“هآرتس” تكشف عن مجازر جديدة لجيش الاحتلال مُتكتم عليها إبان النكبة

تقرير صحيفة هآرتس

” قتل واغتصاب “

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في ملحقها الأسبوعي الأخير، الخميس الماضي، بعض وثائق جرائم ومذابح قوات الاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني عام 1948.

وهذه الشهادات والوثائق التي تنشر للمرة الأولى حول مجازر ارتكبها جيش الاحتلال بحق شعبنا عام 1948 لم تكن معروفة من قبل، بالإضافة إلى تفاصيل جديدة عن مجزرة “الحولة”.

وقالت “هآرتس” في تحقيق صحفي مشترك مع “معهد عكبوت” (اقتفاء الأثر) الإسرائيلي، إن الشهادات والوثائق التي بدأت تتراكم وتتكشف شيئًا فشيئًا، يمكن أن تشكّل صورة أوسع عن المجازر التي نفذها جيش الاحتلال عام “النكبة”، ودون أدنى شك أن القيادة السياسية علمت أن مجزرة “دير ياسين” لم تكن الوحيدة.

ولفت التحقيق إلى أن “المجازر استهدفت الفلسطينيين العزّل، مسنين ونساء وأطفالا”، مشيرًا إلى أن “العمليات العسكرية نفذت في الشمال والجنوب، وخلال ثلاثة أيام احتل الجيش لمنطقة الجليل”.

وأضاف التحقيق: خلال 30 ساعة تم احتلال عشرات القرى العربية في الشمال، وآلاف العرب هجّروا من بيوتهم وقراهم، وغالبيتهم لم يشاركوا بالحرب مع جيش الإنقاذ العربي.

وأوضح تحقيق “هآرتس” أن 120 ألف فلسطيني تبقوا في منطقة الشمال بعد احتلالها، من بينهم كبار السن والنساء والأطفال، والذين بات مصيرهم بيد جيش الاحتلال، حيث ارتكبت بحقهم مجازر وجرائم حرب بشعة، وفقًا لوثائق تتضمن رسائل ومذكرات كتبها الجنود ولم تنشر، إلى جانب بروتوكولات للأحزاب ومصادر أخرى عسكرية وسياسية سرية للغاية.

قتل 14 فلسطينيا في “الرينة”

وكشفت الصحيفة عن مجزرة الرينة قرب الناصرة، والتي احتلت في شهر تموز 1948، حيث تم اعتقال 14 شخصًا بالقرب من القرية وقتلهم بذريعة أنهم يعملون في التهريب، مشيرةً إلى شهادة الشيخ طاهر الطبري التي تؤكد أن مجزرة الرينة لم تكن الوحيدة، وأن هذه الجرائم نفذت أيضًا لأهداف السرقة لأن عائلات الضحايا أكدت أنها تعرضت لسرقة الأموال التي كانت بحوزتها، والتي قدّرت بالمئات من عملة “الليرة” في حينه.

كما أورد التحقيق معلومات عن مجزرة ارتكبت في قرية البرج، والتي أقيمت على أنقاضها مستوطنة “موديعين” الإسرائيلية، بعد أن احتلت في شهر تموز 1948.

إعدام 4 مسنين في قرية البرج

وحسب الوثائق التي عثر عليها في أرشيف “يد يعاري”، بقي في القرية أربعة مسنين، حيث احتجز جيش الاحتلال سيدتين، إحداهن مريضة، ورجلا في منزل تم قصفه بقذيفة دبابة لكن القذيفة لم تصب المنزل، قبل أن يطلقوا النار عليهم ويقتلوهم ويحرقوا جثثهم، وعندما عاد المسن الرابع إلى القرية، أخبروه أنه تم نقل الثلاثة إلى مستشفى رام الله، إلا أنه لم يقتنع، فأطلقوا عليه أربع رصاصات وقتلوه.

مجزرة في “الحولة” واغتصاب فتاة

ومن التفاصيل الجديدة التي أوردها التحقيق حول مجزرة قرية “الحولة” اللبنانية، والتي تستند إلى وثيقة مصدرها عضو الحزب الشيوعي الإسرائيلي شاؤول ميكونس، الذي قدم استجوابا لرئيس وزراء الاحتلال في حينه ديفيد بن غوريون حول قتل عصابة “الايتسيل” الصهيونية الإرهابية 35 فلسطينيا رغم قيامهم بتسليم أنفسهم وهم يرفعون الرايات البيضاء.

وتشير الوثيقة إلى أنه تم اقتيادهم كأسرى، من بينهم كبار في السن وأطفال، وأجبروا من قبل قائد السرية، شموئيل لهيس، على حفر حفرة وتم دفعهم بقوة داخلها وطعنهم بالرماح وإطلاق الرصاص عليهم وقتلهم.

كما أمر لهيس بنقل 15 فلسطينيا إلى بيت قريب من المقبرة الإسلامية في القرية. وأمر بإدخال العرب إلى إحدى الغرف وهناك أمرهم بالوقوف في صف واحد وفيما وجوههم نحو الحائط… وعندها أطلق لهيس النار بواسطة ستين (بندقية) بيده على الفلسطينيين وأفرغ فيهم صليتي رصاص. وبعد أن سقط الأشخاص، فحص لهيس الجثث وفحص إذا كان هناك أحياء بينهم. وظهرت على بعضهم مؤشرات حياة وعندها أطلق لهيس النار عليهم مرة أخرى”.

كما كشف التحقيق أن شابة فلسطينية عمرها 19 – 20 عاما اغتصبها أفراد ’ألتلينا’ (سرية في “إيتسل”)، وبعد ذلك طعنوها بحربة وأدخلوا عصا إلى جسدها”.

والوحيد الذي حوكم حول مسؤوليته في جميع مجازر عملية “حيرام”، هو قائد السرية، شموئيل لهيس. لكن تمت تبرئته من المسؤولية حيال المجزرة في اليوم الأول وإدانته بالمسؤولية عن المجزرة في اليوم الثاني، حيث حُكم على لهيس بالسجن لسبع سنوات، وتم تخفيف الحكم لاحقا إلى سنة واحدة، وقضى عقوبته في ظروف مريحة في قاعدة عسكرية.

مجازر في الصالحية والصفصاف والدوايمة

وارتكبت قوات الاحتلال مجازر عديدة في عمليتي “يوآف” و”حيرام”، أبرزها تلك التي ارتكبت في قرى الصالحية والصفصاف والدوايمة. وقُتل في مجزرة الصالحية، التي ارتكبها اللواء 7، ما بين 60 – 80 فلسطينيا بواسطة تجميعهم في مبنى وتفجيره. وقُتل في مجزرة الصفصاف 61 فلسطينيا، بعد تقييدهم سوية وحفر بئر ثم أطلقوا النار عليهم. وقتل عناصر اللواء 8 قرابة 120 فلسطينيا في الدوايمة.

وفي شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 1948، عندما تراجعت ضغوط الحرب، تفرغت حكومة الاحتلال للتداول في التقارير حول المجازر، ويتبين من محاضر المداولات بما لا يترك مكانا للشك أن القيادة السياسية علمت بالمجازر التي رافقت احتلال القرى الفلسطينية أثناء ارتكابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى