الوطن المخطوف والغباء الموصوف والفوضى العارمة
يونس العموري | فلسطين
في ظل الوطن المخطوف والغباء الموصوف، والفوضى العارمة ، والضياع ، والتيه والتوهان والفشل في إدارة الشأن العام ، والنهب والفساد والإفساد ، والسقوط بلا قاع ، وانهيار الأطر الوطنية، وطمس الحقائق ، والتخلي عن الحقوق ، والتفريط ، واعتلاء منصة القيادة من قبل سماسرة العهد الجديد ، والقبول بأطروحات ( شلومو وديفيد) ، ولبسة الدشاديش في بلدان النفط والغاز والكاز ، بات ما يعرف بالتمسك بالثوابت الوطنية على الأسس العروبية القومية ومن يلتزم ويتمسك بمفاهيم وقوانين مرحلة التحرر من الاستعمار المطبق سيطرته على العباد والبلاد يصبح بأعراف ارباب النظام الحاكم فاشلا ومجنونا وقد يصبح ايضا الكافر في اعراف الاخرين الشركاء بشكل او باخر في النظام الرسمي الحاكم هنا بالأرض السمراء، سيدة الأرض وعاصمة المعمورة.
وفي ظل السجال، وتجاذب فنون الكلام، واعتى ارقي اشكال الهرطقات السياسية، يبدو المشهد الفلسطيني اكثر بؤسا والأكثر مدعاة للسخرية بذات الوقت، حيث اختزال كل القضايا الوطنية في اطار السجال الكلامي، وحرب التصريحات ما بين امراء التصارع هنا وهناك ، في الوقت التي تبدو فيه الكثير من الحقائق غائبة او مغيبة، بفعل ضرورات هكذا سجال في ظل وقائع العهد الجديد، وما يلفت الانتباه هو طبيعة مسار التصريحات الفلسطينية على مختلف توجهاتها السياسية سواء أكانت المنطلقة من تلك المدن القابعة على الساحل الفقير في جنوب الجنوب ( غزة ) والتي تمعن في سيطرتها المطلقة على القطاع على اعتبار انها راس الشرعية والدستورية القانونية الفلسطينية او أكانت تلك المتمترسة في عاصمة السراب للحلم المتلاشي ، وحيث ان الشرعية أصبحت بلا شرعية والسلطة بلا سلطة وجنرال إسرائيلي من الرتب الدنيا هو من يحدد المسار والمسير والمصير.
فهي فوضى الظرف الراهن، وفوضى المفاهيم وخربشة في منظومة الوعي، حيث تحولت الفوضى السائدة الى نظام بات مُمأسسة على كافة الصعد ومختلف المجالات، وهي الفرضيات التي تغزونا ليل نهار وربما بلحظة نتوه وتتوه معنا كل اشكال امكانية التنبؤ بحقيقة المستقبل القريب لطبيعة النظام المُراد له ان يسيطر على الساحة الفلسطينية في ظل الانهيارات الكبرى الحادثة لمنظومة واسس النظام الفلسطيني وبالتالي لمنظومة النظام الرسمي الحاكم في إطار السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وتغير معالم الخارطة الوجودية لهما ، بمعنى منطلقات هذا النظام واسسه ، وحقيقة توجهاته وارتباطاته بالتحالفات الإقليمية وبالتالي الدولية ومدى التمسك بالخيارات التحررية في ظل الفوضى السائدة وضياع بوصلة التوجه نحو الهدف الوطني والمتمثل بالتحرير والتحرر، وفي ظل كل هذه الفوضى يفرض السؤال ذاته هنا وما زلنا بانتظار اجاباتهم على هذا التساؤل والمتمثل بماهية الخيارات المطروحة او التي في جعبة هذا النظام الذي يعيش بأتون الفوضى العارمة ..
وهنا لابد من الإشارة ان الكثير من الخيارات والاختيارات المطروحة والطارحة لذاتها تتزاحم في عوالم الكثبان الرملية ، فثمة من يسوق ويحاول بشتى السبل والوسائل الترويج للمشروع التسووي التفريطي ، رغم فشله وافشاله واعتراف اركانه جهارا نهارا بهذا الفشل ، وتعزيز مفاهيم مشروع السلطة على انقاض اتفاقية أوسلو وتوابعها والاستمرار بحكم مناطق السلطة وان كان بشكل وهمي كوكيل للاحتلال حيث يتناقض هذا المشروع بشكل مباشر مع مفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران وفقا لما يسمى بالمشروع الوطني والذي بات مشروعا هلامي الشكل والمضمون وغير مستند الى قواعد وروافع فعليه لإسناده ، وفعليا هذا المشروع غير قابل للتحقيق في ظل تغول الاستيطان في مختلف مناطق فلسطين ال 67 وغير مستند أيضا للدعم الإقليمي الدولي برغم من الشعارات الكبرى الفارغة المضمون التي تتصدر المشهد الإعلامي الغوغائي .
وعلى الجانب الاخر من المشهد الجغرافي التقسيمي لفلسطين حيث ما يسمى بالمحافظات الجنوبية ( قطاع غزة ) ، هناك من يطرح اطروحته القديمة الجديدة بالعمل على إقامة الخلافة الاسلامية الراشدة واعادة الاعتبار لها والبيعة واجبة ومن يموت في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية وللمرشد العام ان يحدد حقيقة وطبيعة شكل البيعة ومجلس الشورى يباشر فتاواه دون حسيب او رقيب وله حق الولاية على ذلك ، والصراخ والضجيج بات سيد الموقف هذا على الضفة الاولى المقابلة لبحر تلاطم امواج التناقضات والخربشات التي تعصف بها الساحة الشرق اوسطية عموما وبالمقابل يتصاعد نجم الليبرالية الجديدة التي باتت ترى في الاوطان والاقطار مشاريع بزنس للشركات عابرة القارات والمتعددة الجنسيات ذات النظرة المعولمة وللعولمة حساباتها الراشدة…
ويحاولون ان يسموا انفسهم بالكثير من الاسماء والعناوين ويكفرون من يختلف معهم وقد يخرجونه من الملة ومن الأمه وحينما يعتلون المنصة يعلنون انهم يملكون الحقيقة الحصرية ويحللون ويحرمون ويؤججون الفتن ومن يتجرأ من العامة الفقراء على ممارسة نمطه الحياتي الطبيعي فحتما هو الزنديق الفاجر بأعرافهم ولابد من ممارسة كل وسائل الترغيب والترهيب حتى يكون واحدا من رعاياهم … وان كان من سادة القوم او من النخبة فثمة الكثير من الوسائل من الممكن التعاطي معه من خلالها لعل اهمها اتهامه بالكفر والتجنح واقامة الدعاوي عليه، ومطارده احقيته بالعيش ، فهناك التكفير والاتهام بالزندقة ، وهنا التهمة معلبة وجاهزة بالتجنح والخدمة لأجندات أخرى .
في ظل الفوضى والفوضوية نلاحظ ان الصغار قد صاروا السادة ، وان ارباب العمل المشبوه قد اعتلوا المنصة واصبحوا متحكمين برقاب العباد وقد اضحوا الملوك ، ولم يغيروا شيئا عما فعله من كانوا متهمين قبلهم بالتفريط وبيع المقدسات والاقداس في مزادات الاسواق الاممية بل انتظرنا طويلا حينما قال السيد الكبير في بلاد العم سام عن ان القدس لن تكون الا العاصمة الابدية للدولة العبرية وانتظارنا طال لسماع الصوت الهادر من اركان القلاع الحاكمة ، بصرف النظر عن تموضعهم الايدلوجي او الفكري ، او منطلقاتهم السياسية ، وكان الكلام فارغ المضمون والمعنى والشكل والتوجه ، والفعل هزيل.
والفوضى باتت هي السائدة، وللفوضى قوانينها، هناك من يعمل على ترسيخها كمنهج بهدف التسلل من خلالها لإنجاز المُراد تحقيقه، وبلا شك وفي ظل كل هذه الفوضى سيكون الضياع المبرمج للقوانين وانتهاكها ، وشرعنه لسياسات النهب ، ومطاردة الحالمين المدافعين عن الحقوق، وقتل من يحاول ان يعيد الأمور الى نصابها الصحيح ، وكبار كهنة معبد الفوضى يعملون على تقويض اركان الحلم بالوطن الحر السيادي بما يليق بنضالات هذا الشعب وحقوقه.