دونكم أول لقاء بين عالم ومتعلم.. (مالك والشافعي)
د. خضر محجز | فلسطين
طلب الفتى الشافعي العلم لدى إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنهما. فتوسط إلى ذلك بوالي مكة. فأرسله برسالة إلى والي المدينة.
لما وصلت الرسالة والي المدينة فقرأها قال:
ـ والله إنَّ مشيي من جوف مكة إلى جوف المدينة حافياً راحلاً، لأهوَنُ عليّ من المشي إلى باب مالك، فلستُ أرى الذُّلَّ حتى أقف على بابه.
قال الشافعي رضي الله عنه:
ــ فقرعنا الباب، فخرجت إلينا جارية سوداء، فقال لها الأمير:
ــ قولي لمولاكِ أني بالباب.
فدخلت ثم خرجت فقالت:
ــ إنَّ مولاي يُقرئكَ السلام، ويقول: إن كان لديك مسألة فارفقها في رقعة، يخرج إليك الجواب. وإن كان للحديث، فقد عرفت موعد الدرس.
قال الأمير:
ــ قولي له إنَّ معي كتاب والي مكة إليه في حاجة.
فخرج مولانا إمام دار الهجرة، وعليه من المهابة والوقار ما الله به أعلم. فأعطاه الوالي الكتاب، فقرأه فألقه مغضباً وقال:
ــ سبحان الله! فمنذ متى صار حديثُ رسول الله يُطلَبُ بالشفاعات؟
ثم التفت إلى الفتى المطلبي فقال:
ــ ما تريد يا فتى؟
ــ أن أتعلم منك يا مولاي، فأكون خادمك.
ــ فما تحفظ من كتب الله؟
ــ كله يا سيدي.
لا شيء، فصبيان المدينة يحفظون كتاب الله. فما تحفظ من حديث رسول الله؟
ــ الموطأ وغيره الآلاف يا سيدي.
ــ لا شيء فصبيان المدينة يحفظون الموطأ وآلافاً من حديث رسول الله. فما اسمك يا فتى؟
ــ محمد بن إدريس، بن العباس، بن عثمان، بن شافع، بن السائب، بن عبيد، بن عبد يزيد، بن هاشم، بن المطلب بن عبد مناف.
تبسم سيدنا لأول مرة وهو يحدق في الفتى المطلبي وقال:
ــ بخٍ بخٍ، فهلّا قلتَ إنك من الدوحة المباركة. ادخل يا فتى.