أستاذي العزيز (1)
شرين خليل | المنصورة
اللوحة الفنية للفنان دانييل جيرهارتز
جلست في غرفتي بعد الإنتهاء من عملي وكعادتي اليومية في كل مساء أغلق على نفسي وأجلس وحيدة أسترجع ذكرياتي وأبكي تارة وأبتسم تارة أخرى ولكن في النهاية ينتصر البكاء ويهزمني وأجد نفسي غارقة في عالم الأحلام لأستيقظ في الصباح وأذهب للعمل وتدور بي الحياة فلا جديد عندي فأنا أرهق نفسي في العمل لكي انسى ولكني لم ولن أنسى .كل يوم أتذكر قصة حبي الوحيد فأنا كنت فتاة رقيقة القلب ولا ادري من اين أتيت بهذا القلب الرقيق فلقد نشأت في أسرة شديدة الفقر ليس فقر المال ولكن فقر المشاعر والحب ،فعلاقة أبي بأمي علاقة جافة ،أبي يمتلك املاكا كثيرة وأمي تزوجته من أجل ذلك ،أمي شديدة الجمال ولكنه جمال خارجي فهي شديدة القسوة لاترى إلا المال فقط لايوجد بيني وبينها أي تفاهم ، دائما أختلف معها في كل شئ. كم تمنيت أن اترك هذا البيت وأرحل بعيدا فأنا منذ طفولتي وحيدة لي أخوة بنين ولكنهم لايشعرون بي فهم أيضا مثل أبي وأمي في كل شئ كنت متفوقة في دراستي ومميزة ولكن قلبي حزين دائما وأفتقد الأحساس بالحنان والدفء الأسري .
إلتحقت بالجامعة ومازالت هذه العقدة بداخلي ،أحبني زميل وطلب أن يتقدم لخطبتي وكالعاده رفضت هذا الطلب وبشدة على الرغم من أنه إنسان رائع . أريد رجلا بمواصفات أخرى أريد من يحتويني ويشعرني بأني طفلته المدلله ويملأ قلبي بالحنان الذي أفتقده حتى ظهر من وجدت فيه كل ما أتمنى ،رجل اربعيني جذبني هذا الشعر الأبيض الذي يزيده وقارا وهيبه ،لن أنسى أول يوم رأيته عندما دخل قاعة المحاضرات وبدأ يتحدث معنا بروح الأب الحنون والصديق والأستاذ الراقي كان أستاذي وصديقي بل صديق الجميع نشعر جميعا معه بالأمان والطمأنينة . بدأت حياتي تتغير إلى الأفضل وأشرقت شمس قلبي وأخيرا ملأ الحب حياتي ووجدت من يحتويني ويغمرني بالحنان والعطف كنت طفلته المدلله لم أشعر معه بفارق السن لم أشعر أنه الأستاذ كنت أشعر فقط أنه الحياة .لاحظ الجميع هذا الإهتمام وهذه النظرات المليئة بالمشاعر وبدأ الحديث عن قصة حب صامتة بين الأستاذ والطالبة حتى أخبرني زميلي الذي كان يريد خطبتي أن أستاذي متزوج ولديه طفلة كانت صدمة لي لذا قررت أن أتحدث معه وأصارحه بحقيقة مشاعري واعرف منه الحقيقة وبالفعل كانت الحقيقة مؤلمه فهو بالفعل متزوج ولكنه على وشك الإنفصال بناءا على رغبة زوجته فالحياة بينهما أصبحت مستحيلة وصارحني بحبه لي وأنه سوف يأتي لخطبتي وبعد الإنتهاء من إجراءات الأنفصال سيتم الزواج .كنت سعيدة ولم أفكر في عواقب هذا القرار .لم أفكر بعقلي وفكرت بقلبي فقط فأنا أريد الحب بأي طريقة .أخبرت أمي بالموضوع لأجدها ترفض بشدة وأبي أيضا ووصل الامر لعقابي بشدة ومنعي من الذهاب إلى الجامعة وعشت في سجن بدون أي وسيلة للإتصال وأصبحت في حالة نفسية سيئة وأقترب موعد الأمتحان وسمح لي أبي بالذهاب للجامعة ومعي أخي لكي يراقبني ،كنت سعيدة لأني سأجد أستاذي فبالتأكيد ينتظرني ويشتاق لرؤيتي كما أشتاق لرؤيته ولكني لم أجده ،سألت الجميع وكانت الإجابة أنه ترك الجامعة وسافر ولا أحد يعرف مكانه وأن مافعله أبي معه هو السبب وأخبرني زميلي أن أبي جاء له في الجامعة وأهانه إهانه شديدة وأمي ذهبت لزوجته وعائلته واساءت إليه وقاموا بتشويه صورته أمام الجميع بأنه رجل كبير ويتلاعب بمشاعر فتاة صغيرة من أجل مال أبيها .
سمعت هذا الحديث ولم أشعر بنفسي وأنا في حالة صراخ هيستري وكانت النتيجة أني أصبحت مريضة إكتئاب وحاولت الأنتحار ومرت الأيام وأنا أعاني ورافضة للحياة إلي أن أخبرني أخي أنه سوف يبحث عن أستاذي لكنه لن يفعل ذلك حتي أخرج من هذه الحالة وأعود لدراستي ووعدني بذلك وبالفعل بدأت رحلة العلاج بدأت في التحسن والتعافي وبدأ اخي يبحث عنه وعرف أنه سافر ولا أحد يعرف متي سيعود …
مر بي العمر وأنا أنتظر عودته وفشلت كل محاولات أمي في الضغط علي لكي أتزوج وفشلت محاولاتي في النسيان ،أنهيت دراستي والتحقت بوظيفة جيدة وفي نفس الوقت كنت أشغل وقتي بالأعمال التطوعية وأعمال الخير
أتمني أن أقابله مرة أخرى وأخبره أنني أحببته ولا ذنب لي فيما حدث وأسأله : لماذا تخليت عني إذا كنت تعلم أني أحبك أكثر مني ..لماذا ؟؟