قليل من الفلسفة: في صفات الله وأسمائه
د. خضر محجز | فلسطين
أخشى أن أقول: “ليس للجميع” فينبري لي من يستنكر أن هذا ليس له. وقد حدث ذلك أكثر من مرة، ولم يفهم من استنكر أنه استنكر ثم لم يفهم:
أطمع دوماً في قارئ متميز يبني ويراكم ويتطور. فالمعرفة تاريخ. ولا معرفة تبدأ من الصفر ولا معرفة تنتهي إلى الكمال. فقبل كل معرفة هناك سوابق مؤسِّسة من الطبيعة أو إشارات الماحول.
تقول الفلسفة إن كل شيء له تاريخ، أي: له علاقة بالزمن والمكان وما حوله من الأشياء الأخرى، حتى لو بدت في الظاهر غير مؤثرة.
ومن هنا يتبين أن لا شيء يمكن تحديده بدقة متناهية. وإن كل تحديد تقبل به الفلسفة هو نسبي. أما التحديد النهائي فلا يمكن إلا لما ليس له تاريخ. لا يؤثر فيه شيء.
إلى هنا ينتهي التقديم الفلسفي ويبدأ العرض الديني:
كل وصف هو تحديد ـ كما يفيد كلام الشيخ الأكبر ـ ولذلك فكل ما قيل عنه صفات الله، هو من إنتاج البشر، لِما ظنوه تعريفاً. والتعريف وصف يمتاز بالتحديد. قال الشيخ الأكبر:
“وهكذا كل ما تسميه به، أو تصفه أو تنعته إن كنت ممن يسيء الأدب مع الله: حيث تطلق لفظ «صفة» على ما نَسَب إليه، أو لفظ «نعت»: فإنه تعالى ما أطلق على ذلك إلا لفظ «اسم» فقال: «سبح اسم ربك الأعلى» و «تبارك اسم ربك» و«سبحان ربك رب العزة عما يصفون» فنزه نفسه عن الوصف، لفظاً ومعنى” (الفتوحات. سفر3. ص267).
ذلك لأن اسم “القيوم” مثلاً، إن اعتبرته صفة، كان عليك أن توضح حدود قيوميته. أما إن قلت إنها اسم فقد صارت علما على الذات العظمى التي تتعالى على الأوصاف.
ولن يفيدك كثيراً أن تهرب مما جعلته قاعدة، أن تنسب ذلك إلى علم الغيب. وإلا فمن أي علم غيب جئت بأن له صفات، ولم يقل في كتابه إلا أن له أسماءً؟