التعليم: الأعراف والقيم الثقافية (2)
د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الطبية الحيوية الولايات المتحدة الأمريكية
هل تساءلت يومًا لماذا يفكر ويتصرف معظم الأشخاص الذين يعيشون في بلد معين بطرق متشابهة، ولماذا يختلف الأشخاص من بلد أو ثقافة عن الأشخاص من ثقافة أخرى؟ لعل الاختلاف له علاقة بالمعايير الثقافية. يشير مصطلح “الثقافة” إلى المواقف وأنماط السلوك في مجموعة معينة من الناس. بينما يشير مصطلح “نورم norm” إلى مجموعة الأعراف من مواقف وسلوكيات تعتبر طبيعية أو نموذجية داخل تلك المجموعة.
كل المجتمعات لديها أعراف ثقافية فريدة. وعلى الرغم من أن هذه المعايير تؤثر على كل جانب من جوانب حياتنا اليومية، بما في ذلك ما نحب أو ونكره من الأشياء، ومواقفنا منها، وكيف نتصرف؛ فإننا غالبًا لا ندرك أننا جزء من هذه الثقافة، بحلوها ومرها، نرضى بها، نتعامل بها بشكل تلقائي.
إذن، كيف نحافظ على موروث الأعراف والقيم الثقافية فى المجتمع؟ وما هى أهمية مراحل التعليم فى ترسيخ هذه القيم الأصيلة؟
تتناقل ثقافة الأمة من خلال أنظمتها المجتمعية. حيث تلعب ثلاثة أنظمة دورًا رئيسيًا في نقل المعايير الثقافية فالحكومة والتعليم والأسرة؛ عادة، تضع السلطة الحاكمة أيديولوجية تشمل مجموعة من المعتقدات، ثم يتم تدريس هذه المعتقدات والسلوكيات التي تدعمها من قبل المدارس والأسر بالبيوت. غالبًا ما يشار إلى المعتقدات على أنها قيم values، ويشار إلى السلوكيات التي تدعم هذه القيم بالمعايير أو الأعراف norms .
فيما يلي مثال على كيفية نقل معيار ثقافي وكيفية ارتباطه بقيم مجتمعية هامة. تروج حكومة الولايات المتحدة للاعتقاد بأن كل شخص مسؤول عن مصيره. إذا تلقيت تعليمك في الولايات المتحدة ، فقد تعلمت على الأرجح أن أمريكا هي أرض الفرص وإنك حر في إختيار مصيرك. بعبارة أخرى ، يمكنك أن تفعل أي شيء، وتصل الى أى شيء بالعمل الجاد والاجتهاد. و على الأرجح، فإن للأسرة نظام قيم مماثل ومساند. ربما يشدد الوالدان على فكرة التعليم المناسب والاجتهاد بالعمل، معًا يصنعا الحياة الجيدة. وهذا ما يتحقق فى غالب الأمر.
على الجانب الآخر، إذا اختفت الرؤية التعليمية الواضحة للمستقبل، فلنا إن نتصور بالغ الأثر على طبيعة المفهوم والعرف السائد عن فائدة التعليم والعلم والعلماء فى المجتمع من وجهة نظر الطلاب مقارنةً بحرف أخرى بهلوانية لا تتطلب أى نوع من تعليم رسمى!. وهنا، ربما تتزايد صعوبة الدور الأسرى والمجتمعى فى تثبيت الأعراف الموروثة والحفاظ على القيم الثقافية للأفراد فى ظل حروب فكرية مشتعلة، وعالم صغير يسهل فيه الإختراق والتجريف الأخلاقي والسلوكي.