أين نحن من إفريقيا؟
توفيق أبو شومر-فلسطين
سأظل أستغربُ كيف أن عشر دول عربية تقع في ثاني أكبر قارات العالم، إفريقيا، وتحتل منطقة الاتصال بين هذه القارة، وبين القارات الأخرى؛ لا تستثمر علاقاتها، الجغرافية، والجوارية، والتجارية، والسياسية، والاقتصادية، مع بقية دول إفريقيا، استثمارا جيدا، كما تستثمره الدولُ البعيدةُ عن القارة، ولا سيما إسرائيل!!
للأسف، لم يتمكن أكثرُ العرب من إرساء علاقاتٍ وثيقة مع الدول الإفريقية، علاقات، لا تقوم على حسن الجوار فقط، بل على الشراكة في كل شيء، لتتمكن في النهاية من أن تُحاكي منظومة الدول الأوروبية، في فهم لغة العصر ، لغة الألفية الثالثة، لغة الاقتصاد، وليس لغة الحرب والتحدي والنزاعات على المساحات الجغرافية والمياه، كما هو اليوم!
ما تزال ذكرى العرب، تُجار العبيد سائدة في كثيرٍ من دول إفريقية، فالعرب عند كثيرٍ من الإفريقيين هم نخاسون، استباحوا البشر هناك، وأذلوهم وباعوهم وشتتوا شملهم، منذ القرن التاسع الميلادي، وحتى القرن التاسع عشر الميلادي!
للأسف لم أظفر بدراسة تُبيِّنُ أثر هذه الذكرى السيئة السوداء، ذكرى النخاسة العربية في إفريقيا، على قضيتنا الفلسطينية، وكيف أن الفلسطينيين اليوم يدفعون ثمن أخطاء العرب في حقِّ الإفريقين الأبرياء!
إن إسرائيل تمكنت من استغلال هذه الفجوة، وتمكنت بخططٍ مدروسة أن تنفذ إلى إفريقية، وتصبح اللاعب الرئيس في ساحاتها!
فإسرائيل تُدرب القوات الخاصة الرئاسية في كثيرٍ من البلاد الإفريقية، وهي أيضا من أكبر دول العالم بيعا للأسلحة إلى هذه الدول، هذا عدا عن تجارتها في الماس (الدامي)، وهو تجارة محظورة عالميا، تجارة، تُغذّي الإرهاب بكل فروعه.
بالإضافة إلى ملف إسرائيل في دولة جنوب السودان الوليدة، وملف سد النهضة في إثيوبيا، حيث يشرف عليه مهندسون إسرائيليون ، وهناك عدد كبير من البعثات الزراعية الإسرائيلية في كثير من بلاد حوض النيل!
يعودُ سببُ تطرقي إلى هذا الموضوع ،إلى الخبر التالي الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 14/5/2014:
“وافق الرئيس النيجيري غودلاك جونثان، على العرض الذي قدمته إسرائيل، لإرسال بعثة عسكرية إسرائيلية للبحث عن الفتيات المخطوفات ، وعددهن ثلاثمائة، واللاتي اختطفتهن جماعةُ بوكو حرام الإسلامية، وذلك عقب اتصال هاتفي بين الرئيس النيجيري ورئيس الوزراء، نتنياهو”
ولحلّ لُغز التعاون بين البلدين، أضاف الخبرُ:
“أشار المعلق الحربي الإسرئيلي، رون بن يشاي إلى أن التعاون بين البلدين يجري منذ زمنٍ، في كل المجالات، وهو ثمرة التعاون النيجيري مع إسرائيل، بشأن كشف خلايا حزب الله في إفريقيا، وملف سوريا، وملف السفن التي أرسلها الإيرانيون لحماس في البحر الأحمر!!!!!”
لم أعثر في شبكة الإنترنت على تفصيلات وإيضاحات حول هذا الخبر، لأن معظم الصحف العربية، صحفٌ قِشرية، لها حضورٌ ورقي وإلكتروني برَّاقٌ مضيء، ولكنها كعادتها لا تُنتِجُ ثقافة وخططا تُعزِّزُ الوعيَ، تمهيدا لإنتاج خطط بديلة!
أليس جديرا ببقايا أمة العرب، أن يعرضوا، هم، المساعدة على نيجيريا، ليُثبتوا للعالم بأنهم ليسوا إرهابيين؟
أليس جديرا بهم أن يقوموا حتى بإرسال فرقٍ عسكرية خاصة لتحرير الرهائن، ليُثبتوا للعالم وللشعوب الإفريقية، بأنهم ليسوا تُجار عبيد، يبيعون النساء كجوارٍ ،وإماءٍ، وخادمات في عصر التكنلوجيا ،فائقة السرعة؟
أليستْ ظاهرةُ الإسلاموفوبيا، والعربفوبيا، المنتشرة في كثيرٍ من دول العالم اليوم تقعُ تحت مسؤوليتنا؟!!