المبدع علي أيت أوشن  بين التأصيل النصي والنقد الثقافي

د. الغزيوي بو علي | مختبر اللغة والفكر – المغرب

عندما يعود النقد إلى العصر اليوناني، فإنه يكتسب إيحاءات، لأن الإيحاءات المتعاقبة على المفردة اليونانية تتصل بنشاط الفصل والحكم على الشيء واتخاذ القرار، وقد استخدم هذا المفهوم في ثلاثة فضاءات :

1- في بناء العدالة القضائية، كما حدد عند أرسطو .

2- في لحظة الطب، الذي بدل على اللحظات الحرجة.

3- دراسة النصوص الأدبية.

وعبر هذه الوحدات، اتخذ النقد عدة محطات، منها: قانونية، وطبية، وفيلولوجية. وقد ساد هذا النقد طيلة العصر الكلاسيكي والنهضوي، وأمسى مصطلح “الناقد” يرادف مصطلح الفيلولوجي، وهذا ما نراه في تحقيق النصوص الأدبية، أو دراستها وتصحيحها. لذا أمسى الناقد أيت أوشن يعالج جوهر تجربة الإنسان في غربته عن ذاته ووطنه وما يعترضه من تجارب وخبرات، وذلك ضمن إطار تحليلي نفساني يسبر أغوار شخصياته. لذا أضفر النقد بهذه الحرية التي تمكنه من أن يدرس نفسه ليكون غاية لا وسيلة، فهو وسيلة تخضع للبحث والتدقيق، يقول طه حسين: “إن أصحاب كل علم وحدهم الذين يضعون الإصلاحات لعلمهم”(1)، فهذا الانفتاح جعل النقد يحتل مكانا بارزا في التاريخ الأدبي، ويتصل بنظرية الجبر التاريخي، تلك التي تعتبر “الآثار الأدبية مرأة حياة الأمة حتى لنستطيع استشفاق هذه الحياة من النظر إليه”(2).

بهذا أصبح النقد عند أيت أوشن ليس بندا أو بيانا في ابراز جوهريته، وإنما له أسسه وقوانينه الخاصة، حيث عبره تنكشف الحقيقة الباطنية والوقائع الماورائية التي تفضي إلى الحقيقة، ويقول الناقدان ميجان الرويلی وسعيد البازعی: “أن الحقيقة وجود سابق يسعى النقد للكشف عنه، … لكنها حقيقة ليست سابقة وإنما إفراز للنقد ذاته، فالنشاط النقدي لا يقدم الحقيقة مباشرة، وإنما بطريقة غير مباشرة، وحتى نصل إلى الحقيقة، على النقد أن يحطم أولا الأوهام والمظاهر الخادعة”(3)، فالنقد عند أيت أوشن هو نص مضاعف، يقبل التعدد والانفتاح ويتلون بتلون القراءات، إذ أن منهجه هو بمثابة القانون الكبيرالقابل للتأويل لكل قراءة، حيث يستنطق الحقائق ويسائل المجهول عن هويته، لذا عمل علي أيت أوشن علىالنظر والتفكر على استنطاق هذا المكون والمختفي الأدبي كموضوع اشتهاء وكمتعة، كما يذهب إلى ذلك رولان بارت(4). فهذه الخاصية جعلت الناقد علي لا ينفصل عن فعل المغايرة، والتحقق النسبي، سواء على المستوى الدلالي أو الاكتشاف الطبقي للنصوص. لأن هذه القراءة تعمل على تحويل النص الأدبي من فعل الحرفية إلى فعل الخدعة ومن الأجوف والصامت إلى التكرار المضاعف لأن القراءة هي قراءة إيديولوجية، ظلت متمسكة بالبعد الطبقي والأخلاقي، جاعلة النقد لا يحتمل إلا وجها واحدا هو وجه التطهير، وأن المعنى ليست له إلا حقيقة واحدة. ويقول علي حرب: “والحق أن القراءة الحرفية الظاهرية ليست ممكنة مادام أي شرح يقال حول النص يحمل إضافة أو حذفا، ويحتمل تبديلا أو تغيرا …”(5). فالباحث أيت أوشن علي يرى في النص الأدبي قراءة نقدية تعتمد الخطية التي تجعل النص مسكونا بالوحدة والحقيقة، والنهائية، والسكون، دون أي اختلاف يذكر، لأن في الحقيقة والسكون تتجذر الطبقة النصية وتسأل الرغبة واللذة، ليغدو النص بنية كلية، ومدونة تجمع بين المعطى الفني والتلقي. أما المعطى الفني، فهو يتماشى مع الإيديولوجيا المنبثقة من طرف الناقد، أما مستوى التلقي فهو يصنف الجمهور إلى تكثلات: الجمهور المتحكم في لعبة السلطة والقرار، والجمهور المستهلك (عامة الشعب)، وجمهور الفن المؤول إلخ، وعبر هذين البعدين اكتسبت الإيديولوجيا جوهر خلية طبقية، مع إعلانها على فساد الذوق الذي يؤدب الفكر ويحاول تفسير النص تفسيرا أسطوريا، وهذا الطابع الأسطوري يحتوي الكثير من الأحداث والواقع والواقعية وغير الواقعية، والاستعارات والمجازات، والكنايات. ويقول أمبيدو قليلوس: “إن الإله زيوس (Seus) هو رمز النار، والإلهة (هيرا) رمز الهواء، و(هادس) رمز الأرض، والإلهة (نیسنتيس) ربة صقلية المحلية، رمز الرطوبة، وثمة تعبيرات أخرى كثيرة متشابهة اقترحها فلاسفة إغريقيون آخرون لأرباب وربات هومیروس…”(6).

فهذا التصور يمس نوعية الكتابة النقدية التي جعلت الكتابة تتعامل مع الأشكال الرمزية والتعبيرية اللغوية، واللالغوية، متخذة عدة حقول دلالية وإيحائية رامزة، لهذا اعتبر مؤرخو الأدب أن الكاتب صاحب المعايير الأدبية الذي أدمج الفن الأدبي بالواقع والأنية بالسياسة وغير وجه النص، جاعلا منه طبقات متنوعة منها النافذة والصلبة، وأن كل طبقة تتنوع عن طبقة أخرى، مما جعل المعيار يحتمل الاختلاف في الإخصاب والولادة. وبالتالي فهذا الإرث النصي والنقدي سيجدان أنفسهما أمام مجموعة من الأطروحات المختلفة الرؤی، كأطروحة ميتافيزيقية، وأطروحة سياسية واجتماعية وكذا وظيفية.

عبر هذه الأطروحات لم يعد الناقد علي منعزلا عن الواقع الأدبي، بل هو المؤلف والمبدع، يختبر بصره وإبداعه. لذا يقول نديم معلا: “لم يكن الكاتب الأديب الغير البعيد عن النص، بل كان يلاحق النصوص ويختبر بعدها البصري عن كثب، وقد تكون مثل هذه المتابعة سببا رئيسيا من أسباب قابلية ما يكتب للعرض، واحتفاظه بدرامية مركزة تتأتى عن الشططالكلامي الذي لا طائل منه”(7).

إن النص ولد في العبادات والعقائد، حيث كانت تقام أعياد الاحتفال بالآلهة (ديمتير) و(أرتیميس) و(ديونیزوس)، ولعب القناع والغناء والرقص دورا أساسيا في بلورة هذه الطقوس الاحتفالية، جاعلا من هذه الشخصية عنصر التقاني الجسدي، وكانت أسماء الشخصيات: الساتيريون والكوماستيرن، قد أدمجت الحدث كقضية أساسية، مما أعطى لعنصر الارتجال وظيفة جمالية وتركيبة فنية. يقول الدكتور حسن المنيعي في هذا الصدد: “ومن ثم نستطيع القول إن التيمات كانت معروفة لدی المتفرجين، ذلك أن مغامرة البطل كانت تعرض دائما قصة الإله التي ترمز بدورها إلى الصراع الأبدي القائم بين الموت والحياة، وبين إرادة الإنسان وإرادة الآلهة، ثم حتمية القدر التي تتدخل دوما لتقهر الشخصيات البارزة، وتلقن مبدأ الاستسلام، لذا فإن الدراما الإغريقية تطهيرية، الشيء الذي دفع الإغريق إلى الإقبال على المسرح لا من أجل التسلية فحسب بل لاستوعاء الأساطير التي ترصد مصير الإنسان ككائن تدفعه غطرسته إلى أن يوازي نفسه بالآلهة، فلا يجد حتفه إلا في قدره الإنساني، وهذا هو أساس الفرجة”(8). فهذه الوظيفة للأدب هي محاولة إبراز تطور للنص وللإنسان المبدع، حيث الحركات والطقوس تتخذ عدة توليفات وتخريجات، ذلك أن القارئ يعمل على بلورة هذه الحركات عن طريق المرونة التي تصبح ذاتيته وكذا عن طريق الاندماج الذي لولاه لما كان هناك فن. فالأدب إذن هو رسالة إنسانية تنبعث من ذاتيته وتتحول إلى ذاتية أخرى، مما بجعل المؤلف يخلق شخصيات ثابتة تتوجه بهذه الحقائق المحمولة إلى العالم والإنسان، ثم يأتي الممثل بعد ذلك فيغير مجرى الحدث المندس بالرموز، رغم أنه يعذب أناه الطبيعية، فيحس بنوع من الهلع، لأنه يتخلى من ذاتيته لكي يصبح كائنا آخر. حينها يكون السؤال بعيدا عن نطام المعرفة، ويعود المفهوم بدوره كسؤال إلزامي لا يحاصر التعريف ولا التصور ولا الوظيفة، بل يعلمنا كيف نحاصر أنفسنا بثنائية الصحيح والخطأ ونموقع الحقيقة في بورة السؤال لكي يتم التعامل مع المعيش بكيفية ما، لأنه تشكل مجالا خصبا وهاجسا مفتوحا لا تقف عند كل التعاريف المعروضة في العالم، لأنها تظل تواجه صعوبات جمة تتمثل في كثرة المناهج من جهة وفي تداخل مكوناتها وتقاطع أهدافها وأغراضها من جهة ثانية، ومحاولة هذه المناهج البحث عن تميزها في خارطة النقد الأدبي – بعامة – “(9). فالباحث أيت أوشن في متونه يدرك أن هذه المقاربة لا تدعي الشمولية ولا تكون ضد الموضوعية العلمية، بل تعتمد على أهم المحطات التي لازالت مهيمنة على الساحة، سواء على مستوى الكتابة النصية أو على مستوى الإبداع. لأنها تشكل دهشة استيتيقية ونمطا من العلاقة التربويةوأصبت عتبة عليا صالحة لكل العصور والأزمان، لأن هذا التبلور القاعدي شكل عدسة تفكير أيت أوشن يحررها من سؤال: ما سر غياب القراءة في صيغتها الأنتروبولوجية والثقافية؟ إن إعادة بنائها على ضوء قراءة مفتوحة ترسم التداخل مع العلوم الإنسانية، وهو ما يمنحها قوة الحوار والهدم والاختلاف المنهجي والوظيفي. وكنتيجة لهذا الموضع التطوري لنظريات والعلوم الإنسانية، جعل البعد النقدي يتخذ شكلا زمنيا وفنا جديدا يتعلم الإنسان عبره كيف يمارس اختلافه وانفراده. لذلك فكل طرح لمشكلة النقد عنده هو العودة إلى التساؤل عن تداخله مع العلوم الإنسانية، من أجل فهم طبيعة التطور الذي صار يفرضه واقع التطور السانكروني والدياکروني. لأن السؤال عن تطور النقد القرائي عند علي أوشن أصبح في أصله مشكلا وجوديا، وقلقا شاملا لما آل إليه من تأويلات وقراءات، فصار منفتحا ومتعدد الجوانب الإنسانية والاجتماعية والحضارية واللغوية.

انطلاقا من هذا كله، سوف يختزل علي أيت أوشن المناهج من خلال الطرح الإشكالي الذي تحكم في مسارها دون الادعاء الشمولی، مع البحث عن استراتيجية جديدة تعقلن الوجود النقدي والتحليلي الذي فرضته الوظيفة الخطابية الراهنة، من هنا انبثق الاهتمام بفحص عادة النص الأدبي في هذه اللحظة التاريخية الانعطافية التي نجدها في كتبه المطبوعة، كاللسانيات التوليدية، ومنهجية تحليل النقد بين المعيارية والوظيفية عند (علي أيت أوشن).

تمثل نظرية النقد عنده نوعا من السفر داخل النص، سواء تشكل في قالب اجتماعي أو حضر بيننا مرجعا ونوعا من النظام، لتأسيس نتيجة الانشغال بسلطان النص، وانصهاره في الغاية التي تنتهي، لقد تشكل هذا النظام في الصراع بين أفكار كانت تسهم بالتداول في مواصلة التأسيس وإتمام التأصيل بالنظر إلى النص الأدبي وتقوم الأسس النقدية بتغذية الصراع القائم والمبني، حتى كأنها حركة لولبية متصاعدة تنبني على سلسلة متتابعة من التجاوز بصفة خاصة، فهذا الافتتان هو ما يمكن تسميته بالنقد المنهجي حينا، والتربوي حينا آخر، وهو يوهم في الظاهر بأنه مجرد احتفاء باللغة، لكنه يحمل في طياته تسليما مسكوتا عنه، بأن المبدع حاضر في التاريخ من جهة المرجع واللغة، لأن إقامته في الكون، مشروط تحققها باللغة التي بها يتكلم ويحاور ويتفاهم، فاللغة تسمية للموجود في الوجود، أي أن اللغة تسأله لحظة استيراد ماهيتها من رحاب الغياب، وتقيمه هنا بيننا في منطقة الحضور، إنها الطاقة التي تمكن الحضور من بناء ذاته حتى تمكنه من اجتياح مناطق الغياب، فيكتسح منها ما به يوسع مداره. فتأسيس النقد المنهجي عنده جاء نتيجة النظر في الكلام من منظور متعدد، ليكشف عن رؤية بيانية، لترجع هذه الرؤية إلى نوعية إقامة الذات على أرض النص، ونوعية حضوره في العالم المتخيل، حيث أن في تضاریسه ترجم النص، وفي بياناته تم التركيزعلى تطوراته. فلم تكن الكيفية التي قرأ بها هذه العصور بريئة من التناقضات التاريخية كما قلنا، بل إنها قراءة تقع في التاريخ، وهذا يعني أن إحياء تلك النظرية بالاتجاه إلى التحولات والتطورات الإبستيمية، يجعلها مرتعا خصبا لكل حداثة نقدية، وملتقى للرومانسية والواقعية والرمزية والتأويلية والوجودية، لذا فالنقد المنهجي عنده ليس نوعا من تغبيب للتاريخ الأدبي وحجبه، بل انخراط في التاريخ الماقبل والمابعد، حيث لا شيء حتمي، بل هو نسبي.

معنى ذلك أن هذه المدارس موجودة وجودا تاريخيا في متونه، وأن النقد المنهجي والتربوي تطور بتطور هذه المدارس وانخرط في التاريخ الفعلي الذي هو اللحظة ذاتها، فكسر مرآة هويته في آن محدد، ثم شرع لحظة تشكله ذاتها في مفارقة الآنية والتمرد عليها، لذلك ظل النقد النصي مغيبا طيلة ردح من الزمن، لكن مع التطورات الحديثة بدأت العلاقة المبنية بين النص والمرجع، علاقة تقاطع واغتراب واستلاب، مما جعل النقد عنده لا يخرج عن زمن الإبداع، ولحظة المكاشفة والصفاء والنقاء، حيث نعرف صولته ومنعرجاته، نستطيع أن نملك دهشته أمام هدير الواقع وتناقضاته واندفاعاته التي لا تحد.

هكذا يتبين أن علي أيت أوشن أن النقد المنهجي عنده هو فعل مغاير، لأن وجوده وجود تاريخي، ولقد بني بالنظر إلى النص من زاوية التطور والتحول النوعي في العالم، والكيفية التي حملت موقفه بالنظر إلى النص من زاوية التطور والتحول النوعي في العالم، والكيفية التي حملت موقفه من الكلمة ومن النص، وموقفه من المعني وكيفيات إنتاجها. لأن الكلاسيكية تكشف في حد ذاتها عن حضور النقد المعياري بكل أنساقه في التاريخ والعالم من جهة اللغة وذلك، وفق نسق بموجبه تخفي اللغة بذاتها من جهة ما،فهي بحاجات وجوده، وإقامة على آرض صلبة، لأن التأصيل النقدي يبدأ بغزو اللامفكر فيه، قصد بناء نظرية تعطيلهذا النقد صولته وسرعة تجدده، لأن القراءة ليست “رغبة عارضة وهوى حادثا لجوجا، إنها حدث يوجد هو الأخر وجودا تاريخيا، لحظة القراءة وما يفي بحاجات ذلك الوجود”(10). فطبيعي أن تصبح لقراءة أيت أوشن عاملة على إحاطة النص بهالة من القدسية، دون أن تجعل النص يسائل نفسه وواقعه، بل تجعله يفي بحاجاته دون أن تكون لها قدرة تملك وجودها تاريخيا، لأنها لا تمنح لنصها الأدبي استمراريته، ولا تمنح له شعريته، إلا بالقدر الذي يحجبها، وتظل تبعا لذلك في حاجة إلى الانغلاق قصد تأسيس هوية نخبوية محملة بوحل إيديولوجي، ويقول ألتوسير: “إن النظام السياسي، بما فيه،في حين يعمل أيت أوشن على تأسيس فلسفة نقدية تقوم على مبدأ الفاعلية النصية، التي هي النموذج الأساسي والاتجاه الأدائي الذي يتبناه المؤلف والقارئ، حيث يشتركان في نسق واحد ووحيد، وعلى أمر ما هو موجود في النص. ويقول هابرماس في هذا الشأن: “أنا بقيامي بالكلامي مع الأخر الذي يتخذ موقفا إزاء هذا العمل الكلامي يعقدان الواحد مع الآخر علاقة بين شخصية، وتستجيب هذه العلاقة لبنية تتعرف من خلال النظام الذي تشكله في تلاقيهما المتبادل منظورات المتحدثين والمستمعين، والأشخاص الحاضرين الذي لم يشتركوا بعد في عملية التبادل…، إن أي شخص يستعمل هذا النظام يعرف كيف يتبنى منظورات ضمير المتكلم وضمير المخاطب وضمير الغائب، وكيف يحولها الواحدة ضمن الأخرى في اتجاه أدائي”(11).

فنظرية النقد المنهجي عند أيت أوشن طرحت مسائل تقنية لا تحد، مثل: المؤلف والمفسر والإرشادات البصرية والنص المقروء. فكيف التوصل إذن من خلال نسخ تسديها نصوص مختلفة إلى نص فريد الذي تشكل عن القانون التطوري الخاص بكل أسطورة ؟ كيف نمارس تقطيع أسطورة المؤلف والنص إلى عناصرها المكونة دون الخروج من عالم القول الميتولوجي النصي؟ كيف التحقق من اطراد نهائي، أو اقتطاع، مادام للدليل صفةدائرية (المؤلف، القارئ، الناقد)؟. مهما كانت أهمية هذه الأسئلة، فإنها تبقى غير ثانوية؛ حيث كتشف أيت أوشن أن المبحث الذي يرجع إليه الناقد كمرجع للفهم والتفسير، لم يعد هو النص المتعدد، بل النص النهائي، لأنه ليس صدفة ولا تصنعا، بل يعطي لمشروعه أسطورة کعنونة لفصوله، وحركات من الإرشادات الخارجية. والحال أن التأكيد التفضيلي المتجه إلى التنسيقات، ذو بنية مكتملة ونهائية، جعلت آيت أوشن يتجه نحو الموضوعات المهيمنة والسائدة دون علاقتها بالمجتمع الذي تظهر فيه، لأن كل تلاقح أو تقييم لا يكون إلا بطريقة اختزالية وبديلة لمرحلة من تطور النظرية ونتائجها التي تظم كل أبعاد الوجود (الخاص والعام). لهذا يعمل بكلقوانينه الرمزية على إلغاء الذات والخيال والعواطف واللاواعي والحلم، عارضا براعته التي تعتمد قوة ، التي تكون غير مراقبة في مراحل النمو النصي، حيث أصبح مضبوطا وصار عامل إثبات، لأن نسق “البناء والتوليف يجري في جوهره بدون إرهاب ظاهر، فيفقد الإنسان المبدع الحرية التي هي المسبق المحتم لأي تحرير ذاتي”(12).

هكذا يبدو هذا الاختيار مفروضا من قبل أيت أوشن، ذلك أن عالم النقد ظل مرتبطا بالدولة وبالثقافة الأكاديمية، ثم التطبيق الرسمي النموذجي والتمثيلي، حيث أصبح في الحقيقة تنظيرا دوغمائيا ومشيدا بالإيديولوجية، باسم القانون العام والمصلحة العامة”(13). فهذه الاختزالات والنواقص التي عددناها، والناتجة عن اختيار منهجي في تعريف المفاهيم من خلال النصوص المستعملة (في كتابه المعايير الأدبية …) كانت قد عوضت بواسطة إسهام إيجابي وجذري منذ”ديكارت” في كتابه “مقال في المنهج” لأنها خضعت للنموذج الديكارتي الذي يدعو للمعادلة التالية: “أن تفهم أو أن تعرف يعني أن تتأهب للشيء من أجل السيطرة عليه”(14)، لكن من أجل أن تسيطر، ينبغي البدء بالمعرفة أولا، لكنك لن تستطيع أن تعرف أو تفهم الشيء إلا بشرط أساسي هو أن تتحرر ولو للحظة واحدة منها حسب السيطرة”(15).

فعبر هذا الاحتواء، يمارس الناقد أيت أوشن عملية الإلغاء، ونادی بالوحدة التي تعتصر النص وتختزل الفرجة في بعدين:

1– النص المهيمن الذي يعتمد الغاية النفعية، أي مدح خصال القراءة، واستنهاض القارئ أو الجمهور لبطلها والتحلي بها.

2- النص وغايته ذم الأخلاق الساقطة قصد بناء سلوك صادق لا يعرف أي تناقض أثناء التحليل كما نرى في تحليله للسياب في بعض كتبه الصادرة.

وعبر هذين البعدين، عمل الناقد على طرح بعض الأسئلة دون البحث عنوأن المتفرج من يتكلم داخل النص؟ هل المؤلف هو الإله على البياض هل القارئ بمثابة عارض وهارب من الزمن المقيت؟ أسئلة تنتهي بانتهاء العرض دون أن ترسم اللانهائية والاندهاشية والصدفوية، فهذه العملية النقدية لا تشد النص إلى الواقع، ولا تنشغل بالمرجع (الواقع)، بل تبحث عن طرق الحضور في النص، وتعتبر طريقة الحضور والهيمنة بمثابة القدسيةوالقيمة ونوع من المطابقة، لأن النص عبارة عن وصف کلياني غايته الإبانة والوضوح، وليس الكشف عن الغامض والهامشي، وهذا الصدی النقدي هو احتمالللكائن وانعكاس للصور والمفاهيم الحرفية، يقول “علي حرب”: “إن النص مرآةيتمرأی فيه قارئة على صورة من الصور، ويتعرف من خلاله على نفسه بمعنیمن المعاني، ولنص يقوى بطبيعته على ذلك… ويشكل کونا من العلاماتوالإشارات، يقبل دوما التفسير والتأويل ويستدعي أبدا قراءة ما لم يقرأ فيه منقبل”(16).

إن أيت أوشن علي يرى أن النقد احتواء للكائن وامتلاك لسلطانه الذي لا يرد،ويحضر بين تضاريس النص بشكل محدود فيختزله في بعد أحادي، ليستمر فيجسد النص ويحيا معه، وقد كف عن كونه ذاته “الصغيرة وأدرج في زمنالنص …”(17). إذن نستشف أن أيت أوشن الناقد هو الخالق حسب تعبير جاك دريدا، حيثيكون عالقا به ويحيا معه كما قلنا، شأنه شأن القارئ مع تكسير عادته أو كلامهالمرصوف على تخوم ثنائيات المعنی / اللفظ، الذات / الموضوع النص… كحلية وكمبتغى حتى في “أشد لحظات اندفاعها وقوتها منشغلةبثنائيات، وحدت من اندفاعاتها ومارست نوعا من اللجم على منجزاتها”(18). إن هذاالتسليم يؤكد بشكل كبير على أهمية المعنى ذات الطاقة، لأن النص يلتقط الواقعويعتمد البداهة والوضوح، تحت مفعولات النظرية النفعية والشكلية ودون تبعثرحتى يصبح للنقد حضورا في زمن الإبداع؛ لذا تتلاشي القضایا الهامشية وتصبحمفعولات لا سلفية دون لباس رمزي وخیال كاشف. لأن هذا المفهوم يعد مركزإبداع شامل، هذا المرکز هو دعوة قصد تأسیس تغيير أبعاد الحضور في النص الأدبي، لكي يأخذ شعريته لبناء بعد جمالي، لأن التحقق به وفيه هو السؤال الوجودي المفتقد والمعتمد على البعد التحيیني، لأن خريطة الانتماء إلى الآخرالذي مارس طقسه بوعي وبقناعة، كان هدفه هو خلق شرخ في سلالة النقد المنهجي بكل متغيراته الحكائية والجمالية والتربوية. حيث يصبح فعل الحضور كجنس إنتاجي حقيقي يدل على التحولات التيغيرتها العلوم الإنسانية والفنية، لذا سعى علي أيت أوشن الناقد والمثقف والأديب إلى خلق موازنة بينه وبين الكتابات السائدة؛ وبالتالي الممغنطة فيصيغة جديدة والتي تحمل اسم الأدب العربي، هذه الصيغة التي تتغير حسبالضرورة الشكلية والتيمية أو تقصيه عن الكينونة البديلة والمفتقدة في هذا العالم المادي.

من هذا يمكن أن تكون دراسة النقد الأدبي العربي والمغربي محكومة بمجموعة من الشروط الفاعلية والقطيعية لتكون مرتبطة بمدی عمق الرؤية كحضور بمقوماته الحضارية والتأصيلية، لأنه يطمح إلى بلورة نتاجاته عبر التواصل الثقافي والأنثربولوجي، أو عن طريق مكونات النصوص وإبدالاتها.

فالحضور المعياري له عدة محطات متعددة، وأسئلة متعددة التي تتألف فيها العوامل الداخلية بالعوامل الخارجية، حيثانصهرت الثقافة التأويلية مع الثقافة العربية، فولدت معايير عربيةتساير النهضة والحداثة بكل مقوماتها البنائية والوظيفية، وهذاالاتصال الذي اتصف بالجدة صار بعدا منهجيا جديدا يولي أهميته نحو إيجاد رؤية كلية للأفكار والأسئلة التي لم تجد حلها لبلورتها، مما أدى إلى توزيع المناطق التوليدية النصية سواء شرقية أو مغربية في شكل فضاءات اجتماعية وسياسية وذات خصوصية مركزية، فالوعي بالانتماء إلى الآخر النصي الجديد هو إحساس يولد النتائج والأسئلة المسيجة لمعرفة طبيعة هذا النشاط النقدي ولمواجهة هذا النقص الذي يوزع رؤيتنا في إشكالية كبرى، لماذا هذه التبعية؟ إن الإبداع وفق هذا الطرح يعتبر اختراع شيء جديد، ميزته الجوهرية أنه تجاوز للسائد والمألوف، والمحاكاة والمماثلة والتشبيه، بل هدفه هو “صياغة علاقة أكثر ملاءمةلطموحاته المرتبطة بالحرية والعدالة والتقدم”(19)، إنه تجسيد لجهد ذاتي ينصهر في إيقاع إبداعي ويحفز مختلف القدرات الذاتية – الفردية – على تطويع الوقائعوالأحداث. ويقول محمد سبيلا: “إن الإبداع باعتباره تفجيرا لرغبات وصوروأفكار لم يتمكن الفرد التعبير الصريح والمباشر عنها، فيجد في المجال الإبداعيمتنفسا ولحظة تعويضية يكشف فيها تلك الصور والأفكار والرغبات بشكل أكثرشمولا وجمالا”(20). فأيت أوشن استوعب اللسانيات وأيضا بعض التيارات النقدية قصد خلق رؤية بيداغوجية تربوية، وتحليلية، وتركيبيبة.

وهذا ما سنراه في هذا المحور الثاني:

النقد والبعد المرحلي

يتأسس هذا المفهوم على حصيلة من الثوابت التي هي قواعد مشتركة بين أكثر من عصر وجنس أدبي، إذ النظر إلى الجنس  تقويماونقدا، لا يتأسس إلا بالتسلح بالأدوات المنهجية وبالقواعد. علما أن سمة المرونة طبعت ومازالت تطبع القراءات، إلا أن هذه المرونة لا تجدر أن تخترقباسم النقد كل الإنجازات السائدة حتى يصبح هذا المفهوم عبارة عن امتداداتلإنجازات المعايير، سواء على مستوى الأسئلة أو على مستوى الإجراءاتالتحليلية، لكنه امتداد لا يعيد المألوف، بل يحمل الأسئلة الواقعية إلى المدى الأبعد وأكثر إلزاما، حيث يطور النقد التحليلي في شكل إجراءات جوهرية، لأنه ينطلق من المرجعيات التي هي عبارة عن امتداد أفقي لها قواعد وأسس معرفية وفكرية، وإبداعية.

ولعل أول ما يلفت النظر حول هذا المبحث كونه خارج السياق التأويلي،بحيث لا تبقى الصياغة الاصطلاحية مجرد ناقد للمعنى أو للدلالة، بل تصير إمكانا للوجود وتساؤلا حول التوظيف الذي يندرج تحت هذا الاسم: “النقد المنهجي والتربوي” قراءة مؤسسة على إجرائية تفكيكية تستقرئ المتون على مستويين:

1- مستوى اصطلاحي من خلال رصد علاقة المجاورة بين المفهوم والوظيفة والواقع.

2- مستوى استعاري من خلال إظهار العلاقات الاستبدالية الممكنة، وأيضا علاقة الذات المبدعة بالمجالات الإيديولوجية والمعرفية والفنية. وعبر هذين المستويين، جعلتالقراءة هذه المرحلة مرحلة عبورية في تاریخ الأداب ونوعا من التشظي الناتج عن استيعاب جمالي لرؤية جديدة في الكتابة التربوية، وهو ما يتجسد بشكل جوهري في طبيعة توظيف قضايا: الالتزام– الثورة –التمرد – الديمقراطية – الإبداع – السرد – الوصف – الحوار – الحبكة…

إن هذا الحضور المهيمن صار مكونا كليا في إدراك ماهية النقد وحدثا أساسيا في التحول الاجتماعي والرؤيوي وفي المكون الجمالي وفي المكون الإيديولوجي، وأصبحت ذاتية المبدع تملأ فضاءات متنوعة وصار التركيز على التغيير والثورة أعمق وأقوى حضورا من الاهتمام بالشكل والأبعاد الجمالية للنص، من هنا نتساءل: هل هناك نقد أدبي معياري جديد؟ هذا السؤال يمثل طرفا من المشكلة التي نحن بصدد مناقشتها، لأنه يجعلنا تلمس رؤية لا تتعلق بالماضي، بل السعي إلى بلورة مفهوم السؤال من خلال إعادة قراءة نقدية ومنهجية التي بدأ فيها الخطاب الأدبي والفني والمعرفي ليشتبك مع القاعدة التربوية وليحرك حركته بين الإمكان والوجود؛ وليطمح إلى عرض بعض الكتابات التي ولدت بعض الإغراءات الإيديولوجية والمعيارية، لذا فالسؤال هو بمثابة قانون محرم وافتعال غير معروض، لأن في القول تؤرخ الذات لنفسها وتصنع سيرورتها في النحن، فالنقد عند أيت أوشن إحساس ولغة تتأرجح بين الأنا والمجتمع ونقد مرتبط باللاواعيالنصي ودال أصلي والخاضع للرمزي ولغة ترقص على دفات الخيال وفوق حبل الرمز لأن كل الإشكالات كانت عنده تنصب أساسا على اتصال الرمزي بالخيالي قصد بناء الواقعي، فالذات المبدعة عند علي أيت أوشن لا تفكر لغويا، إلا إذا كانت فعلا تتعلم لغة الانخراط؛ وهذا يعني أن هذا النقد يعتمد عنده على خاصيتي التكثيف والتحويل، لإن المبدع المتفوق يخترق حدود الكوسموسالنص يتجاوز الشرط الإنساني العادي، لأنه هو الذي يشخص الفلق والعذاب الذاتي لكي يتكلم باسم “النحن”، فمعنى أنه يخلق الإبداع ليزيل التوتر الموجود بين القاعدة والقمة، ولينتزع الحقيقة قصد تحقيق المجتمع البديل.

لذا كان من الطبيعي أن يتحرك أيت أوشن لكشف بنية القراءات المعيارية الجديدة للنصوص وانتزاع المتن من سياقه التاريخي، لأن هذا الانتزاع جعلنا نكشف عن اللاشعور النصي، وعن الاستراتيجية التي ظلت خفية ومستترة ومنفية، كفلسفة لا تطابقية وكذات متكاملة، تمتلك إمكانية الخلق واختراق اللامتناهي قصد الوصولإلى المعنى كحقيقةوكحضور متطور يحتفظ براهنيته وبقائه المتحدد. إذن فالمرحلة تم اختزالها في هوية المعيار كي يمثل التخلي عن العدمية والضياع، في حين أصبح البعد الإبداعيعنده مرتهنا باستيعاب ما أنجزه العقل الغربي والشرقي في مجالات المعرفة والسياسة، الأمر الذي يعني أن “تعرفنا عليه أول ما تعرفنامعتديا غازيا محتلا لأراضينا مستغلا لأوطاننا”(21).

فأيت أوشن حول النص الأدبي إلى لعبة لكي يخول عملية القراءة للمتن النقدي التي اطردت اعتناء أو نماء أو اغتناءا في العقود الثلاثة الأخيرة، إلى إمكانية امتلاء ما خفي من الآثار الإبداعية التي تبرز بجلاء تطور النقد المنهجي ونوعية تعامله مع النصوص، وكيفية استقباله وتمثله واحتوائه للأدب الوافد من كل القارات، فهذه العملية تمارس وظيفتين:

1- وظيفة رفع الحجب عن المتن المدروس الذي يعتبر عماد الذات وعمادالشخصية، ويعد مرجعية للرائج من النصوص والدراسات في القديم والمعاصر منها (السرد – الحوار – الوصف – الحجاج…).

2- إقصاء الوساطة بين النص والمجتمع، وبين المتن والمتلقي، والزجبسلطته في خانة الجماهير.

هاتان الوظيفتان يمليهما التطور النقدي، ويحث عليهما التعدد القرائيوالمنهجي، ويقود إليهما الاستبصار الباطني الذي تبنته مجموعة من النقاد، أمثال:عبد القادر القط، ومحمود أمين العالم، وغالي شكري، وفاروق عبد القادر،وحسن المنيعي، … فهذه الفئة فتحت بابا مشرعا ضدا على ذاكرة النسيان وضدا على تسييج النموذج كباب يستدعي المحاكمة والتقصي لكل المعارف الإنسانية قصد بناء المدار المعرفي الموسوم بالامتلاء، وموشوم بالامتلاك، وكمسار علني ذي نسق غير مؤسساتي.

فالوعي النقدي لدى أيت أوشت يتحول إلى ورطة حين يخلق للقارئ أفقا مغايرا لا صلة له بالماضي الذي هو عمود المؤسسة، وفي ذلك أيضا توريط لأسس البلاغةالمعيارية بتكسير النص لمعيار فني، من أجل إقامة بديل له، يجنح أولا نحو ثورةRevolution ثقافية تشتغل على اللامحتمل، وينقاد ثانيا نحو إلغاء كل الوصفاتالبرانية من أجل خلق حركة ذاتية فاعلة لا تمجد عنصر المحايثة(22). إذا كان هذاالبعد الثوري عند أيت أوشن قد استوعب التراث الأدبي وأخضعه لآلياته الخاصة، قبولا ورفضا فقد استطاع أيت أوشن أن يحول هذا التراث الأدبي إلى جزء من نسيج القضايا التربوية والأدبية، باعتباره منظومة فكرية موحدة ومتجانسة، ووحدة من الأنساقالمتنوعة الرؤى، تعبيرا عن التعددية الثقافية والاجتماعية، وهذا الانفتاح عن الآخرجعل علي أيت أوشن يؤسس علاقة من نوع آخر، جوهرها هو عبور النقد من مستوى العلاقة بالعالم الموضوعي إلى مستوى العلاقة مع الواقع المجازي الذي هو تجسيد للكمال المعياري الأدبي، فعلي يصير ذاتا تسعى للسمو وتتخطی سلطة الواقع المادي قصد بناء لغة رمزية تحاور الممكن، وتندمج مع العالم في علاقة وجد إلى درجة إلغاء مسافة بين الذات والعالم الخارجي، وفي ذات الوقت تتحول الرؤية النقدية المنهجية والتربوية إلى فضاء للذات ويصير الممكن وطنا للقاعدة، وأن الصور الفنية والأدبية لا تتوقف عند الظاهرة الواقع الموضوعي(23)، جاعلا من هذا المعيار الأدبي التعبيري نظرية خاصة، التي تقوم على الرؤية والمرتبطة بالمواقف الجمالية وبالوظيفة الاجتماعية واللغوية.

من هنا كان عمل أين أوشن محاولة منه لإعطاء تصورات في الأدب كأفق أكثر رحابة، سواء في النظر إلى الوظيفة الاجتماعية أو في النظر إلى المقومات الجمالية التي يتوفر عليها، والبحث عن تفسير موضوعي لتلك المقومات الجمالية، منطلقا من المسلمة النصية التي تؤكد بعدم إمكانية تحليل ونقد الأدب معرفة جوهريةبالعلاقات والصراعات الطبقية، فالناقد أيت أوشن “في مسعاهيبحث لإيجاد المعادل الاجتماعي للظاهرة الأدبية لكي يكشف في وجه علم الجمال، وليجعله مفتوحا قابلا للتأويل،لأن النقد لا يغني عن الفعل التأويلي، بل يتطلبقراءة مفتوحة قابلة أن تستوعب السائد لمخاطبة الممكن.

فقراءة على أيت أوشن لا تكتفي بتحديد المواقع والجهات الإنتاجية النقدية النصية والتحليلية من البعد الاجتماعي والتاريخي، بل ينبغي الاهتمام بالأبعاد الجمالية والتصويرية النصية لأن “ما يبدو لنا جميلا هو فقط ما يطابق تصورنا عن حياة جميلة وعن حياة كما يجب أن تكون، إذن فالأشياء ليست جميلة بذاتها”.

إن خلق معايير منهجية يتقاطع هذا الاتجاه مع الاتجاهات الأخرى (الوجودية – البنيوية-الوضعية…) عند نقطتين أساسيتين هما: واقعية الرصد لأعطاب المجتمع، والرؤية النقدية لمواقع الضعف فيه، رؤية تعكس أحلام هذا الجيل الذي صارع ولازال يصارع من أجل قيم جديدة، لأن مضامين هذه المرحلة تحتكم في غالبيتها لبنية التصادم والمواجهة والتساؤل الوجودي مع الذات والآخر، مصورة هذا المجتمع في حالة من الاستيلاب والغربة والصراع، طارحة البديل في قالب فني شديد الصدق، مما جعل الكتابة الشعرية الروائية والقصصية والسردية، تنبني على منظور نقدي اجتماعي، وفي هذا السياق ستظهر كتاباته التي ستصور هذا البعد بكل أعطابه، حيث بنى عالمه بكل مشاكله وتمزقاته الجنونية والإبداعية، حيث انطبعت على مرآة التأليف “النقد والقراءة” لذا فالبعد المعياري لا ينبغي أن يكون مكانيكيا، بل معبرا يظهر زيف التصور الاجتماعي وساخرا منه ومتمردا عليه، لأن هذه التجليات هي عبارة عن سخرية من تخمة المصطلحات الأدبية وموضة النقد وتقمص لأجهزة مفاهيمية التي هي عبارة عن حكاية نص مريض حسب تعبير إدريس الخوري في “يوسف في بطن أمه” ص. 3 – 4، ومعنى هذا أن التطور الأدبي لا يقف عند عتبة البعد السوسيولوجي، بل يعتمد على الأبعاد الجمالية الداخلية للنص وبكل معاييره.

فهذا التيار النقدي كان مكونا من بعدين:

1- يعرف بـ (المناصية) وهي عبارة عن تهتم بدراسة اللغة الشعرية في أبعادها الجارجية.

2- وبعد يهتم باللغة من ناحية الخطابية والحوارية ومكوناتها السياقية(24).

فهذه الحركات ساهمت في بناء المعايير، وفتحت أفقا جديدا للكتابات النقدية، وأمام هذا الوضع كان لزاما على الكاتب إعادة الاعتبار لهذا المنهج السيكولساني والوجودي والواقعي، لذا بدأت هذه الدعوة في هذا الكتاب كنشاط أدبي أو فني في توجيه العمل المدروس، وأن تكون القراءة هي الجوهر، لأن المعايير الاختيارية النصية التي تؤكد على أن وظيفة الأدب هي تصوير الواقع وتطوره تطويرا صادقا، وهذا التطابق بين الواقع والفن، جعل الأدب يعلم الإنسان كيف يعيش تاريخيا، وكيفيكتشف التجربة الجديدة نفسها من خلال هذا الانعكاس، والحق أن الكاتب أجمع على أن الجهود الأدبية ظهرت فيها الحياة، واتخذ الأدب جدته ووجودهوجذوره، إنها رغبة في أن يكون الأدب له جذور، وتاريخ، وأمسی الأدب يعترف بالبعد الجمالي، جاعلا النقد الأدبي علما موضوعيا يدرس المكونات الاجتماعية للعملالأدبي، ولكنه لا يقف عند حدود المرجعية الواقعية للأدب، لأن هذه الأخيرة لاتعكس الواقع مباشرة، وإنما تعبر عنه بصور متعددة كذات وكصبغة جمالية، ولكنأيت أوشن ثار على قضية الالتزام وأبدى تحفظات بالنسبة للأدب ذاالمنحي المغلق، عارضا براعته السوسيولوجيةالنصية للظاهرة الأدبية بشكل يجمعبين البعد الخيالي والبعد الجمالي. لذلك فهو ضرورة ينبغي أن يتمتع بنوع منالاستقلالية الخاصة. لأن الوظيفة الأدبية حسب علي، عبارة عن إشكالية تربك المعنى، مما يدعوه إلى تلمس الطريق ليكون أقل إرباكا، لأن علي أيت أوشن أسهم في نوع من هذاالبحث الذي يرفع النقاش الأنتربولوجي عن هوية الأدب إلى مستوى المساءلةالسوسيولوجية لمعنى “الهوية”، وهو مطلب يزداد وينمو ما أن نضع في الحسبان أن هذا الانعكاس يأخذ بعدين:

1- بعد علمي: يعطي صورة واضحة للواقع.

2- بعد فني: يصور الواقع من خلال الوصف، (السرد، الحوار، الحجاج) وعبر هذين البعدين أصبح الأدب في لج الاستشكال الذي عمل أيت أوشن على بلورته انطلاقا من إدراك حسي فني في صورته المخيلة(25)، لأنهمطمح يكشف عن نمط وجود الأدب بوصفه لا يمكنرده إلى الإيديولوجية الحزبوية أو إلى فلسفة الوعي بما هي واقعة أنطولوجية، بل ينبغي ربطه بالبعد السوسيولوجي الجمالي والجدلي المتمثل عند”هيجل” و”ماركس”و”كانط”(26)، وأيت أوشن جمع بين الذاتي والموضوعي وبين البعد القيمي والواقعي قصد الكشف عن القوانين الداخلية والعلاقات التي تربط هذه القوانين منطقيا وواقعيا داخل شكل أدبي معين، فإذا كانت المعايير تصور البعد الفكري  الذاتي والتأملي حول الظواهر، وتقيم تفسيرا جامعا، فإن الجمع بينهما يصبح ضرورة حتمية، لأن هدف على أيت أوشن هو الجمع بين الدراسة الموضوعية العلمية المتمثلة في المنهج البنيوي والدراسة الفلسفية الذاتية المتمثلة في المنهج اللساني، وتحديد البنية العامة كنص،التي تحدد العلاقة بين النتاج الأدبي والواقع الاجتماعي، لأن التمایز بين الشكل والمضمون لا يخدم العملية الإبداعية، مما يفقدهاصولتها وسياقها وطهارتها، إذا اقتربت من الحياة الاجتماعية، ولا يمكن الحكمكذلك على العمل من خلال المضمون وحده، لأن المبدع أو الفنان لا ينسلخ عنواقعه، لأنه يبدع “حقائق وكائنات وأشياء تؤلف عالما واسعا وموحدا على وجهالتعريف”(27). فهذه النظرية لا تفصل بين البعد الاجتماعي والبعد الجماليوالمنهجي والتحليلي والثقافي، مما يمنح لهذا الأدب إمكانية وجود وتملك ونقد لكل نزعة ذاتية التي تفترض أن البعد الذاتي هو المهمة المركزية في الإبداع دون حضور العواملالخارجية، وهذا التلاحم جعل أيت أوشن يمثل هذا المنهج على مستوى الواقعالتجريبي، للعمل الأدبي، سواء من خلال علاقته الفنية الداخلية، أو من خلالالتكوين التوليدي التاريخي الذي يعطي دلالة موضوعية للبنية من حيث هي وظيفة لبنية أخرى أشمل وأوسع، لذا لم يعد الأدب مجرد انعكاس للوعي الجماعي، بل أصبحالنظر إليه على أنه إعادة إبداع الوعي وتحويله إلى عالم خیالي، وبالتالي يصبحالعمل الإبداعي الأدبي صياغة متلاحمة لمطامح صفة اجتماعية كرؤية للعالمالتي يكون التعبير عنها “على المستوى الأدبي وبواسطة الألفاظاللفظية والتي تتخذ من المخلوقات والأشياء”(28). فاختيار المعايير حسب أيت أوشن إذن لا يمكن تفسيرها أو فهمها إلا داخل التاریخالحداثي الذي يعتمد مبدأ الحرية والوعي النقدي وكذا التلقي الذي يملك وجوده. لأن تكسير كل الأشكال الشرعية التقليدية، جعل النقد المنهجي للنصوص ينزاح عن حدود النظرية المعرفية إلى أفق التحول الحداثي، حيث صار المطلوب الأول هو بیان كيف أن المعيار يحكم تاريخ العالم”(29).

فإعادة النظر في تاريخ المعايير والنقد، على أساس المفهوم الحواري، حسب أيت أوشن هوانتقال”الذات الحديثة من مستوى الوعي، لتكون الذات مناضلة من أجل بسطسيادتها على الموضوع الذي تعرفه كما تعرف ذاتها، حيثصارت الذات تطمح في بسط سيادتها على تاريخ العالم، بوصفه ليس سوى نمطوجود ذاتها”(30). فالرؤية النقدية حسب أيت أوشن ليست معطى إمبریقيا مباشرا، بل هي على العكس من ذلك أداة تصورية للعمل، وبناء لرؤية العالم باعتبارهامجموعة من الطموحات ومن المشاعر والأفكار التي تضم أعضاء مجموعة، وفي الغالب طبقة اجتماعية تواجهها بمجموعات أخرى.

فأيت أوشن في مشروعه التربوي والمنهجي والتوجيهي التحليلي والتركيبي، جعلنا نعيد النظر في كتبه باعتبارها تصور ذاتي وأداتي وخيالي، ومؤهل لفهم المنحى المرجعي للظاهرة الإبداعية ومن جهة هي حدث تفسيري وتأويلي، لم تعرفه الدراساتالتقليدية التي لا تكشف عن أسرار النصوص والمتون، سواء من خلال البعد الجمالي أو الموقف التاريخي، لأن هذه القراءات التقليدية لا تتحرر من سؤال “ماذا يقول النص في صيغته البرانية؟ إذن لابد من بنائه في ضوء تأويلية جديدة تتخذ من السؤال أفق عملها حسب تعبير فتحي المسكيني، لأن النقد الاختباري والاختياري مدعو إلى إعادة النظر في كل المقومات الجمالية بحجة أنها لا تستوفي معنی التجانس بين الأنواع الأدبية والقولية، بل مدعو إلى ما هو أكثر راهنية من الانخراط فيالصراع الاجتماعي، لأن المهمة النقدية تمنحنا تأويلا للرؤية وتبرز لنا الأبعادالوظيفية التي يعاني منها النقد، لأن النقد الجديد، جعل الناقد أيت أوشن يعيد بدوره التساؤلات حول طبيعة الظواهر النفسية والاجتماعية من أجل إسقاطالوهم الإيديولوجی، قصد معرفة رؤية کلية التي تؤسس أسئلتها الخاصة وذلك انطلاقا من التشغيل الرمزي للمرآة النصية، مرآة معيارية تعرف نفسها بنفسها. لأن الناقد يكشف دوما عن الكتابة الخفية والمنبعثة من الواقع بكل توتراتها، وبين الانكسار والحلم، وبين الجوهر والعرض وبين الحقيقة والزيف، لكي تأخذ الذات الناقدة رغباتها نحو التغير والتحول. لأن النقد المنهجي إذن تأويل لتمثلات الواقع النصي الموازي Partexte، وحفر للأنا المهيمنة التي تسرد وتحكي انطلاقا من علائقية حوارية مع فضاءات غیرية متخيلة، تؤطرها لغةالاستبطان والاعتراف. من هنا جاء الاعتراف بأن الناقد أيت أوشن لا يعتمد علىالبعد السوسيوثقافي، بل يمتاح من عدة تيارات: كالبنيوية واللسانيات والسيميائياتوالفونولوجيا وجمالية التلقي، وهذه التعددية وضعته أمام الطرح العنيف لأزمةتفكك المتن المدروس، فهو لا يجسد ذاتا نمطية لوعيها الخاص ومكتملة التحقق،بل تعدد يكتب وجوده المتنوع ويتعرف إلى حقيقته في الآن ذاتهالذي يتشكل فيه العمل المدروس، حيث تعتبر هذه الخطوة من المحاولات الجوهرية لإدماج المعاييراللاأدبية في دراسة النص والنقد. ويقول محمد بن بوعليبة في هذا الصدد: “لقدأحس الناقد خلال الخمسينيات بنوع من التخلق إزاء قرائنه من محللين نفسانيين واجتماعيين وألسنيين، كماأحس أن موضوع عمله الذي هو الأدب ربما كانمجالا حيويا لتجريب بعض افتراضاته، افتراضات اقتبسها من الألسنية خاصة،وبعض العلوم الحقة، وعادت العلمية Scientisme من جدید كمنهج يتقدم معظمالمناهج في دراسة الأدب، وتختلف المقاربة خلال القرن 19 عن القرن العشرينباختلاف المنطلقات النظرية لكل منهما، فبدلا من أن الإنسان هو الذي يقول العالمبو اسطة اللغة أصبحت اللغة هي التي تقول العالم لتوصف في استقلالها عن منتجها Sujet، ونجم عن هذه الرؤية علم لغوي جدید يدعي الألسنية”(31). من هذا المنظور يمكن الحديث عن هذا التفاعل بين المناهج والأجناس الأدبية، حيث تساهم في توليد النص وشعرنة لغته وتقريب تلقيه من أفق الانتظار الفرجوي والنقدي والمتعالي النصي.

يظهر جليا أن نزعة توليد النص الموازي عند أيت أوشن عرفت تحولات عدة، سواءمن خلال تقديم نفسه كذوات منفردة وأيضا ككل عضوي حسب تعبير “جيرارجنیت”، لأن هذا التوازي يخلق دلالات متنوعة، بواسطة عملية التأويل، تتجاوز عملية التواصل اليومي، حيث التفاعل المبني بواسطة الرموز يخضع مباشرة للمعايیر الجاري بها العمل، وتحدد أفق انتظارات متنوعة لأنماط سلوكية متبادلة. فالوسائل التواصلية لیست بريئة كما يری “هابرماس”، إنها حاملة لخطاب موازي(32)، بكل أبعاده الدلالية وبكل التحولات والتعاقدات المتشابكة التي تلغيالسپرورة الخطية. فالنص الموازي فضاء مفتوح وعالم متعدد الأبعاد والدلالات، يتحدد مشروع الناقد أيت أوشن بالعودة إلى جسد النصنفسه، أي النص وفضاءاته المندغمة وملتقيات الأدلة الرمزية المتمثلةفي إضفاء المعايير لاختيار النصوص المقدمة للمتلقي أو الطالب أو التلميذ لأن الاختيار هو نسق فكري وذاتي يجعلنا قادرين على طرح السؤال حول النص المغربي أو العربي، معناه أن تكون مبدعا قادرا على البحث والتنقيب في جذريته، لأن طرح السؤال هو طريق هذا البحث وموضوعه، والسؤال فيه يدور حول الأصل، لأن الحاجة تدعو إلى القيام بقراءة جديدة لتجديد السؤال من الداخل، وتجديد أيضا نوابضه ومواكبتهله بقصد توظيف أدواته.

فالأدب العربي حسب أيت أوشن عرف عدة تساؤلات عن الأصل، والهوية، والخصوصية، كلها أصداء لسؤال واحد ينبع في نبع “هل نملك أدبا؟ فالبحث لم يزل محاولة متواضعة على المسلك الشائك إلى الأصل، إنه معاودة للكشف عن الحوار الممکن بين الإمكان والثابت، لذا عرف القرن العشرين نهضة عربية شملت مختلف المعارف الإنسانية واللغوية. فانفتح العرب على مختلف مشارب العلم والمعرفة، وسايروا كل الأنظمة السياسية والفكرية، فأمدوا الحياة الاجتماعية بالتطور والتغير، وازدهر الأدب الذي لم يكن من قبل، كالقصة والمسرح، والفنون البصرية والتشكيلية، فبدلت وجه الخريطة العربية من ربقة التقاليد والعادات، عن طريق التحرير من سلطة الكلام، قصد بناءأدبية الجسد النصي. فحاول أيت أوشن على أن يعيد النظر في النصوص الأدبية وفق منهجية تربوية، وبمنظور لساني عربي، فعمد على زرع الاختلاف في الائتلاف والوحدة في التعدد، حيث سهل على المربي بإنشاء شبكة تواصلية وكفاية تحليلية دون السقوط في النماذج القديمة، إذن فهنيئا لأستاذنا بهذه الولادة التي أعادت للأدب شعريته دون أن نقول “موت الأدب” أو “موت المؤلف” وفيما ينفع الأدب، كلها مفاهيم تؤسس لرؤية جديدة تنضاف إلى الرؤى العالمية، فأيت أوشن في مجلته أو في كتبه نراه دوما يعطي الأولوية للأجناس الأدبية لكي تتساوق مع الشروط المعرفة الموضوعية والذاتية وشكرا.

الهوامش:

(1)- طه حسين: طبيعة مجامع اللغة، جريدة الأهرام، 1937/2/4، نقلا عن سامح کريم: معارك طه حسين الأدبية، دار القلم، بيروت، ط. 3، 7 197، ص. 212.

(2)- طه حسين: تجديد ذكرى أبي العلاء، دار المعارف، مصر، ط. 2، 1976، ص. 9.

(3)- ميجان الرويلی، سعيد البازعی: دلیل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط. 2، سنة 2000، ص. 202.

(4)- رشيد بن حدو: العلاقة بين النص والقاري / قراءة في القراءة، مجلة الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومی، بيروت، عدد 48-9ه، سنة 1988، ص. 36.

(5)- علي حرب: قراءة ما لم يقرا – نقد القراءة، الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومی، عدد 60 – 61، ص. 43.

(6)- د. نزار عيون السود: نظريات الأسطورة، عالم الفكر، عدد 1، مجلد 24، يونيو – سبتمبر – أكنوير – ديسمبر، 1995، ص. 214 – 215.

(7)- د. نديم معلا: أزمة الكتابة المسرحية العربية، مرجع مذكور، ص. 10.

(8)- د. حسن المنيعي: التراجيديا كنموذج، دار الثقافة، الدار البيضاء، ص. 13.

(9)- د. الرحمن بن زیدان: التجريب في النقد والدراما، منشورات الزمن، يوليوز، 2001، ص. 33.

(10)- الحياة الثقافية، تونس، عدد 63، 1992.

(11)- هابرماس: القول الفلسفي للحداثة، ترجمة: فاطمة الحيوش، دار العلم للملايين، ص. 455.

(12)- HerbertMarcuse : L’homme uni-dimensionnel, éd. Minuit, Paris, 1968, P. 277.

(13)- د. عبد الله العروي: مفهوم الدولة، دار التنویر، بيروت، ص. 114.

(14)- محمد أركون: حول الأنتريولوجيا الدينية، نحو إسلاميات تطبيقية، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 6– 7، 1980، ص. 29.

(15)- المرجع نفسه، ص. 29.

(16)-على حرب: قراءة ما لم يقرأ، مرجع مذكور، ص، 41.

(17)– محمد لطفي اليوسفی: الشعرية العربية في دروب التيه، الحياة الثقافية، عدد 63، 1992، ص، 12.

(18)- المرجع نفسه، ص. 13.

(19)- محمد سبيلا: الإيداع والهوية القومية، مجلة الوحدة، عدد 58-59، يوليوز- غشت 1989، ص. 7.

(20)–محمد سبيلا: الإبداع والهوية القومية، مرجع مذكور، ص. 8.

(21)- نصر حامد أبو زيد: النص، السلطة والحقيقة، المركز الثقافي العربي، ط. 4، سنة 2000، ص. 13.

(22)– تيري إيجلتون: الماركسية والنقد الأدبي، ترجمة: جابر عصفور، مجلة فصول، عدد 3، 185، ص. 35.

(23)– هنري أرغون: الجمالية الماركسية، ترجمة: جهاد نعمان، منشورات عويدات، بیروت، ص، 62– 63.

(24)– تزفتان تودوروف: نظرية المنهج الشكلي: نصوص الشكلانيين الروس، ترجمة: إبراهيم الخطيب، ص. 350.

(25)– هري أرمون: الجمالية الماركسية، مرجع مذكور، ص. 67.

(26)- جورج لوكاتش: التاريخ والوعي الطبقي، ترجمة: حنا الشاعر، دار الأندلس، ط. 2، 1982، ص. 24.

(27)- لوسیانكولدمان: المادية الجدلية وتاريخ الأدب، ترجمة: محمد برادة، ضمن کتاب البنيوية التكوينيةوالنقد الأدبي، مجموعة من مقالات مترجمة، مراجعة، محمد سبيلا، مؤسسة الأبحاث العربية، ط. 1، 1984، ص. 24.

(28)- لوسیانکولدمان: الإله الخفي (فعل الكل والجزئيات)، ترجمة: جمال شحيد، مجلة المعرفة، عدد 207،1979، ص. 200.

(29)- فتحي المسكيني: الهوية والزمان، دار الطليعة، بيروت، ط 1، 01 20، ص. 15.

(30)- المرجع نفسه، ص. 16.

(31)- محمد بن بو علية: مقال الخطاب النقدي العربي الجديد وإشكالية المعني، علامات (السعودية)، ج. 32،8 صفر 1999، ص. 258.

(32)- Gerard Genette: Palimpesestes, coll. Poétique, seuil. Paris, 1982, P. 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى