إلى الصديق الشاعر محمود درويش*

شعر: بديع صقور | سوريا
” لديَّ ما يكفي من الذكريات لأشرب قهوتي وحدي
في مقهى يظنُّهُ الجميع فارغاً ”
محمود درويش
الصديق العزيز محمود درويش…
تحية زهور اللوز أبعثها لك مع نسائم بحر أوغاريت ..
من هنا.. من فوق ضهر صفرا[2].. من تحت سرب من غيوم شاردة..
أقف “كزهر اللوز..أو ابعد”..
وأتذكر يا محمود :
- ظهيرةذلك اليوم الربيعي الذي من عام/٢٠٠٤/
الذي التقينا فيه..
انت.. محمود درويش…وهيلين بساروس ، وزوجها غانم زريقات وأنا..
وجلسنا تحت شجرة التوت في دار أهل ” هيلين ” .. مع جدّتها التي قصّتْ علينا..
حكاية أبيها “بساروس”، الملقّب ب “اليوناني”والذي مات..
قبل انْ يتحقق حلمه في الرجوع إلى أرض أجداده..
لقد عاجله الموت شاباً ، فدفناه إلى جوار البحر، كما أوصى..
لأنه كان يحبُّ البحر والموسيقا ، والشعر النوارس..
وتنهّدتْ الجدّةُ بحسرة:
- مات أبي وهو يحلم بالعودة إلى وطنه اليونان ليكمل بقية عمره.. هناك..
وليدفن هناك..
مع أنه كان دائماً يقول:
وطني الثاني هنا في سورية..
وتنهدت يا محمود ، وكأنك أردت أن تقول:
أحلم بالموت فوق أرض فلسطين..
وأنْ تتنزه روحي بين زهور لوزها، وزيتونها ..
حارسها الشمس والريح، والمواويل..
محمود العزيز..
“هل تموت الأحلام عندما يموت أصحابها؟!.
أم إنَّها تهيم في الليل بحثاً عمّنْ يحملها من جديد؟”[3]
إلى جزر الأحلام السعيدة..
هي الأحلام تسكننا .. ونسكنها..
/ما أبعدَ المنافي؟!. ما أقربَ الموت / يا محمود!..
متَّ بعيداً عن زهور فلسطين..
وأبيتَ ألّا تنزرع إلّابين أحضانِ تراب ، وزهور فلسطين..
وأتذكر يامحمود ،يوم اتصلت معك.. وقلت لي:
- ذاهب للعلاج.. بعد الرجوع، كما وعدْتُك، سوف أجيء إلى الشام،
وكما وعدّتك بإقامة أمسيتين شعريتين في حمص، وحلب..
ووعْدُ الحرّ ديْنٌ يا بديع..
كنت حراً، وشاعراً كريماً..
وختمْتَ :
سلّم لي على سورية..
سلّم على الشام..
أخي محمود..
بعد رحيلك بسنوات قليلة ..أشعلوا النار في بيت سورية، ولمّا تنطفىء بعد..
جلبوا إلينا مرتزقة، وقتلة ومارقين من كل أصقاع العالم..
لقد/ آجروا فينا / جميعهم يا محمود!
وآه يا محمود !.. كم هي الحروب ظالمة ، وأثمة ؟!
ليكن!.أخي محمود..
وكي لا أطيل عليك، خطر ببالي بعض الأسئلة أريد أن أسألك إياها:
– هل مازلت تجلس وحيداً في مكانٍيغصُّ بالغائبين؟.
كما كنت تجلس وحيداًلتشرب قهوتك في مقاهي الأرض؟.
بالمناسبة محمود.. هل عندكم في السماء..
أماكن تشبه ماعندنا على الأرض؟
صديقي العزيز:
- هل عندكم حروب، مثلما عندنا؟
- هل للقتلة من حضور بينكم؟
- هل وصلتْ سفن “المارينز” إلى بحاركم الهادئة .. الجميلة؟
– هل ما زلت تكتب الشعر عن الحبِّ والإنسان، وفلسطين والحياة ؟
– ما عدد الشعراء الذين يسرحون كالغزلان الشاردة في وطنكم السماء؟
هنا .. نحن لدينا فائض كبير منهم ..
– هل من نقص عندكم في عدد الشعراء ؟.
لا تظن بأننا نريد أن نرسل لكم بالفائض الذي عندنا من الشعراء..
لا..ليس هذا الذي أعنيه..
شخصياً.. أتمنى أن يصبح جميع سكان الأرض شعراء ،
نعم.. نعم..
أليس ذلك أفضل بكثير من أن يصبحوا قناصةً ، ورماة قنابل ،
وحاملي عصي ، وخناجر، وسيوف، وسواطير..و..و..؟.
محمود الرائع.. مؤكدٌ أنت معي..
لو كان العالم مليئاً بالشعراء،والشاعرات.. بالمغنيات، والمغنين..
بالراقصين ،والراقصات..لكان العالم أكثر وِئاماً ، وبهاءً ،
وأكثرحباً ، وسكينةً ، وجمالاً..
المعذرة أخي الشاعر محمود درويش..
ربّما أطلتُ عليك..
قدلايكون لديك متسع من الوقت..
لقراءة كلّ الرسائل التي تصلك من الأصدقاء!.
قد !. وقد!.
محمود الطيب..
- هل أنتم سكان السماء ضجرون مثلنا ؟ /
المعذرة يا أخي..
لقد أسهبت في الأسئلة كثيراً… بسبب ما أعانيه/ما نعانيه/
من ضَجر كبيرٍ، بسبب الحرب ، والفاقة والجوع ، وقلّةِ الفرح !.
وفي الختام..
أخي محمود درويش..
أتمنى لكم إقامةً سعيدة وطيبة في رحاب السماء..
إقامةً مليئة بالفرح والحبّ.. بالشعر.. والموسيقا..والنغم العذب..
بعيدة عن الضجر ، وفاقة العيش.. والحروب..
متمنياً لكم الكثير من التألق والإبداع والحبِّ، والسلام..
في حياة السماء السعيدة الهانئة ..
الهادئة والجميلة.
العزيز محمود درويش.. لروحك التحية المعطرة بندى وعطر زهور الأرض.. مع فائق التقدير والحبّ والمودة والسلام.
هوامش:
ذكرى مرور اثنتي عشرة سنة على رحيل الشاعر محمود درودمشق في/٩/آب/٢٠٢٠
[1]– الشاعر محمود درويش: أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب والعالميين مواليد البروة فلسطين 1941 توفي في 19 آب في عام 2008 في 106 هيوستن /تكساس/ في الولايات المتحدة الأمريكية – من أعماله الكثيرة : كزهر اللوز أو أبعد ـ حاصر حصارك ـ في حضرة الغياب.
[2]– ضهر صفرا: قرية تتبع لبانياس – طرطوس – سوريا
[3]– ما بين قوسين: للشاعر والروائي العراقي سنان أنطون.. المولود في بغداد عام 1967 والذي عاش في المنافي بعيداً عن أرض العراق، من أعماله: كما في السماء- وحدها شجرة الرمان
………….
السيرة الذاتية
صـدر للشـاعر :
أولاً : في القصة :
- مرفأ طائر الظهيرة 1980 دمشق .
- شمال المغيب 1999
- خريف المطر 2000
- طقوس الغريب 2003
- الأعمال القصصية 1999 – 1997 / دار الحارث – دمشق 2006 .
- ثانياً : في الشعر :
- الدفتر البري لأعشاب البحر (كراس) بالإسبانية عن جمعية (بيدرو برادو)
- عام 1983 .
- الدفتر البري لأعشاب البحر بالعربية 1986
- شقائق الخريف 1992
- جلنار البحر 1995
- تحت فيء النجوم 1997
- يرثُ البحرَ الغبار 2000
- حائرون كالقطا 2004
- الأعمال الشعرية 2001 – 1997 / دار الحارث دمشق 2005
- حاضر الآن دائماً 2001
- أعد الزهرة إلى السماء . دار الحارث دمشق 2008
- يحدث في السّهل البعيد 2010
- في السماء إلى (سانتياغو) 2011
- أيّها العابر.. أيّها الغريب!!!2012
- دعوا الحمام ينام 2014
- خواتم في أصابع الهم لصدى 2017
- قمر على مركب الريح (مختارات شعرية)-وزارة الثقافة 2018
- زهرة الريح.. وتبقى الجبال، وزارة الثقافة 2019.
- ثالثاً : نصوص أدبية :
أبعد من زهرة النهار 2001 .
مدارج الريح 2003 .
ـ خريف الهضاب العالية قيد الطبع.
هاتف: 00963 41 2458849
00963 41 7185161
محمول: 00963 933280750
البريد الالكتروني: badiesk@hotmail.com




