أرق
مريم الشكيلي | سلطنة عُمان
ماذا تفعل عندما يوقظك الأرق عند الساعة الثالثة فجراً بتوقيت حلم يصدمك هذا النهوض المبكر لذاكرتك الحبلى من تخمة الأمس.. كل شيء فيك نائم إلا مخيلتك وعيناك التي تحلق في الفراغ.
لا تدري هل تفسح المجال لشريط الأحاديث أن تعيد استرجاع نفسها كما شاءت مرارا أم تجر نفسك إلى أعماق شراشف نومك وتغوص في وسائدك وتقطع ذاك الشريط المتغلغل في الذاكرة.
لا تدري ماذا تفعل في ذاك الوقت وكل الأحياء في سبات عميق إلا أنت تحدق في السكون وتحاول أن تنتزع نفسك وبقاياك من ذاك التوقيت المرهق أم تواصل التحديق في هدوء الأشياء نصف نائم.
في ذاك الوقت الذي لا تعلم ماذا تفعل فيه حتى إنك لا تستطيع أن تشرب فنجان قهوتك وكأن كل الأشياء عقدت قرانها على الصباح بحيث لا تجد ما تفعله في ذاك التوقيت العاجز حتى من الحياة لا شيء سوى أن ضجيج ذاكرتك يدوي في داخلك محدثا ارطاما مدويا وكأنها مقطورة انفصلت عن قطارها.
وعندما تبدأ خيوط الشمس بغزل الضوء في زجاج النوافذ وأرصفة الطاولات وفي زوايا الغرفة معلنة انتهاء كل أشكال الليل وأرق الثالثة فجراً.. حينها تشعر بأنك خائر القوى وحدك تسير نحو أسرة الحلم وبعكس عقارب الساعة تحس أنك مستنزف من ثقل تلك الليلة المبتورة وتعجز حتى عن مد يدك لتسكت رنين المنبه.