صادقوا القطط

هناء عبيد | ميتشجان – أمريكا

ما أجمل تلك الصّديقات اللاتي نقضي معهنّ أمتع الأوقات؛ ليخترق سهمًا من البهجة قلوبنا، فيجعلنا في سعادة قد تعجز القواميس عن احتواء مفرداتها.
تحدّثت وصديقتي اليوم عن أهم النّدوات الّتي تقوم بتقديمها، وأهمّ الكتّاب الّذين يستحقّون الاحتفاء بكتبهم وأعمالهم الثّقافيّة القيّمة، فأخذتنا تلك النّقاشات إلى عالم آخر، وانتشلتنا من دائرة فوضى الحياة الّتي أحاطها طابع النّفاق والكذب والفساد والدّمار، وكثير من المفردات القاتمة الّتي قد لا تتسع الصّفحة لها ولما يدور في عالمنا من بشاعة وقباحة.

ورغم أنّ خلايا عقولنا قد انتعشت بالتقاط ذرّات نقيّة من الهواء المنعش من خلال تلك الأحاديث الثّقافيّة؛ إلّا أننّا ابتعدنا.
عنها قليلًا، إذ لا بدّ أن نعترف أحيانًا أنّ هناك أمورًا بسيطة قد تبدو تافهة للبعض، تأخذنا إلى عالم آخر من البهجة، فالأوقات الّتي نقضيها في الاستماع إلى نشرات الأخبار وصراعات البشريّة والكراهية والحقد، كفيلة بأن تخلع كلّ ثقتنا بهذا الكون بل وكفيلة بزرع أشواك في قلوبنا من الصّعب اقتلاعها.

قبل أيّام قلائل مثلًا، فجعنا باغتيال أيقونة الصّحافة العربيّة شيرين أبو عاقلة، الصّوت الّذي لم يرهبه الرّصاص ولا الاحتلال المدجّج بكلّ أنواع الأسلحة، ذلك الصّوت الذي أوصل معاناة الأسرى، وحزن الأمّهات الثّكالى، ونضال المقاومة، واستنجاد الأقصى إلى أقاصي البلاد، ذاك الصّوت الّذي صدح عاليًا ليكون أقوى وسيلة لإيصال قضيّة إنسانيّة تخلّى عنها الكثيرون في وقت هي بأمسّ الحاجة إلى الالتفات إليها ومناصرتها.
تتوالى الأحزان علينا، ويضيق صدرنا، وتتأزّم أوقاتنا، وقد تتراكم الضغوطات علينا لتضعنا في اكتئاب وقلق وتوتّر، فنحاول التقاط أنفاسنا لنواصل مسيرة الحياة، لكنّ الضّباب يحيطنا من كلّ صوب والقتامة تغلب على ألوان حياتنا، فنجبر أن نبحث عن رئة كي نلتقط أنفاسنا من خلالها.

المضحك في الأمر أنني وصديقتي حوّلنا بوصلة حوارنا إلى اتجاه مغاير وذلك حينما سألتني عن آخر كتاباتي وقراءاتي، خاصّة في ظلّ هذه الأحداث الكئيبة.
أجبتها وبكلّ صدق: أخجل يا صديقتي أن أخبرك بأنني انشغلت عنهما بحدث مهمّ أعاد لي توازني، سألتني وما هو هذا الحدث الجلل؟
قلت: القطط، ضَحِكَتْ عاليًا!
كررت عبارتي: نعم؛ القطط يا عزيزتي، قطّتان أعادتا لي توازني النّفسيّ، وحسّنتا من مزاجي؛ الجميل في الموضوع أن صديقتي تفهّمت الأمر تمامًا، فهي صديقة لقطّةٍ قامت بما فعلته لي قطّتاي.

تبادلنا الحديث عن السّعادة القططيّة وقمنا بإرسال صور الحسناوات الفاتنات لبعضنا البعض وقلبانا يخفقان فرحًا.
أيّها السّادة الكرام، إن افتقدتم وفاء البشر، وتراكمت عليكم مصاعب الحياة، ووقفتم عاجزين أمام قضايانا الشائكة المحزنة، وشعرتم بالموت يطرق أبواب قلوبكم، لا تترددوا في مصادقة القطط، ففي مصادقتهم انتعاشة، وسعادة، ودعوة متجددة إلى استمراريّة الحياة.

صادقوا القطط
ما أجمل تلك الصّديقات اللاتي نقضي معهنّ أمتع الأوقات؛ ليخترق سهمًا من البهجة قلوبنا، فيجعلنا في سعادة قد تعجز القواميس عن احتواء مفرداتها.
تحدّثت وصديقتي اليوم عن أهم النّدوات الّتي تقوم بتقديمها، وأهمّ الكتّاب الّذين يستحقّون الاحتفاء بكتبهم وأعمالهم الثّقافيّة القيّمة، فأخذتنا تلك النّقاشات إلى عالم آخر، وانتشلتنا من دائرة فوضى الحياة الّتي أحاطها طابع النّفاق والكذب والفساد والدّمار، وكثير من المفردات القاتمة الّتي قد لا تتسع الصّفحة لها ولما يدور في عالمنا من بشاعة وقباحة.

ورغم أنّ خلايا عقولنا قد انتعشت بالتقاط ذرّات نقيّة من الهواء المنعش من خلال تلك الأحاديث الثّقافيّة؛ إلّا أننّا ابتعدنا.
عنها قليلًا، إذ لا بدّ أن نعترف أحيانًا أنّ هناك أمورًا بسيطة قد تبدو تافهة للبعض، تأخذنا إلى عالم آخر من البهجة، فالأوقات الّتي نقضيها في الاستماع إلى نشرات الأخبار وصراعات البشريّة والكراهية والحقد، كفيلة بأن تخلع كلّ ثقتنا بهذا الكون بل وكفيلة بزرع أشواك في قلوبنا من الصّعب اقتلاعها.

قبل أيّام قلائل مثلًا، فجعنا باغتيال أيقونة الصّحافة العربيّة شيرين أبو عاقلة، الصّوت الّذي لم يرهبه الرّصاص ولا الاحتلال المدجّج بكلّ أنواع الأسلحة، ذلك الصّوت الذي أوصل معاناة الأسرى، وحزن الأمّهات الثّكالى، ونضال المقاومة، واستنجاد الأقصى إلى أقاصي البلاد، ذاك الصّوت الّذي صدح عاليًا ليكون أقوى وسيلة لإيصال قضيّة إنسانيّة تخلّى عنها الكثيرون في وقت هي بأمسّ الحاجة إلى الالتفات إليها ومناصرتها.
تتوالى الأحزان علينا، ويضيق صدرنا، وتتأزّم أوقاتنا، وقد تتراكم الضغوطات علينا لتضعنا في اكتئاب وقلق وتوتّر، فنحاول التقاط أنفاسنا لنواصل مسيرة الحياة، لكنّ الضّباب يحيطنا من كلّ صوب والقتامة تغلب على ألوان حياتنا، فنجبر أن نبحث عن رئة كي نلتقط أنفاسنا من خلالها.

المضحك في الأمر أنني وصديقتي حوّلنا بوصلة حوارنا إلى اتجاه مغاير وذلك حينما سألتني عن آخر كتاباتي وقراءاتي، خاصّة في ظلّ هذه الأحداث الكئيبة.
أجبتها وبكلّ صدق: أخجل يا صديقتي أن أخبرك بأنني انشغلت عنهما بحدث مهمّ أعاد لي توازني، سألتني وما هو هذا الحدث الجلل؟
قلت: القطط، ضَحِكَتْ عاليًا!
كررت عبارتي: نعم؛ القطط يا عزيزتي، قطّتان أعادتا لي توازني النّفسيّ، وحسّنتا من مزاجي؛ الجميل في الموضوع أن صديقتي تفهّمت الأمر تمامًا، فهي صديقة لقطّةٍ قامت بما فعلته لي قطّتاي.

تبادلنا الحديث عن السّعادة القططيّة وقمنا بإرسال صور الحسناوات الفاتنات لبعضنا البعض وقلبانا يخفقان فرحًا.
أيّها السّادة الكرام، إن افتقدتم وفاء البشر، وتراكمت عليكم مصاعب الحياة، ووقفتم عاجزين أمام قضايانا الشائكة المحزنة، وشعرتم بالموت يطرق أبواب قلوبكم، لا تترددوا في مصادقة القطط، ففي مصادقتهم انتعاشة، وسعادة، ودعوة متجددة إلى استمراريّة الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى