حول حديث “من كنت مولاه فعلي مولاه”

د. خضر محجز | فلسطين

يزعم عدنان إبراهيم ـ ويقتدي به في قوله متشيعو غزة ــ بأن حديث “من كنت مولاه فعلي مولاه” متواتر

ويبد أن الدكتور الفاضل يفهم التواتر من هذه الرواية الضعيفة في المسند: «حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك عن أبي عبد الرحيم الكندي، عن زاذان بن عمر، قال: سمعت عليّاً في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ـ يوم غدير خمّ، وهو يقول ما قال؟ فقام ثلاثة عشر رجلاً، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه»

رغم أن هذه الرواية ليست مجرد آحاد فحسب، بل هي ضعيفة كذلك لجهالة “أبي عبد الرحيم الكندي”، إلا إن كان عدنان إبراهيم يرى في قول الراوي: “فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا” تواتراً

وإليكم البيان الشافي:

“من كنت مولاه فعلي مولاه”: لم يرو هذا الحديث ـ بهذا النص، ولا بما يقاربه ـ الصحيحان، ولا أبو داود ولا النسائي، ولا الموطأ، ولا ابن حبان. ولكن رواه الترمذي، بصيغة الشك، ثم قال عنه: حسن غريب.

وقد ورد الحديث عند ابن ماجه بالصيغة الآتية:

“حدثنا عليّ بن محمد، حدثنا أبو معاوية، حدثنا موسى بن مسلم، عن ابن سابط ـ وهو عبد الرحمن ـ عن سعد بن أبي وقاص؛ قال: قدم معاوية في بعض حجاته، فدخل عليه سعد، فذكروا عليّاً. فنال منه. فغضب سعد، وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: “من كنت مولاه فعلي مولاه”؟

وهذه الرواية ضعيفة، لأن فيها انقطاعاً: فعبد الرحمن بن سابط لم يسمع من سعد بن أبي وقاص كما قال الحافظ في التهذيب.

ورغم ذلك فهذا الحديث يمكن تصحيحه بطرق أخرى، منها الضعيف ومنها ما هو فوق ذلك. وبذا فهو حديث آحاد صحيح على أفضل تقدير.

أما عدنان إبراهيم فيقول إن الحاكم أورده في مستدركه متواتراً.

وقد بحثت عن هذا الحديث في مستدرك الحاكم، فوجدته مرويّاُ عن كل من الصحابة الآتية أسماؤهم: بريدة الأسلمي، وسعد بن أبي وقاص، ورفاعة بن إياس عن أبيه عن جده، وزيد بن أرقم.

فهؤلاء أربعة من الصحابة، لو صحت الرواية عنهم لما كان هذا تواترا، بل مجرد حديث آحاد، فكيف إذا لم تصح من هذه الروايات سوى اثنتين: رواية بريدة الأسلمي، ورواية زيد بن أرقم؟

وسقطت رواية سعد: لأن الحاكم ـ الذي زعم أنه سيصنف كتابا على شرط الشيخين، وكلما روى عن أحد قال على شرط الشيخين، ثم صمت هنا ـ لم يجرؤ على تصحيح هذه الرواية.

كما سقطت رواية رفاعة بن إياس عن أبيه عن جده، لوجود الحسن بن سفيان في سلسلة السند، وهو ليس بثقة.

الخلاصة: الحديث صحيح وهو رواية آحاد.

والله أعلم

فلم يُراد لحديث آحاد أن يتواتر فيبلغ في ثبوته ما بلغ القرآن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى