جسور الإبداع وصناعة الأصنام الادبية

د. نجاة صادق الجشعمي | ناقدة عراقية تقيم بالقاهرة

وقفت حائرة خائفة مترددة كثيرا من ان اكتب لان الكتابة فن وموهبة وقدرة ولغة تعبيرية قد اكون اجيدها لكن قد لايجيد فهما الاخر واكون قد سأت استخدامها او حكمت على الحروف بألاعدام مع سبق الاصرار من الاخر…لكن تعالوا معي هنا وانظروا الى هذه الحروف بمنظار الجمال والرقة والنقاء .كل منا يصادف في حياته اشخاصا ايجابين وسلبين ومنهم خليط بين هذا وذلك قد يكون لهم مفاهيم ومعلومات خاطئة وقد تكون صائبة تجاه الاخرين..هنا وقفت استذكر كل شخص مر في حياتي سواء في التعامل اليومي او العملي أثناء مسيرتي العملية في سلك التدريس لمدة ٣٧ سنة او من خلال العشرة الزوحية او الصداقة او في الاوساط الثقافية والادبية والفنية لكن للاسف اكتشفت كل هذه الأوساط والاشخاص حتى من يسمون انفسهم مثقفون وقفوا حائلا كجدار بارليف دون اندماجهم مع البعض الاخر او تقبلهم الاخر. ياترى هل سألنا انفسنا لماذا؟؟؟
الجواب..هو الاحكام المسبقة التي نطلقها على الاخرين منذ ان تقع نظرتنا الاولى عليهم حتى دون التقرب منهم مثلا:
هو متكبر ،مفرور،مشاكس، متمرد، يحب المشاكل ، لوكي، وصولي، عبقري، متنمر، متفرد بالرأي ،معارض، طماع، متكبر، خائن، مجحف، عاق، ساقط خلقيا، وكل هذه الأحكام صنعتها انت عزيزي واصبحت اصنام انت من خلقها من مبدأ حب الذات والانانية والانا التي استحوذت على ذاتك عزيزي القارئ الكريم. حكمت دون مراعات الاسس الصحيحة التي يستوجب عليك ان تتقرب من الاخر لتحكم عليه ليس من خلال النظر ولا الملامح فهذان ليس كافيان بانتحكم على الانسانية واخلاق الناس بمجرد غاية في نفس يعقوب..فالناس معادن حادثهم وبادلهم الافكار والتحدث إليهم على اساس المعرفة وليس على اساس نحب او نكره اشخاص معينيين قد كنا التقينا بهم مرة الكرام او لم يحالفنا الحظ ان نلتقي بهم لكن سمعنا من فلان وفلانه تقول هذا عليهم …هنا سؤال آخر اطرحه عليك عزيزي القارئ الكريم…هل اللقاء الأول او النظره الاولى هي النظرة الصائبة التي تحدد حكمك على الاشخاص؟؟
هل اللقاء الأول او النظرة الأولى لصديق لك او قريب لك قال او نقل لك هذه النظرة والصورة عن هذا الشخص تحدد حكمك عليه بالارتياح او النفور؟؟؟اذا انت هنا منقاد الى الاخر وحكمت بحكمه الذي يعتقد انه صائب لأنه مريض نفسيا بصناعة الاصنام وتدمير العلاقات الإنسانية والاشخصيات المعروفة والمبدعة كل حسب مجال اختصاصه..فمن خلال هذه الحروف والكلمات والجمل التي صفت على السطور ليس بمداد بل بحرقة القلب وغصة الروح ومسألة الضمير ساحاول ان اقول لك عزيزي القارئ الكريم والكلام موجه للجنسين المذكر والمؤنث ..ارجوكم ارجوكم اتقوا الله في إطلاق الأحكام على الاخرين من دون معرفة حقيقية لهم فهذا والله منتهى الاجحاف…فعل تعتقد عند ما تلتقي بشخص سوي لأول مرة يظهر منه القبول والاحاسيس والمشاعر تجاهك من الطبيعي لا والف لا فهناك ثلاثة امور يجب عليك مراعاتها في حكمك على الاخر وهي :
القبول اي ان تتقبل اي تصرف من الشخص حتى وان كان مخالفا للمبادئ التي انت تسير عليها انتظر لاتحكم..
ثانيا : لاتنبذ لانك سترفض اي تصرف حتى لو كان عقلانيا وفي حدود الادب …لانك حكمت قبل ان تسمع الراي الاخر .
ثالثا وهو المهم حسب ما اعتقد وممكن ان اكون مخطئة او صائبة الا وهو
ان تحدد مشاعرك او موقفك تجاه الاخر من خلال الاشخاص الذين تعتبرهم لايخطئوا تعتمدهم قدوة لك او انبياء او من يخططوا لك ويوجهونك مهما كنت وفي اي مستوى اجتماعي او ثقافي او علمي فاحرص على حكمك على الاخر من خلال الاعتماد على المعرفة عن قرب والعقلانية بدلا من الاستماع للبدائل البشرية المستمرضة بداء الغباء والكره والحقد على الاخر وقد تكون الغيرة أحيانا تجعله يطلق احكام ضيقة لاستيائه من شخصية الاخر التي تطغي عليه ويكون الأفضل منه خلقا واخلاقا وابداعا في مجالاته العملية وهذا مايحدث غالبا في الوسط الثقافي فكثيرا ما نجد ونسمع ونقرأ الآتي..
الكاتب الفلاني يتمتع ببصيرة وكلام عذب واسلوب جذاب في الحوار والحديث فيأسر قلوب الكثيرات يشعرن بالارتياح لما يقول او يكتب حتى وان كانت الكتابات تافهه دون معنى ولا هدف فقط من أجل الاخريات ان يعلقن ويتمتعن بهذه الكلمات لكن لو تمعنا بكتابات الكاتب الفلاني المبدع والمتميز والكبير ووووو …الخ من المسميات نجد انه يجهل التعبير عن رايه في موضوع ما يلجأ للاستشارة من هم دون مستواه علما وسنا يسئ للاخر دون مراعاة لمشاعر من امامه يحاول سحق الاخر دون اكتراث مثل هؤلاء الكتاب ينفر منهم الآخرون بالطبع من سوء بعض التصرفات التي تكون سببا للرفض من قبل الاخرين او اختلاف المفاهيم لدى هؤلاء الكتاب بين كاتب وآخر قد يكون للاخر دور مهم في الحياة الاجتماعية فيتأثر به الاشخاص بمنطقه ومظهره انسانيته احترامه للاخر ومساعدته والاخذ بيده للابداع دون غرور وتبجح لان مثل هذا الكاتب يمتلك نظرة ثاقبة في كل شيئ وهذا ما نطلق علي الحدس والبصيرة لدى هذا الكاتب وهم صفوة كما ذكر الكاتب السيد حافظ في احد تسجيلاته ليوم امس المصادف ١٤/١٠/٢٠٢١من يوم الخميس مابعد العصر انه من الصفوة ولو عدنا بشكل متسرع الى ما كتبت فهذا يكون دليل قاطع على كلامي ان الكاتب لايكون منغلقا على نفسه وكتاباته وفي اطار عائلته بل ينطلق للاخر دون تشويه للصور الإبداعية والتقليل من ايجابية افكار الاخر فكل كاتب له فكره وطريقته في الصناعة والصياغة وكل الافكار تنصهر في بودقة الذوق الفني والأدبي من أجل اعلان انطباعات الكتاب الفنية والإبداعية وتقربهم من بعض في عديد من جوانب الابداع لاجل القضية والعلاقات المستقبلية للواقع الإنساني في عالمنا العربي والإسلامي سواء شكلا او مظهرا باعتقادي هذا هو الانعكاس لما هو في دواخلنا يظهر على شكل تجارب متمثلة في القصة ..الرواية….المسرحية….الشعر….النقد وباقي الاجناس الادبية الأخرى كذلك ممكن ان يكون مجرد شعور براحة نفسية تجاه أي جنس من الاجناس الادبية متضمن مدى ثقافة ومنهج وطريقة وتفكير الكاتب المبدع واخيرا اختم مقالي هذا بأجمل ما قرأت من نصوص الكاتب السيد حافظ على سبيل المثال لا الحصر .. (وكنت على شفا عشقك لولا برهانربي فعدت إلى كافي ونمت سنين عددا…حين ترين الفراشات على كفي في النساء والصباح لاتنزعجي فهن قلوب نساء عشقتهن وعشقنني…فتذكرنني وذكرى الحب فراشات تطير…عفوا قلبي اليوم بذكر الله مشغول فلا تقولي ولا أقول .)
وهكذا الحكمة العربية تقول: (المرء مخبوء تحت لسانه )…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى