذين يتمترسون خلف شعارات غوغائية عنصرية لا تقبل الآخر ايا كان ويسعون للحصول على منتجات الموت من السلاح للتخلص من الآخر المعتقد جسديا لا ينتمون الى العقل بصلة على الاطلاق فالطرفان يقتلون بعضهم على فكرة دون ان يستخدموا عقولهم بالسؤال … لماذا نحن من يموت ولا يموت … لماذا لا تذهب الصراعات حول مصانع الاسلحة نفسها … لماذا نستورد نحن السلاح وندفع ثمنه من قوت اطفالنا لنقتلهم به بدل ن نصنع لهم حياة من الرفاهية والتسامح والغد الجميل.
بلغت تكاليف الحرب في سوريا حوالي 1.5 تريليون دولار دفعها الشعب السوري من قوت اطفاله ليحقق ليدافع عم مهووسين بشعارات كذابه عن الديمقراطية الامريكية والغربية عبر صناعة الموت بسلاحهم وقد دفعت الدول العربية الغنية ثمن هذا السلاح الى جانب الشعب السوري ليحصدوا عدد من القتلى يقترب من نصف مليون انسان وحوالي 15 مليون لاجئ ونازح ومهجر داخل وخارج سوريا وافقار لسوريا التي كانت ما يميزها عن غيرها من دول العرب انها الدولة الوحيدة التي تملك ميزانية دائنة لتصبح بلا ميزانية ان جاز التعبير.
حرب اليمن التي دمرت اليمن وتكاد تفقر السعودية وهي تدفع يوميا ثمن السلاح للدول الغربية لتقتل به ابناء اليمن والعكس صحيح فإلى جانب الخسائر البشرية الهائلة في اوساط السعوديين واليمنيين فان بعض الاحصائيات تقول ان التكلفة المادية على السعودية تصل الى 175 مليون دولار شهريا بينما تقول تقارير سعودية ان تكلفة الطائرات فقط تصل ال 230 مليون دولار شهريا أي انها أنفقت فقط في مجال الطيران وحسب الجزيرة نت ” فإن تكلفة الطائرات المشاركة بالحرب تصل إلى نحو 230 مليون دولار شهريا، تشمل التشغيل والذخائر والصيانة، أي أكثر من ثمانية مليارات دولار في ثلاث سنوات فقط ” وفي غالبيتها المطلقة تذهب الى صناديق صانعي السلاح في دول الغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة الامريكية.
في الحرب العراقية الايرانية تصل ضحايا الطرفين حوالي مليوني شخص قتلوا في حرب عبثية قال عها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين انها كانت فتنة لا اكثر ولكن بعد خرار روما بينما بلغت الخسائر المادية للطرفين حوالي 400 مليار دولار واذا اضيفت الى هذه الخسائر فيما يخص العراق حربي الخليج الاولى والثانية فان الاندبندنت ذكرت حسب مصدر رسمي عربي موثوق ” قدر التكلفة المباشرة لحرب الخليج وقتها، “فإنها بلغت 620 مليار دولار (بسعر صرف الدولار وقتها). وإذا أخذنا في الاعتبار متوسط التضخم في سعر صرف العملة عن 2.29% سنويا كما تعتمده أغلب المؤسسات الدولية يكون المبلغ بسعر صرف الدولار في 2018 نحو تريليون و140 مليار دولار”، وفقا لـ”التقرير الاقتصادي العربي” لعام 1991 الصادر عن صندوق النقد العربي والجامعة العربية ومنظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك)
ضحايا وضحايا وخسائر بلا نهاية وحروب تدور رحاها فقط في الشرق الاوسط وافريقيا وجزء من اسيا وامريكا اللاتينية بينما تنعم الدول المنتجة للسلاح بكل السلام الممكن وفي حين يغيب الفقر والجوع عن الدول المنتجة للسلاح ينتشر بلا توقف في البلدان الاخرى فالحرب في ليبيا لم تتوقف دون ان تدري لماذا وكذا اليمن وسوريا والفوضى تجتاح العراق والسودان ولبنان واسواق السلاح ومبيعات الاسلحة تتزايد باضطراد فقد وحسب روسيا اليوم فقد ” سجلت دول الشرق الأوسط أكبر زيادة في واردات الأسلحة بارتفاع نسبته 25% في الفترة بين عامي 2016 و2020 مقارنة بالفترة بين 2011 و2015″ وتعتبر الولايات المتحدة وروسيا اكبر الدول المصدرة للأسلحة في العالم تليها فرنسا والمانيا والصين وبريطانيا على التوالي وفي العام 2014 اشترت السعودية وحدها بما قيمته 80 مليار دولار من الاسلحة بينما تقدر قيمة مشتريات الاسلحة غير الشرعية سنويا بحوالي 60 مليار دولار سنويا وهي الاسلحة الت يتم نقلها الى التنظيمات غير الشرعية حول العالم مثل داعش والقاعدة وما سواهما.
لن تنتهي الاحصائيات حول التريليونات التي صرفت على صناعة وتجارة الاسلحة حول العالم ولكن الاخطر انه لم ينتهي ولا احد يريد له ان ينتهي صناعة العنصرية والتطرف التي تسوق السلاح ومنتجات الموت ففي حين تتحدث الولايات المتحدة عن الديمقراطية والسلام وحقوق الانسان تمارس على الارض تشجيع بشع لكل صنوف العداء بين الشعوب والدول والقوميات والاديان والطوائف والهدف بكل بساطة مزيد من بيع السلاح ومزيد من ضحايا الموت البشع.\
ان المطلوب اليوم صحوة الفقراء والمستضعفين ليقفوا معا في وجه حفنة من اللصوص والقتلة الذين لا هم لهم سوى صناعة العداء لبيع السلاح دون ان يعني الموت لبني البشر من الفقراء شيئا لهم على الاطلاق والغريب في الامر ان الفقراء لا يسالون وهم يقبضون ثمن موتهم عبر انخراطهم مدفوع الاجر في هذه الحروب بينما يبكي من يدفع لهم للموت انه لا يملك القدرة على ان يدفع لهم للحياة كمفارقة عجيبة تغيب فقط عمن تحولت العصبية والعنصرية واعتقادات العداء افيون حقيقي تجعلهم يفقدون الوعي ويصبحون عبيدا لأسياد الموت عبر العالم.
يقول دبلوماسيون من الامم المتحدة ان ” كلفة تحقيق الأهداف الواردة في الخطة الطموحة التي أقرتها الأحد للقضاء على الفقر المدقع في العالم بحلول العام 2030 بما لا يقل عن 3500 مليار دولار سنوياً ” ويكفي ان نعرف ان صفقة الاسلحة الخاصة بالسعودية دون سواها مع ترامب عام 2017 كان بقيمة 350 مليار دولار ولمراقب ان يتخيل حجم هذه التجارة وقدرة البشرية لو الغتها على ان تفعل العجب بإلغاء الفقر وصناعة الرفاهية لبني البشر بلا تمييز.
في مقدمة فيلم “Lord of War” الذي عُرض عام 2005، تَحدَّث بطل الفيلم نيكولاس كيدج قائلاً: “أكثر من 550 مليون قطعة سلاح ناري متداولة في جميع أنحاء العالم، أيْ سلاح ناري واحد لكل 12 شخصاً على هذا الكوكب. السؤال الوحيد هو: كيف نسلّح الـ11 الآخرين؟” وفعلا هذا هو السؤال الموضوع على طاولة حفنة القتلة من صانعي ومروجي السلاح لكنه غائب عن عقول المستهلكين من الفقراء والمهمشين والاغبياء الذين يقتلون انفسهم بثمن خبزهم.