سفر في زمن الحَجْر
د. عبد الإله بن عرفة
(هذه قصيدة تلخص قصة رحلاتي في عدة دول خلال شهر ديسمبر 2021 من المغرب إلى المشرق، وختمتها بفترة حجر لمدة سبعة أيام في مدينة أغادير).
اللوحة لشاعر الألوان الفريد سيسلي
لله دَرُّ جماعةٍ قد سافرت
من مَغْربٍ لمشارقٍ تُتَأَوَّبُ
///
فَمِنَ الحُسَيْنِ وَأَزْهَرٍ طابت لنا
نحو الحجاز زيارةٌ تُسْتَطْيَبُ
///
ونزلتُ في كَنَفِ الإله مجاورًا
وقطعتُ سبعًا في طوافٍ أَقْرُبُ
///
وبكعبة البيت الحرام نزولُنا
وشرابُنا من زمزمٍ لا يَنْضَبُ
///
عند المقام ركوعُنا، ووقوفُنا
عند الصفا سَعْيٌ بِرَمْلٍ يُنْدَب
///
وبـمروةٍ كان الختامُ وقَصَّةٍ
وبها أتينا عمرةً تُسْتَحْسَبُ
///
ولقد أَنَخْنَا ركْبَنَا بمدينة
فيها يطيب لنا جوارٌ يُطْلَبُ
///
وبذا الجوار متاحف عن سيرة
للمصطفى تزهو بما يستعذب
///
تلك المنوَّرةُ العظيمُ مقامُها
للمرتضى روضٌ بها أو مَقْرَبُ
///
وطَفِقْتُ بين الأُسطُوانِ مُناجيًا
ومُلازمًا خيرَ الورى لا أُعْرِبُ
///
وسجدتُ عند مُخَلّقاتِ أَسَاطِنٍ
أَرْجُو ثوابًا مِنْ إلهٍ يُرْغَبُ
///
ومع الإمام بخطبة قد خُصِّصت
في جُمْعَةٍ لِـمَواقفٍ تُسْتَرْهَبُ
///
نَفْخٌ وبَعْثٌ، مَـحْشَرٌ وَقِيَامَةٌ
وحسابُ يُـمْنٍ أو شقاءٍ يُنْصِبُ
///
ولقد ذكرتُكَ والجسومُ بغربةٍ
وشفاعةٌ بمحمَّدٍ تُتَرَقَّبُ
///
يا روحَ روحي هل تَـمُنُّ بزَوْرَة
تشفي قلوبَ العاشقين فتطرَبُ
///
لا يَذْكُرُ المذكورَ إلا حاضِرٌ
لا يَشْهَدُ المشهودَ إلا الغيّبُ
///
عندي من الأنفاس ذكرٌ صادح
عندي من الأحوال سرٌّ أغلب
///
فمتى تجود على حبيبٍ واقِفٍ
بالباب يرجو أُعطياتٍ تُكْتَبُ
///
إن سلَّ لحظًا من قِرابِ جُفونِه
طاحت رؤوسٌ في دِماها تُخْضَبُ
///
لله سرٌّ قد وَعيتُ نظامَهُ
فينا تَعِنُّ له الفُحولُ وتَرْهَبُ
///
للهِ حِبٌّ قد رَعَيْتُ وِدَادَهُ
مَهْمَا قَوافٍ في غَوَالٍ تُسْهِبُ
///
ومِنَ الحجاز نزلتُ في نَجْدٍ على
قومٍ كرامٍ أهلِ مجد يُنْصَبُ
///
ولقد سَقَوْا للأكرمينَ حَلُوبَـهُمْ
وقَرَوْا ضيوفَ خيامِهم ما يُعْجِبُ
///
وَأَتَوْا بكلِّ غريبةٍ وعَجيبةٍ
وسباقِ هُجْنٍ في ثَرَاها تَلعبُ
///
وَمِنَ الرِّياضِ إلى إِمارةِ أَبْرُجٍ
ونَواطِحٍ وعجائبٍ تُتَهَيَّبُ
///
وجَلَسْتُ في أفيائِها لِصَفيَّةٍ
مِنْ نورها يبدو جمال يُحجبُ
///
وبذاك قد كَمُلَتْ لنا رَحَلاتُنا
وإلى “أَغَادِيرٍ” مَضَيْنَا نَـهْرُبُ
///
وحُجِرْتُ سَبْعًا بالكمالِ بأرضها
وإلى “رباط الفتح” دومًا أَدْأَبُ
///
ومضت مسيرتنا إلى أرض اللقا
فوجدتُ في بيتِ الـمُنَى ما يُصْحَبُ
///
واسْتَصْبَحَ الـمِشْكَاةَ نُورٌ مُبْهِرٌ
وبِذَا عَلِمْتُ بِأنَّني مُسْتَوْهَبُ