شاهد واقرأ.. الأسرة المسلمة في مواجهة العهر
محمد عبد العظيم العجمي | كاتب مصري
“أصحاب ولا أعز” يثير ردود فعل واسعة بعد عرضه من طرف نتفليكس
يهن البعض أو المعظم فيما يجد علينا من وافدات العهر، وما يدفع به دعاة الرذائل وسدنتها لتقويض أركان الأسرة المسلمة، وتخضيد شوكتها التي لم تزل غصة في حلوق الفاسقين والمفسدين والمجرمين ممن طرأ على مجتمعنا كنبتة خبيثة ما لها من قرار.
يظن البعض أن هذا الباطل المقبل بقضه وقديده أنه شيء أو بعض شيء، وإنما ذلك وهم لا يرقى إلى الظن أو الشك، وقد يتأتى ذلك ليس من قوة الباطل ودعواه، ولكن من وهن دعائم الأسر التي نامت مٌخلّية مشرفيها وعوائلها، وبعدما نامت النواطير الحارسة عن الثعالب الماكرة حتى بان عوارها ونتن ريحها.
ليس للباطل بزهوه وجنده حد يقطع أو سيف يشرع؛ إنما هو محض غثاء، كغثاء السيل وزبد كزبد البحر ما تلبث أن تدهمه جيوش الحق فتهلكه وتدمغه فإذا هو زاهق، وكذلك دعاته حين يبيتون ما يبيتون إن في صدورهم إلا بغض وغل على الأسرة الرابضة المسلمة، وما هم ببالغيه نستعيذ بالله منهم ونستعين الله عليهم.
هذا الأسرة المسلمة التي أرسى دعائمها القرآن، وسنّ النبي – صلى الله عليه وسلم – قوامها ومنهاجها التربوي والخلقي، فجاءت على أحسن ما أراد الله في الكون، فقامت على أصل من نكاح وحرمت السفاح، وشيدت أواصرها على المودة والرحمة والسكن “والله جعل لكم من بيوتكم سكنا” .. “وجعل بينكم مودة ورحمة” سكن لم تعرف مثله البشرية في دين ولا شريعة، إلا شريعة الإسلام؛ ثم التراحم والتواد والبركة وحفظ الأعراض والأنساب، وإعمار الأرض حسب شريعة الله بالأولاد والأحفاد؛ والتواصي بالنساء خيرا، وحضانة الزوج ورعاية الأولاد، وتوقير الكبير والرحمة بالصغير، والإحسان إلى الوالدين، وتقسيم المواريث، والاستظلال تجت عروش البيوت الساكنة الوادعة، والتعليم والتعلم، والقوامة على الأسرة، وحفظ مكتسبات المجتمع وقيمه وأخلاقه وأعرافه.
ألا فليعلم دعاة الفضيلة القائمين على أمرها، القابضين على جمرها أن الله اصطفاهم لما هم فيه، فلا يهنوا ولا يحزنوا وهم الأعلون إن تحقق الإيمان في قلوبهم وأقوالهم وأفعالهم، وأن الله إذ اختارهم لهذا الأمر الجلل فإنه يمن عليهم أن جعلهم من المصلحين الذين امتن عليهم في قوله “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون”.. وقوله” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين”.
أما ما ينبت في مجتمعاتنا من نبت خبيث، وما يجد على قيمنا من العهر والرذائل يقوم بها دعاتها، وإن كانوا إلا امتداد لأسلافهم في كل عصر من قوم لوط، وفسقاء اليونان والرومان وبومبي الذين صب الله العذاب صبا، وقد ترك في آثارهم آيات لمن بعدهم..أفلا يرعوون؟!!”وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم”، فهؤلاء لن يعدوا أبدا قدرهم إن كان لهم قدرا، ولن يكونوا إلا طوارئ دخلاء على ديننا وأعرافنا ما يلبث أن تأتي قذائف الحق فتزهقهم وباطلهم، وتجتث خبائثهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
ولمن يستغربون من المستمسكين القابضين على دينهم وأسرهم، كيف تفرز مصر هذا البلد الطيب، هذا الخبث الذي يخرج علينا كل يوم نكدا، من فسقاء الإعلام ومروجي العهر، وأرباب الرذائل، وصناع سينما الفسق والفُجر.. كيف يخرج هذا النبت من بلادنا؟ وكيف إذا خرج يستطيع أن يعلن عن نفسه، ويروج لفحشه وقد كان أولى به أنفاق الجحور، ومواطىء الأقدام .. لكن سنة الزمان والأيام قد تظهر الأقزام، وتبرز النتن، وما كان هذا إلا لتراجع أدوار المؤسسات التربوية والدعوية والعلمية والثقافية والفكرية؛ وتغافل الحراس وغض أطرافهم عما يحاك ببلادهم من السعي لإفساد الشباب، وتحلل الأسر، وإفشاء الفواحش ثم لا يبالون بعد بأي واد تهلك البلاد!!
فيا أرباب الأسر المسلمة استيقظوا وافتحوا عيونكم وآذانكم وقلوبكم، واعرفوا قدر ما يحاك ببيوتكم وأسركم وأمتكم من دعاة الفتن وشذاذ الخلق، وأراذل البشر الذي لا يفتأون يحاربونكم حتى يردوكم عن معتقدكم إن استطاعوا، فإن لم يكن فعن أخلاقكم وبيوتكم وحرمكم وأفلاذ أكبادكم “لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواهم وما تخفي صدورهم أكبر” وقد بين الله لكم جل أمرهم فاحذروهم يا أولي الألباب.
أيها القائمون على أمر هذه البلاد.. اتقوا الله في بلادكم وما ملكم الله من أمرها، وما أوكل إليكم حفظه والذود عن حياضه من خلق ودين وقيم وشبيبة وشباب وكهول، وما أحرسكم من القيم والفضائل التي إن لم تقوموا بحقها فلن يضيعها الله الذي أراد لها أن تكون، وأراد لكم أن تكونوا سدنتها؛ ولكنه قد يجري عليكم السنن ثم يذهبكم ويأت بمن يقومون بأمرها كما أراد” وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم”.