فستانها كمان وقميصها بيانو للشاعر العراقي هاشم شفيق
كتب: شاكر فريد حسن
عن دار “خطوط وظلال” في العاصمة الأردنية عمان، صدرت مختارات شعرية للشاعر العراقي المغترب هاشم شفيق بعنوان “فستانها كمان وقميصها بيانو”، وتم اختيار وانتقاء هذه القصائد من مجمل اعماله الشعرية على امتداد سنوات طويلة، بدءًا من ديوانه الأوّل “قصائد أليفة”، الصادر في بغداد العام 1978، وانتهاءً بديوانه “نقد الحب” الصادر في القاهرة العام 2020. وجاءت هذه المختارات في 450 صفحة، مع تقديم للشاعر، ومما جاء فيه: “لا غرو لو قلنا بأن الشعر هو لغة العالم، ولغة الكائنات، لغة تتسق مع الإيقاع والنغم والموسيقى، التي تخاطب الروح، والعقل، والجسد، والجوّانيات والعوالم الداخلية للإنسان، فالشعر فضلاً عن كونه لغة جمالية، رؤيوية، فنية وتعبيرية، تستقي رؤاها من المتخيّل، وتتغذى من مائدة الخيال، هدفها الرئيس هو التواصل مع الآخر، وملامسة أعماقه، لغرض التعبير عن خلجاته، فهي أيضاً لغة الريح والمطر، والهواء والشمس، والأشجار والأنهار والجبال والبحور والفصول وتحولاتها في الطبيعة”.
ومن أجواء هذه المختارات، هذا النص:
نحت في الشجرة
صنع النجّارُ
لنا كرسيّاً من شجر الزانِ،
فجئنا نحو القصرِ
بمقعده الرطب الأخضر
ومسانده العليا
لكنْ حين رآه الأطفالُ
وسقّاءُ الحارةْ
سرقوا من حانوت النجارِ المنشارَ
وراحوا يسقون الكرسيَّ الماءَ
فلما انهدمتْ كلُّ الجدرانْ
سمَقَتْ في المنزلِ
أشجارُ الزانْ.
هاشم شفيق شاعر وروائي وناقد أدبي من العراق، ولد العام 1950، غادر العراق سنة 1978، عرفته المنافي وعواصم العالم، عمل مذيعًا في إذاعة المقاومة الفلسطينية في بيروت، ثم عمل في الصحافة العربية لسنوات طويلة، يقيم بمنفاه الاختياري في عاصمة الضباب لندن، ويُعد من أهم شعراء جيل السبعينات في العراق، وهو مخلص للقصيدة، ويكتب النص النثري المثقل بصور الغربة والحنين إلى بلاد الرافدين، وبقي العراق بلده البعيد، ولكن لم يبتعد عن حياته وأيامه، أينما حلّ وارتحل.
ومن ينظر في أعمال هاشم شفيق الإبداعية سيقف على تلة الشعر الصافي الجميل النابع من عمق الإحساس ورقة الجملة والعبارة الشعرية، التي تحيلنا في الكثير من الأحيان إلى عوالم غاية في الروعة والسحر والجمال، وفي الوقت نفسه يستشف الحزن العميق الذي يخيم في أسئلة الشاعر في عمق قصائده المدججة بمآسي الإنسان التي تخللتها فترات مظلمة وحالكة عبر الاعتقالات والحروب والحصار والموت على حد سواء.