مقبرة الإيمان.. وقصائد أخرى
تركي عامر| فلسطين
(١)
تَحْتَ تِلْكَ الطّاوِلَةْ،
تَعْمَلُ السَّبْعَةَ أَيْدٍ هامِلَةْ.
تَكْتُبُ التّارِيخَ إِنْشاءً يَسِيرًا،
وَكَأَنَّ العَيْنَ عَنْها غافِلَةْ.
تَدَّعِي العِفَّةَ لَيْلًا وَنَهارًا،
وَهْيَ فِي البَغْيِ عَمِيقًا مُوغِلَةْ.
تَمْلَأُ الدُّنْيا نَفِيرًا،
وَعَنِ الحَرْبِ تَراها عاطِلَةْ.
(٢)
لِماذا تَزُورُونَ هٰذا المَقامْ؟،
يُسائِلُنِي سائِحٌ أَجْنَبِيّْ.
أفَكِّرُ مِثْقالَ سَطْرٍ،
أرُدُّ بِخَيْرِ الكَلامْ:
لِإِنَّا نُحِبُّ النَّبِيّْ.
(٣)
صَباحِيَ جاءَ. وَلٰكِنْ بِكُلِّ صَراحَةْ،
بِدُونِكِ مَهْزَلَةٌ أنْ يُسَمَّى صَباحَا.
أَتَيْتِ. فَقُلْتُ لِقَلْبِي: اسْتَرِحْ يا صَدِيقِي!
فَرَدَّ يُغَنِّي: أخِي، مَنْ رَآها اسْتَراحَا.
(٤)
خَرَجَتْ بِنْتُ الشَّيْطانْ،
كَيْ تَسْأَلَ: “ما الإيمانْ؟”.
رَجِعَتْ لِتَقُولَ لِوالِدِها،
ما قَدْ سَمِعَتْ في كُلِّ مَكانْ:
إنَّ الإيمانَ لَمَقْبَرَةٌ،
فِيها رُوحُ الإنْسانْ..
تَحْيا. وَتَمُوتُ إذا خَرَجَتْ،
مِنْ مَقْبَرَةِ الإيمانْ.
(٥)
سَأَلَتْنِي ذاتَ يَوْمٍ مُكْفَهِرَّةْ:
كَيْفَ صارَتْ تَتَجَرَّا؟
قُلْتُ: إنَّ الأمْرَ سَهْلٌ وَبَسِيطٌ،
لُغَتِي واضِحَةٌ لٰكِنَّها لا تَتَعَرَّى.
ثُمَّ ثَنَّيْتُ بِصِدْقٍ وَبِرِفْقٍ:
لَمْ أَقُلْ يَوْمًا لِحُرَّةْ،
“إنَّ في عَيْنَيْكِ حُزْنًا”.
لَسْتُ مِنْ هٰذِي المَجَرَّةْ.
(٦)
داهَمَتْني مُسَوَّدَةٌ ناجِزَةْ.
بَعْدَ سَطْرَيْنِ أعْلَنْتُ لِي:
إِنَّها امْرَأَةٌ مُعْجِزَةْ.
كَيْفَ أقْنِعُ نَفْسِي سَريعًا؟
قَرَأْتُ. عَثَرْتُ على ريشَةٍ،
بِدَمِ القَلْبِ تَكْتُبُ سِيرَتَها المُوجَزَةْ:
لَسْتُ عاجِزَةً يا أبِي،
رُوحُكُمْ عاجَزَةْ.
(٧)
بَنَفْسَجَتِي! لَنْ أطيلْ.
إليْكِ بياني: أضيعُ أراني،
أضعْتُ السّبيلْ.
لعينَيْكِ إنّي أفوِّضُ أمْري،
وخمْري، وقلْبًا بحُبِّكِ أمْسى
عليلًا.. عليلْ.
لعينَيْكِ شِعْري، أخُطُّ بحِبْرٍ
يُسَمِّيكِ بحْرَ نهاري،
وليلي طويلٌ.. طويلٌ..
طويلْ.
(٨)
سَهْوًا رَأَيْتُ الخالَ فِي الخَدِّ.
عاجَلْتُنِي: مِنْ أَيْنَ هٰذِي؟
هَسْهَسَ الإِسْوارُ فِي الزَّنْدِ:
(مِنْ هٰذِهِ الدُّنْيا.
وَهٰذا السَّهْلُ صَعْبٌ).
لُمْتُنِي وَزَجَرْتُنِي. عالَجْتُنِي:
إِنِّي أَرَى قَمَرًا مِنَ الهِنْدِ.
غَضِبَتْ. وَثارَ الكُحْلُ عَنْ بُعْدِ:
(حَسْناءُ مِنْ بَلَدٍ بِلا بَلَدٍ.
حَسْناءُ لا قَبْلِي وَلا بَعْدِي).
أَنَّبْتُنِي. وَبَّخْتُنِي: تَبًّا
لِما فِي الهِنْدِ وَالسِّنْدِ.