قراءة في قصيدة (عجاف) للشاعر وسام العاني

قاسم المشكور | ناقد

لا أظن أني سآتي بجديد إنْ قلت: إنّ الأوطان هي جوهر إهتمامات الشعراء الملتزمين بقضايا أوطانهم، والشاعر وسام العاني بطبيعة الحال واحد منهم، فالرجل مسكون بمحبته لوطنه حد الوجع، وأجمل ما فيه أنه يقول دونما تردد كل ما يشعر به.. إنه يعبر عما يضايقه، ويثير إحتجاجه، وحينما يُنكره منطق التصادم المباشر مع الأشياء يلوذ العاني بخاصية الرمز… يقول الشاعر في مطلع القصيدة:

دمٌ في سلال القمح والأرض جائعة

وليل بعين الصبح مد اصابعه

|||
وفي وطن كالنهر يحمل رجزه

ويلقي على ظهر السماء مواجعه

|||
تشيب الرؤى صبراَ ويوسف لم يزل

غلاماَ مضاعاَ والقوافل ضائعة

|||
قصائدنا الحمراء تهمي حروفها

كعينٍ على مرأى الفجيعة دامعة

يوجه الشاعر العاني إحتجاجه على القدر، وعلى المصائب التي تسقط مطراَ على وطنه، ولا يكتفى بالإحتجاج بل يذهب إلى عرض العوالم التي تسكنه ولكن بطريقة المفكر لا طريقة الشاعر على الرغم من انه يرضيه من التوصيفات لقب شاعر، فهو لا يكون شاعراَ حينما يتقمص دور المفكر، ولكنه يكون مفكراَ حينما يكون شاعراَ.. يقول الشاعر:

ترى أهلها ضاق (العراق) بشملهم

وفيهم قلوب كالمحبة واسعة

الشاعر العاني له طريقته الخاصة، والمتفردة في التعامل مع صيغ الزمان، فالماضي لديه بوابة يخرج منها، وعليها، اما الحاضر فيكثر الإحتجاج عليه، فيما يدخر المستقبل ليعينه على ماضٍ بدائي، وحاضر سوداوي.
الشعر لدى الشاعر وسام العاني لا يحتكم الي التقنين، ولا تستعبده قوانين العرض والطلب، وتلعب الضرورات النفسية التي تحرك فائض الطاقة التعبيرية دوراَ مفصلياَ في إخراجه إلى الواقع، وما التصريح به إلاّ مظهر من مظاهر الإنسجام، والتماهي بين ذات الشاعر، وموضوعه.

على مستوى الشكل يميل الشاعر العاني الي توظيف الصورة الذهنية الخالية من الصور البلاغية القديمة التي تقتات على بقايا التشبيه، المباشر.. يقول الشاعر:

وتغدو مآقي الصبر فوق إحتمالها

فيزجي لها حزن (الفرات) مدامعه

|||
تصيح بباب التيه لا عشت بعدهم

إذا الوطن الأبهى أضاع ودائعه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى