يحملُ بُندقيَّةً وقصيدةً بكاتمِ صوتٍ
خالد أبو العلا | القاهرة – مصر
لِنجلس معًا
حين تنكشفُ سوءاتُنا
و تتخلَّى الفراشاتُ عن رفيفِها في لحظةِ الصحوِ
إلى أن تخرجَ القصائدُ التي كتبْناها عن الحُبِّ
كطلقةِ وهمٍ أخيرةٍ
وتُفرغَ الحكاياتُ ما تبقَّى منها
في حقلِ ألغامٍ مفتوحٍ
على دهاليزِ المجهولِ والمستورِ في الصدورِ
لنجلس معًا ولو لمَرَّةٍ أخيرةٍ
لعلَّنا نُرضِي اللهَ بصمتِنا
أو بتسبيحاتٍ خاليةٍ من شعائرِ الشَّهيقِ والزَّفيرِ.
///
لكَ أن تقتصَّ لنفسِكَ من الفراغِ والدهشةِ
تمنحَ “عفيفي مطر” بعضَ القلقِ والشكِّ
وتُنصتَ لـ (فاصلةٍ أخيرةٍ من إيقاعاتِ النملِ)^
كأنَّكَ شاعرٌ تسلَّقَ بخِفَّةٍ فكرةَ الحياةِ
تُشيرُإليكَ أصابعُ الخوفِ والتعبِ
من حظِّكَ المُعتادَ
تُمسكُ بعصاكَ التي تهشُّ بها على قصيدتِكَ التي تُشبهُ المكيدةَ
فتتحرَّكَ حِبالُهم كحيَّاتٍ لا تُجيدُ غيرَ الفحيحِ
وأنتَ سادرٌ في مُعجزتِكَ
تصنعُ فاصلتَكَ من رِئاتِ المصدورينَ
حينما تصمتُ خطاياكَ مَرَّةً أُخرى وأخيرة
عن الذين رحلوا مُتذمِّرين
إلى الجهةِ المُقابِلة.
///
حين امتلأتَ تمامًا بالصمتِ
لماذا انفجرتَ بقصيدةٍ عن أوَّلِ العاشقين؟
وكيف احتملتَ شوكةً علِقتْ في غَياباتِ الذاكرةِ
ولا تكفُّ عن وخزِكَ كصيحاتِ الحربِ
لجنديٍّ مهزومٍ خلعَرداءَ البلادِ وإزارَها
وارتدى عُريًا من الرمالِ
ومن دَمِ زميلِ دُفعتِهِ؟
أنتَ العابرُ الأخيرِ من الموتى إلى الأحياءِ
أنتَ الوحيدُ الذي ماتَ غدرًا
وهو يحملُ بُندقيةً وقصيدةً بكاتمِ صوتٍ.
///
السماءُ مائلةٌ بجذعِها على جسدينِ اتحدَا
في الجِنازاتِ التي غادرتْ مُبكرةً عن موعدِها
واستبشرَ الناسُ عندها بالحُزنِ
وسبعِ سُنبلاتٍ عجافٍ نبتتْ
على قارعةِ حُداءٍ طويلٍ
فأين تعقِلُ بعيرَكَ
في طريقٍ يعبرُهُ الموتى في ملابسِهم العسكريةِ
وصافراتُ الإنذارِ تنبحُ في رأسِك؟.
///
يُشعلُ لفافتَهُ الرخيصةَ
حين يستيقظُ الهواءُ
والناسُ يمضون – على اللهِ – إلى حالِ سبيلِهم
حاسري الرؤوسِ والأرواحِ
يسّاقطون خلفَ مقصلةِ النورِ
كليالٍ مقطوعةٍ عُنوةً من الخرابِ
فتُضيءُ ذاكرةُ الشُّرفاتِ
بانتظارٍ يفوقُ الرحيلَ بألفِ وجعٍ
وبالكادِيُطفيءُ لُفافةَ تبغِ الشجرِ اليابسِ
حتى يصعدَ الحزنُ مِئذنةَ الغيابِ
ويُردِّدُ عند الظهيرةِآيات الرَّدى.
///
شُبَّاكٌ لا يُحسنُ الانتظارَ
والأسئلةُ ندمٌ قبيحُ الخِلقةِ
فأيُّ لعنةٍ ترضى لمواسمِ الغواياتِ؟
وأنتَ تفتتحُ الخرائطَ بأشجارٍ عاريةٍ
تبحثُ عن إجاباتِكَ الطريدةِ
في عيونِ الأمَّهاتِ الثكالى
حيث تفيضُ الكراماتُ
وروحُكَ مُحدِّقةٌ في طريقٍ مُبلَّلٍ بالندمِ
وشُبَّاكُكَ مفتوحٌ على سماواتٍ مُصمتة.
…..
(^)عنوان ديوان للشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر