الإطار حجاب العقل و التفكير
د. طارق حامد | أكاديمي مصري
يسمي القولبة أو وضع إنسان ما في قالب معين لا يخرج عنه و لا يتزحزح عنه قيد أنملة ، وهذا مما لا شك فيه حصار للفكر و حجر علي عمل العقل من الإنطلاق في عالم الفكر الفسيح.
لذلك إذا نظرنا إلى التاريخ نجد أن الذين تحرروا من القولبة أو الإطارات الجامدة صاروا عمالقة في كل شيء بدءا من الصحابة الأفذاذ و مرورا بالعلماء العظام أمثال ابن سينا و ابن الهيثم وابن النفيس و الخوارزمي و الفارابي و البيروني و القادة العظام أمثال صلاح الدين و قطز محمد الفاتح و في العصر الحديث مصطفي محمود و الغزالي .
و عكس ذلك نجد أن الإطار ليس حجابا للعقل و التفكير فحسب بل هو أوسع الطرق المؤدية إلي الفشل و التقزم و إذا طبقنا هذه المقولة علي كل شيء نجد أن القائد العسكري موضوع في إطار و قالب لا يخرج عنه من الأوامر الصارمة و طاعتها والحياة العسكرية القاسية فإذا أصبح رئيسا فإن نهايته إلي الفشل لأنه لا يعلم إلا السمع و الطاعة و الأمر والنهي و من يعارضه أو يراجعه فإن مصيره إلي الهلاك لا محالة، حتي أستاذ الجامعة إذا اشتغل بالسياسة و صار هو الآخر رئيسا فلا بأس و لكن عليه أن يكون سياسيا و يتعلم لعبة السياسة ويأتي بحكومة متكاملة تجمع كل الأطياف و المجالات من الإقتصاد والسياسة الخارجية و الإجتماع و غيرها من التخصصات التي يتقنها أصحابها لينهض بوطنه وسوي ذلك مصيره للفشل.
أما إذا تعمقنا في أوساط المجتمع و الجماعات سواء جماعات مجتمع مدني أو جماعات ذات مرجعية دينية فسنجد نفس الأمر في أفراد هذه الجماعات
فالإطار الفكري للجماعة سيطر علي عقولهم و تفكيرهم و جعلهم في قالب جامد لا يخرجون عنه إلا بما تسمح به أطر الجماعة و فكرها و لوائحها و بذلك يهمشون فكريا ومجتمعيا كما يفعل اليابانيون بقولبة الفاكهة علي أشكال هندسية مختلفة تنحصر فيها و لا تخرج عنها ….
و كما يقول رجال التنمية البشرية بالتفكير دائما خارج الصندوق …لماذ؟!
لأنه يعطيك حرية الفكر و إعمال العقل و إنتاج فكرا و أفكارا كبيرة و عظيمة كما أينشتاين حينما تحرر من كل القوانين الفيزيائية التقليدية فأنتج النظرية النسبية التي حارت البشرية في فهمها حتي هذه اللحظة الراهنة.