إلى الأم الفاضلة السيدة فاطمة سالم – حي الشيخ جراح، القدس – العاصمة
د. إيهاب بسيسو | فلسطين
جرح يدك يا أمنا الغالية أكثر بلاغة من الخُطَب الموزونة …
ما يحدث في حي الشيخ جراح في القدس العاصمة يجعل من وصف جريمة الاستيطان عنصرية مجرد تفصيل سطحي أمام عمق المأساة التي تتجسد على الأرض لحظة بلحظة أمام هجمات المستوطنين وجنود الاحتلال على حد سواء …
أن تحيا في حي الشيخ جراح، لا يعني أنك تنتظر تنديداً أو شجباً أو استنكاراً محلياً أو عربياً أو دولياً فالجريمة المستمرة ضد الوجود الفلسطيني في القدس العربية واضحة والمجتمع الدولي ليس بحاجة لمن يقود عينيه الواسعتين صوب البيوت الفلسطينينة المهددة بالاقتلاع والإزالة …
أن تحيا في حي الشيخ جراح، يعني أن تواصل جمع أنفاسك من الصخب كلما حاول الجنود اقتحامك بالهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص …
أن تصنع من كرسي بلاستيك منزلي أداة ملائمة للدفاع عن حقك في الوجود وعن ذاتك وعن الأمهات اللاتي يحاول الجنود محاصرتهن بالفولاذ وجرح ذاكرتهن بالدم …
أن تحيا في حي الشيخ جراح يعني أن تتجدد من جرحك وأنت تعلم جيداً اختلال ميزان العدالة، واختلال ميزان الوقت واختلال الخطاب اليومي بين المطلبي والاستراتيجي والوحدوي والتضامني والدبلوماسي والضروري والشعبي والعقلاني والعاطفي والغرائبي والموسمي والفصلي، والاقليمي والدولي …الخ الخ الخ الخ الخ …
أمام جرحك الصاعد من بدنك الممزق خارطة وحياة …
ما يحدث في حي الشيخ جراح في القدس العاصمة يصفع وجه الانسانية “المتحضرة” المنشغلة بتتبع أخبار حرب بعيدة محتملة …
انسانية الكلمات المنمقة والمدروسة جيداً والمكررة كسيناريو فيلم رديء عن أهمية حقوق الانسان “في مناطق النزاع” …
في حي الشيخ جراح تتجسد مقولة المفكر الشهيد مهدي عامل ذات زمن بعيد “لست مهزوماً ما دمت تقاوم” …
الشيخ جراح يواصل صناعة الزمن الفلسطيني بصمود وطني يشبه ذاكرة البلاد الوطنية في كل شيء .