التعليم: المعلم هو الأكثر أهمية في العالم (3)
د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الحيوية بالولايات المتحدة الأمريكية
لعل المعرفة والتعليم هما أساس كل الأشياء التي يمكن تحقيقها في الحياة. ويوفر المعلمون القوة المؤثرة فى تعليم ومستقبل كل أبنائنا. ووجد أن المعلم يؤثر فى تفوق الطالب، أكثر من أي جانب آخر من جوانب العملية التعليمية، والتى يكملها الاداء الأكاديمي للطلاب، والدعم الأسري، ثم تأنى الإمكانيات المؤسسية.
أغلب الأبحاث تشير إلى أن المعلمين هم الأكثر أهمية من بين العوامل المتعلقة بالمدرسة. و خصوصًا عندما يتعلق الأمر بأداء الطلاب في إختبارات القراءة والحساب، فيُقدر تأثير المعلم من واحد إلى ثلاثة أضعاف؛ قياساً بأي عامل مدرسي آخر ، بما في ذلك الخدمات والمرافق والإدارة المدرسية. وعلى الرغم من أن هذه الأبحاث، لا يمكنها لها قياس العوامل “غير المدرسية” المؤثرة بشكل غير مباشر على تفوق الطلاب فى المواد، إلا أن بعض الأساليب الإحصائية وفرت تقديرات جيدة لفعالية المعلمين. منها اسلوب نمذجة القيمة المضافة (value-added modeling) والتى وضحت معلومات قيَّمه حول فعالية المعلم في زيادة درجات إختبار الطلاب ، خصوصًا فئة المعلمين “المتمرسين” ذوي القيمة المضافة العالية، حيث يؤثرون أيضًا على النتائج طويلة المدى، مثل نسبة الحضور والتخرج والالتحاق بالكليات ذات الأرباح المستقبلية العالية.
ويتم تحديد المعلم الفعال وبشكل أفضل من خلال أدائه وحبه لرسالته التربوية، وليس فقط من خلال خلفيته الدراسية أو خبراته السابقة . أكدت دراسة قام بها جون هاتي شملت 1000 مراجعة، أن المعلمين هم العامل الوحيد الأكثر أهمية في الفصل الدراسي فى مقياس التحصيل التعليمي للأطفال. ووجد أن التأثير الأكبر على تقدم الطلاب في التعلم هو وجود مدرسين ذوي خبرة عالية وحب للمهنة، يعملون معًا لتعظيم تأثيرهم الايجابى. ليس غريبًا. حيث أن المعلم هو من يضع يده على نقاط الضعف والقوة بالطالب، وتحديد ما يمكن تحقيقه أثناء الفصل الدراسي. وبدون المعلم ليس بمقدور خطة استرشادية أو برنامج بمفرده النجاح فى تحقيق الأهداف المرجوة. حيث أن قدرة المعلم على إتخاذ قرارات لحظية تناسب سلوك واستيعاب الطلاب اثناء الدرس، هي التي تعزز قوة وفعالية التعلم، وإحداث الفرق الحقيقي.
يمكننا هنا التأكيد على أن المعلمين هم أهم فئة فى أى مجتمع مدنى متحضر. فهم من يمنحون أطفالنا هدفًا ، ويهيئونهم للنجاح كمواطنين في عالمنا ، وهم مصدر الإلهام والدافع للنجاح في الحياة. وأطفال اليوم هم قادة الغد ، والمعلمون هم تلك النقطة الحاسمة التي تجعل الطفل مستعدًا لمستقبله.
لماذا المعلمون مهمون في المجتمع؟
يجزم علماء النفس أن الأطفال يحملون ما تعلموه في سن مبكرة طوال بقية حياتهم. شباب اليوم هم قادة الغد؛ والمعلمون هم الفئة الوحيدة التى يتعلم على يديها الشباب في أكثر سنواتهم تأثرًا – من مرحلة الحضانة الى ما قبل التعليم الجامعى. لذا يتم تشكيل قادة المستقبل على أيادي المعلمين. وهكذا يتم بناء أجيال مستقبلية إيجابية وملهمة ، ويتم تصميم المجتمع ، على المستوى المحلي والعالمي.
في الواقع ، المعلمون لديهم الوظيفة الأكثر أهمية في العالم. لأن هؤلاء الذين لديهم التأثير على أطفالنا، لديهم القدرة على تغيير الحياة بالكامل. المعلم الجيد يمثل نظام داعم للطلاب، ونموذجًا يحتذى به ومصدر مُلهم للمضي قدمًا. المعلم هو من يأخذ بيد الطالب الضعيف، ويلمح الطالب الموهوب ويساهم فى زيادة القدرات الإبداعية و تشكيل الآراء، وبلورة الأفكار والأهداف المستقبلية للتلاميذ.
التعليم هو قاطرة التنمية نحو المستقبل. والمعلمون هم وقود هذه القاطرة، التى تصنع قادة وعلماء ومبدعين ومخترعين ورواد أعمال— والأساس الصلب للتقدم والرقى الحضارى للأمم.
^^^^
أرجو قراءة مقالات سابقة فى سلسلة التعليم فى الروابط الاتية:
التعليم: المدرسة وصناعة المواطن (1)
د. فيصل رضوان | الولايات المتحدة الأمريكية
http://79j.713.mywebsitetransfer.com/?p=71215
^^^^^^
التعليم: الأعراف والقيم الثقافية (2)
د. فيصل رضوان | الولايات المتحدة الأمريكية
http://79j.713.mywebsitetransfer.com/?p=71120
مراجع للإطلاع:
Hattie, J. (2017). Hattie Ranking: Influences And Effect Sizes Related To Student Achievement.
Hattie, J. (2015). What Works Best in Education: The Politics of Collaborative Expertise. London, UK: Pearson.