رسالة إلى لاجئ على ساحل البحر

 نزهة أبو غوش | أديبة فلسطينية

أمام مجموعة من الأزهار الملوّنة، المنقوعة في بالماء في دلو بلاستيكيّ، وقف ينظر إِلى المارّة، هناك في زاوية الشّارع المؤدّي الى السّاحل الجنوبيّ لمدينة استنبول. شممت رائحة البحر ورطوبته. لفت نظري ذلك الطّفل الّذي كان ينتعل حذاء أزرق من البلاستيك المتهالك، وبنطالا من الجينز الكالح المهترئ، يتّسع لرجل بالغ، وبلوزة رياضيّة فضفاضة تكاثفت عليها الوان غير معروفة.
حمل باقة من الأزهار وراح يقرّبها من المارّة. بلهجته السّوريّة الّتي لم تخف على أحد اقترب منّي:
– ربنا يستر عليك ويخلّي عيالك، انتوا على راسنا والله! يا ريت تشتري منّي هالوردات بنص السّعر.
صفنت به للحظات وتهت بعيدا. عاد عليّ الطّلب مرّة أخرى. أمسكت بيده ومسحت على رأسه، ونسيت أنّه البائع وأنا المشتري. لا أعرف لماذا نزلت الدّموع الّتي كنت أخبّئها من زمن بعيد.
تناول وردة بيضاء من الباقة الّتي بين يديه، وقدّمها لي.
نظر في عينيّ نظرة لم يفهمها إِلا أنا وهو.
حين سألوني، ارتبط لساني في حلقي، ولم أعرف أن أشرح لأحد، لماذا عشقت هذا الطّفل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى