وصيّة أم إلى ابنتها العروس في ليلة كورونا

نزهة الرملاوي | فلسطين

أي بنيّة.. ها أنت تغادرين بيتنا الذي يأويك، وفي غمرة حبّنا يُبقيك، وحضننا الذي ما برح يناديك.. وحُماة عزّ في النّائبات تحميك، فلا تحاولي النسّيان.

أيّ بنيّتي: ستختلف مراسم الأعياد ومراسم الزّفاف عمّا كانت عليه، ستغلق الأبواب ويغيب الأحباب فلا تنتظريهم، ستنام أيام الفرح إلى ما يشاء الله.. فاصبري على ما سيقسمه الله لك وكوني من الشّاكرين.

يا عنقود سعادتنا، أدركي جيّدا مدى بشاعة البلاء الذي داهم عالمنا في ساعة غفلة، وعِيْ جيّدا ما سبّبه من تغيّر في أسلوب الحياة، وضيق في الأحوال لا تحمد عقباها، فاحمدي الله على نعمة العطاء، واستغفريه يدفع عنك البلاء، واسأليه يعمّ الأمن من حولك والرّخاء.

أيّ أميرتي: أعرف أنّك قد اخترت فستان زفافك، ووضعت لمساته من خيالك، ومن رقيّ ذوقك كانت تفاصيله الرّقيقة، لكنّك لا تستطيعين ابتياعه اليوم، فنحن في زمن الخارج من بيته موبوء، والقاعد فيه محجور، نازلة عمّت البلاد، وفرّقت العباد، وأضحى العالم في سكون غريب… وكأنّه يأخذ استراحة مقاتل، يأمرنا أن نتأمّل ما لم نكن نرى، وننصت إلى ما لم نكن نسمع… فلا تحزني لغياب المدعويّن، أو شماتة الحاسدين، فلله الأمر من قبل ومن بعد، أرجو أن لا تتحسّري على قناديل مطفأة في الصّالات، ولا على ضجيج من صراخ أو أغنيّات، ولا تبكي غياب المزيّنات، فشعرك الشّلال ملحمة تنافس أجمل الحكايات، انشري الفرح في دواخلك وامض للحياة.

أيّ حبيبتي: أعلم أنّك الخلوقة التي تربّت، والعزيزة التي ما ذلّت، والنّجيبة التي أدركت الكثير من شاردات الحياة ووارداتها، وفي اختيار شريكها تأنّت، فقد عهدت فيك المثابرة والإقدام، والثناء والاحترام.. كوني لزوجك شمسا ليكون لك ظلّا، وكوني له ربيعا ليكون لك وردا، وكوني لأهله حبّا ليكونوا لك سعادة، لا تهجري القرآن وأحسني العبادة، فالله يورّث الصّالحين حسن الختام، ويبعد الماكرين عنك وشرّ الأنام.

أبهريه بحسن خلقك واختيار هندامك، وبهاء طلعتك وعطر مكانك، وجميل صنيعك ونشر أفضالك، وموزون كلامك وفصيح لسانك.

أيّ غاليتي: سيأخذك الرّفيق فكوني له رفيقة، شفّافة معطاءة رقيقة، لا ينطق لسانك إلا بقول الحقيقة، أبهريه بجمالك وعلمك وابتسامك، اخفضي له جناح البساطة؛ ليعلو فوق السّحاب، كوني العفيفة في الحضور والغياب.. امضي إلى حلمك آملة ضاحكة، واستبشري انتصارا للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى