البحر
جمانة الطراونة| الأردن
والبحرُ …إنّ البحرَ ما لا تعلمُ
فإذا اقتربتَ لفهمهِ لا تفهمُ
لا تُتعبِ الكلماتِ في تفسيرهِ
هو واضحٌ جدّاً ولٰكنْ مبهمُ
حتّى الطبيعةُ لا تحاولُ شرحَهُ
إذْ ليس مِنْ أثرٍ ولا هو معلمُ
والشعرُ حينَ أفاضَ مِنْ مدلولهِ
واختارهُ لفظاً تلاشى المُعجمُ
البحرُ قلبُكَ حين ينبضُ عاشقاً
والماءُ يجري من جوانبهِ دمُ
والبحرُ رغبتُكَ القصيدةُ تصطلي
شوقاً وصمتُكَ لا لسانُ ولا فمُ
والبحرُ أفصحُ ما نزفتَ تولّهاً
لٰكنَّ جُرحَكَ – يا لجرحِكَ – أعجمُ
متوحّدٌ بالبحرِ إلّا أنَّ …لا
هرمٌ عليهِ وأنتَ وحدَكَ تَهْرَمُ !
البحرُ أوّل عاشقٍ يبكي دماً
لفراقِ مَنْ يهوى ولا يتألمُ
هو أشعرُ الشعراءِ ليس بحاجةٍ
لمنصّةٍ وهو الأجلُّ الأعظمُ
ولسانُهُ العربيُّ ليس يُعيقُهُ
مِنْ أنْ يحدّثَ غيرَهُ ويُترجمُ
فالبحرُ أقدمُ مطربٍ بجراحهِ
عرَفَتْهُ هذي الأرضُ لا يترنّمُ
والبحرُ راويةُ الزمانِ وكلُّ مَنْ
شهدوهُ قالوا عنهُ لا يتكلمُ
والبحرُ لم يعقدْ ليفتيَ مجلساً
معَ أنّهُ مِنْ كلّ شيخٍ أعلمُ
الناقدُ الأعلى يداً لكنّهُ
مِنْ نقدِ مَنْ هُم دونَهُ لا يسْلمُ
البحر جدُّ العالمين كآدمٍ
أكْرِمْ بهِ جدّاً فمَنْ ذا أكرمُ ؟!
نُلقي عليهِ همومَنا لا يشتكي
– كالأمِّ – مِنْ تعبٍ ولا يتبرّمُ
ورثَ ابنَ مريمَ في سماحةِ قلبهِ
فإذا وقفتَ لشتْمِهِ يتبسّمُ
وهو العظيمُ بكلّ حُبٍّ ينحني
وعلى الذينَ اسْتوقفوهُ يُسلّمُ
هذا البدائيُّ الذي لا ينتهي
فبأيِّ بيتٍ في القصيدةِ يُختمُ ؟!