ولن أحب سواها (3)

شرين خليل | مصر

اللوحة للفنان يوهان جورج ماير

وفي اليوم التالي أرسلت حارس العمارة إلي والدتها ليخبرها بأنني أريد أن أتحدث معها وبالطبع وافقت وذهبت لها في وقت وجود مروة في العيادة وقابلتني بالترحاب والغريب أنها كانت منتظرة مني هذه الزيارة فهي تريد أيضا أن تتحدث معي ودار بيني وبينها هذا الحوار :
– يا إبني أنا كمان عايزه أتكلم معاك ، مروة حكت لي على كل اللي إنت قلته لها وقالت لي إن هي رفضت طبعا.شوف يابني مروة بنتي صاحبة مبدأ وإستحالة توافق ترتبط بواحد ساب خطيبته عشانها ،الموضوع ده مستحيل.فياريت ما تحاولش وخلينا جيران وأهل وربنا يكتب لك الخير …
– أنا كده كده هسيب خطيبتي، مروة ملهاش ذنب أنا اللي إتسرعت في خطوبتي ..ولا أنتو شايفين إني مش مناسب لها ؟؟
-إنت إنسان محترم وماتترفضش لكن الظروف كده هانعمل أيه ،كنت أتمني أطمن عليها وأفرح بيها لكنها واخده قرار ومش هاتتراجع فيه أبدا وبقولك إنها مش هتوافق أنا قلت لك ريح دماغك وإرجع لخطيبتك وعيش حياتك وخليك في حالك وإحنا في حالنا ومعلش يابني هاستأذنك تمشي قبل مامروة تيجي ، شرفت يابني.
خرجت وأنا غير مقتنع تماما بما قالته لي ولدي إصرار علي مقابلة مروة فهناك شئ غامض ولابد أن أعرفه .
إنتظرتها أمام العمارة في موعد عودتها ،عندما رأتني حاولت أن تتجاهلني وتبتعد عني ولكني لحقت بها .
-مروة ، أنا محتاج أتكلم معاكي مش هارتاح غير لما أتكلم معاكي…أرجوكي …
– أنا قولت لحضرتك إن الموضوع منتهي .
-أوعدك إن دي هاتكون أخر مرة بس إديني فرصة أنا فعلا محتاج أتكلم معاكي وصدقيني مش هاضايقك بعدها.
– ممكن حضرتك تشرفنا كمان ساعه ….
-أشكرك بجد أنا سعيد إنك وافقتي ،أشوفك كمان ساعة .
ذهبت لشراء الورود وبعض الحلوي للأطفال وجلست في سيارتي أنتظر مرت الدقائق وكأنها ساعات .وبمجرد إنتهاء الساعة ذهبت لها مسرعا وطرقت الباب وأنا متلهف للقاء،قابلتني بإبتسامة ساحرة ولكنها مليئة بالحزن أيضا وقالت :إنت عشان حد كويس ومحترم أنا هكلمك وأفهمهك كل حاجه …. الموضوع بإختصار إن إحنا كنا أختين وعايشين عيشة كويسة جدا والدي كان مقاول كبير وعنده شركة كبيرة ومعروف عنه الأمانة والثقة والصدق لحد ما في يوم واحد دخل معاه وشاركه في مشروع كبير ،،بس للأسف كان راجل نصاب وأخد فلوس من الناس وأضطر والدي يبيع كل حاجه و كل أملاكه عشان يسدد الناس… طبعا النتيجة كانت سيئة على صحته و حالته النفسية …ماستحملش اللي حصل وتعب وتوفي بعدها علي طول … أختي منال هي الكبيرة كانت لسه مخلصة كلية تربية و مخطوبة لواحد كويس من عيلة كويسة لكن أهله كانوا عاوزينه يسيبها لما ظروفنا بقت صعبة لكنه إتمسك بها وإتجوزا وسافروا الخليج وإشتغلوا وكافحوا وبدأوا من الصفر ووقفت جنبي وساعدتني لإني وقتها ماكنتش عايزه أدخل كلية الطب عشان سنينها طويلة ومصاريف كثيرة ،منال صممت وقالت مش هخليكي تتحرمي من حاجة أبدا وفعلا دخلت الكلية وإجتهدت وتفوقت ومنال دايما جنبي حتي بعد ماتخرجت ساعدتني في تأسيس العيادة وكانت ماما بتحوش لها فلوس وأشترت لها بيت وأشترينا الشقة دي وبعنا شقتنا القديمة ،منال كانت بمثابة الأب بالنسبة لي ،لولاها ماكنتش وصلت للي أنا فيه دلوقتي ،لكن الفرحة دايما مابتكملش .في يوم من الايام قررت إنها تحج هي وجوزها و سابت ولادها عند الجيران وسافرت السعودية وبعد الحج وهي راجعه هي وجوزها إتقلبت بيهم العربية والإثنين إتوفوا …وسابت أروي وأنس وأنا من ساعتها أخدت علي نفسي عهد إني هاعيش لهم وأربيهم وأعتبرهم ولادي، دا جزء بسيط من رد الجميل . عشان كده قررت إني مش هاتجوز …فياريت تبعد بقي عني وتسيبني في حالي …ياريت ترجع لخطيبتك اللي ملهاش ذنب …وتنساني …أنا مش هاتجوز …..بتهيألي كده أنت عرفت كل حاجه .
– اللي عرفته دا يخليني أتمسك بيكي أكتر ،إيه اللي يمنع إننا نتجوز وأنس وأروي معانا …أنا هابقي ليهم أب …صدقيني …عمري ماهقصر في حاجه بالعكس هاكون جنبك وأساندك ..
-أنا قولت لك اللي عندي … والموضوع غير قابل للنقاش …وكفايه بقي كده يا أستاذ هادي ،بعد كده مش هاتكلم معاك لو فتحت الموضوع دا تاني نورتنا ،،،،وإبقي إعزمنا علي فرحك ..،..
خرجت وأنا حزين لكن بداخلي يقين بأنها تبادلني نفس الشعور .
ذهبت إلي البيت لأجد أمي في إنتظاري وهي غاضبة فأنا لم أذهب لخطيبتي . بدأت أمي كالعادة في إلقاء عبارات اللوم والعتاب فهي لا تعلم مابداخلي من حيرة وألم .طمأنتها بأنني ساذهب لخطيبتي ولكنها لا تعرف بأنني سأذهب لأخبرها بأنني لن أتزوجها …..
وذهبت لها بالفعل ….وبدأت الحوار معها وكانت المفاجأة أنها تعرف أنني أحب غيرها ولكنها لاتعرف من التي أحبها وقالت :
أنا عارفه كويس أنك مش بتحبني وخطبتني بناءا علي رغبة أهلك وأنا كمان وافقت عشان إنت إنسان كويس وقولت لنفسي الحب هايجي بعدين لكن للأسف الحب مجاش يا أستاذ هادي وأنا إستحالة هاتجوز واحد قلبه وعقله مش معايا أنا عارفه إنك لسه بتحب أم بنتك وروحك فيها وكل أهل البلد عارفين دا كويس إنت كنت بتراضيها وتسمع كلامها وتعبت لما أنفصلت عنها وخطوبتك مني كانت مجرد علاج ودوا للنسيان ،إحنا للاسف إستعجلنا ودي مش غلطتك لوحدك دي غلطتي أنا كمان كان لازم أخد وقت كافي في التفكير وأرفض إني أكون بديل .
طبعا إنت ساكت ومش قادر ترد لأنك عارف ومتأكد إن كلامي صح .إنت حتي لو قولت لي إنك بتحبني مش هاصدق لإني مش حاسه بالحب دا .الحب بيبان ياأستاذ هادي حتي لو حاولنا نداري ،الحب عمره ماكان بالأمر ولا بالإكراه .وإنت مقدرتش تحبني ،أنا برفع عنك الحرج وبقولك إحنا لازم نسيب بعض ..
-كنت أسمعها وأنا أنظر إلي الأرض ،أشعر بالخجل منها ولكني قلت لها : غصب عني دا شئ خارج عن إرادتي ، إنتي فعلا إنسانة رائعة ، تستاهلي الأحسن مني ،قاطعتني : ملوش لازمة الكلام دا أنا مش زعلانه بالعكس كده كويس إننا نلحق نفسنا وإحنا لسه علي البر.، .شوف يناسبك إمتي عشان نكمل باقي الإجراءات .
-وقبل أن أرد عليها جاءني إتصال هاتفي ،إنها أمي،
– نعم يا أمي ،خير ،،
-تعالي بسرعه ياهادي ضروري ضروري ..
-خير ياأمي طمنيني …
إنقطع الإتصال ..تركت خطيبتي وذهبت مسرعا للمنزل ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى