فدوى اللبدي .. طاقة متوهجة وروح كفاحية مدهشة وإصرار على التغيير
محمد زحايكة | فلسطين
هذا البريد الإلكتروني للسيدة فدوى اللبدي لمن أراد التواصل معها: labadi.fadwa@gmail.com
لم يعد الصاحب يذكر بالضبط أو على وجه الدقة، اللقاء الأول الدي جمعة مع إحدى فارسات القدس والنضال العنيد والمثابر ضد الاحتلال الذي تجسد بإنسانة مكافحة ذات معنويات عالية وروح تفاؤلية عميقة ألا وهي فدوى عبد الله اللبدي من حواري بلدة أبو ديس وعرين “الجبهة الدانمركية” على رأي محبي المزاح والتندر الجميل اللاذع من أصحاب النفس النوابي والنزاري وربما الناجي العلي..
فما زالت ملامح هذه الفارسة المقدسية تموج وتضطرب في مخيلة الصاحب وهي تتحرك وتتطاير كالفراشة من نشاط إلى اخر ومن فعالية وطنية إلى أخرى في شوارع القدس في مهرجانات أو اعتصامات أو مسيرات تنتهي عادة بالصدام مع قوات الاحتلال عندما تعلو الهتافات بحياة فلسطين وعاصمتها القدس، فتتطاير الحجارة والزجاجات الفارغة وزخات الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المدمع، وبعد انتهاء المواجهة تنسحب فدوى كلبؤة غاضبة تمتلء حقدا ثوريا على الغزاة الطارئين.. وما زالت صورتها بعد إحدى المواجهات في منطقة باب العمود وهي تتجه ناحية الشرق صوب باب الساهرة بمحاذاة سور القدس وقد تمنطقت بجرزة ربطتها على خصرها بسبب ارتفاع درجات حرارة الجو ولهيب المواجهة مع العدو ..
وكان الصاحب يصادف فدوى اللبدي في عدد من المؤسسات المقدسية وخاصة نادي الموظفين الذي كان يمور بروح وثابة في مقارعة المحتلين من خلال جملة من النشاطات والفعاليات الثقافية والفنية والطوعية ولكن بعد تعرفه على أخويها محمد وماجد وبعد توثق علاقته بالأخير زارهم أكثر من مرة بعد أن اصطحبه ماجد إلى بيتهم في أبو ديس، ليكتشف الصاحب بيتا متواضعا ولكنه دافئا ومليئا بالحيوية والنشاط، تشعر بأن ساكنيه هم خلية نحل دائبة العمل، وأن بيتهم ملك عام أو مشاع لكل المناضلين وعلى اختلاف توجهاتهم وميولهم الحزبية والوطنية كما ذكر الرفيق جمال أبو علي دندن في إحدى سردياته الجميلة حول هذا البيت الجامع الثائر وصاحبته الأبرز فدوى.. حيث تشعر أن فدوى بمثابة أم ثانية لأخوتها وعائلتها الكريمة النبيلة..
وتحضرني قصة غريبة عجيبة عندما قادني أفراد العائلة وعلى رأسهم ماجد اللبدي أبو عبد الله إلى بيتهم في أبو ديس ذات مرة في بداية الثمانينات من القرن العشرين عندما كنت طالبا في جامعة بيرزيت وصحفيا في جريدة الفجر لمشاهدة شيخ كبير في السن يقوم بحركات غريبة وتسمع منه حكايات أغرب من الخيال هو حسن محمد عبدالله اللاوي اللبدي والذي تتلخص قصته بنسيانه في سجن عكا الكبير والداخل الفلسطيني منذ زمن الانتداب البريطاني في أواخر الثلاثينات حيث قضى نحو 40 عاما وراء الشمس بتهمة طعن جنود بريطانيين حتى الموت ونجا من الإعدام بأعجوبة. وعندما نشرت الحكاية العجيبة في جريدة الفجر تركت أصداء واسعة في الشارع وخاصة في جامعة بيرزيت عندما ألصقت على لوحة الإعلانات العامة للطلبة وقراها المئات وتأثروا بها وكان محرر الفجر في ذلك الوقت زياد أبو زياد ابو طارق قد نشرها في مكان بارز بعد ان ادخل بعض اللمسات على عنوانها الرئيسي. وكانت هذه القصة بمثابة سبق صحفي للصاحب اللاهب ويعود الفضل فيها إلى عائلة اللبدي وإلى فدوى صاحبة الشخصية النسوية الكارزمية التي كانت تدير الأمور بحزم ولكن بطريقة لطيفة فيها كثير من الحب والاحترام .
ولم يقتصر نضال فدوى اللبدي على الدفاع عن حقوق المراة الفلسطينية ببعده الوطني والإنساني ولكن كانت لها صولات وجولات ومساهمات في حقل التعليم بمدارس مختلفة في منطقتي القدس وبيت لحم إلى أن وصلت إلى مراكز علمية رفيعة رغم مسيرتها النضالية الصعبة وما واجهته من إجراءات وعسف المحتل هي واشقائها وشقيقاتها من توقيف واعتقالات وحجز حريات في الحركة والتنقل والأبعاد وكل صنوف القمع والتعذيب.
فدوى اللبدي .. عطاء لا يعرف الحدود وصمود على الخطوط الامامية في مواجهة عسف المحتلين ورفض الاستكانة للواقع الأليم بل روح متمردة تسري في أعماقها هي وعائلتها المناضلة، للانتفاض من اجل التغيير والخلاص. ورغم حالة الانهيار والتراجع المخيفة التي تمر بها الحالة الفلسطينية اليوم إلا أنه يمكن لنا أن نستعيد وهج هذه التجارب النضالية الفلسطينية إذا أخلصنا النوايا وجددنا العزم والإرادة، لأنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح وإن نضال شعبنا لا بد وإن يثمر الحرية والاستقلال مهما طال الزمن.
فدوى اللبدي إنسانة رائعة بكل المقاييس. أدركت مبكرا الطاقة الجبارة التي تمتلكها المرأة الذكية الواعية التي لا تقبل الركون والاستكانة والرضا بما قسم وإنما حمل السلم بالعرض والنزول إلى ميادين الكفاح مع الاستعداد لدفع الثمن مهما كان غاليا. لفدوى وأخواتها ورفيقاتها نرفع القبعة ونحني الهامات.
نشرت اسمي وعنوان الاليكتروني ولا يوجد عندي موقع اليكتروني
السيدة المبجلة فاطمة اللبدي تم إرفاق بريدك الإلكتروني تحت اسم الكاتب محمد زحايكة وإشارة للقراء لمن أراد التواصل معك