حسناء في القطار

سمير ادوارد | كاتب وقاص مصري

توقف نور و هو يستمع إلى صقر . كانت حوالي الساعة السادسة مساءاً و أطلق القطار صفارة الرحيل و كان بالقطار أعداد قليلة من الركاب أربعة أو خمسة فقط , فضل صقر الجلوس بمفرده في أخر عربات القطار وشعر بإحساس طيب  لهدوء وجمال المكان وتأمل القطار وهو يجري وسط الوادي وعلى جانبيه ينظر الوادي الطويل والقطار يقطعه سريعا  بدون رحمة, الحقول تبدو نيرة غريبة أمام  شفق  الشمس الأحمر والنخيل  كالأوتاد ثابتة لا تهتز لصراخ القطار  العظيم الذي يهز أرجاء الوادي و بينما منسجم الشاب يتابع جمال  الطبيعة حتى دخل عليه جمال أخر ربما فاق جمال الطبيعة بالنسبة له هو .

لكن وما أن جلست لجوار صقر حتى بدأْ عليه القلق و الحيرة و داخله خوف فأحيانا  ينظر إليها و تارة يتابع جمال الطبيعة مضطر, تمر الدقائق كثيرة حتي قطعت الفتاة صمته ,لكن من قلق إلى ذهن شارد ينظر ولا يفهم؟ ماذا تقول وماذا تريد؟

تسترسل في الحديث معه و هو لا يفكر كيف يُجيب و دقائق حتي شعر بالأمان عندما مر الكمساري  يطلب التذاكر  وقدم صقر تذكرته و تليه الفتاة أيضا و كان الكمساري يطيل النظر إلى الفتاة معجب بها والعكس عندما ينظر إلى صقر كأنه غير مرغوب فيه هنا في هذا القطار , تدل نظرات  الكمساري على ريبة من أمر هذا المسافر صقر كان يرمقه بعنف ولَم يكن يعجب بمنظر صقر و لا شكله. و على الناحية الآخرى كانت الأبتسامة فاضحة تشق وجهه نصفين , فرحة عارمة مصدرها معلوم هي تلك الأبتسامة الجميلة التي ترسمها تلك الفتاة الجميلة الساكنة؛ بينما يغادرهم الكمسارى  حتي صرخت الفتاة بقوة  إنجدني إنجدني يا سيدي  البيه الباشا المفتش عاد الكمسارى بخفة و رشاقة, كأنه كان   ينتظر هذا الحدث وقد طلبت هذه الفاتنة يد العون, كان يتحين الفرصة حتي يعود ويرجع  ليواصل البحث؛ في جمال هذه الغادة وقد أتهمت  صقر بأنه قد سرق حافظة نقودها , طلب الكمسارى شرطة القطار فجاءوا سريعاً كتيبة كاملة  , يقودها الضابط و أمسكت المدعو صقر اقتادوه إلى نقطة شرطة القطار. لكن كان الكمسارى سعيداً جداً لما يجرى للمدعو صقر فلماذا؟ أيعرف بعضهما البعض من قبل  ربما ولماذا كل هذه الشماتة التي يلقاها هذا المسكين صقر؟

وأخيراً توقف القطار ونزلت قوات الأمن تصطحب الصقر مكبل ومقيد كثور لا يدرى إلى أين يذهب؟ معها الفتاة الحسناء تمشي بحرية متبخترة كأنها تملك الدنيا بأسرها .

دخلوا بهم إلى حجرة  ضابط المحطة  ليتم الأستجواب و فتح المحضر .

ظل واقفاً وما أنت دخلت الغادة أستأذن لها الضابط بالجلوس وقال لها ماذا حدث؟

 أحمر وجه الغادة حرجاً و نزلت دمعات الحزن من عيونها كأنه قد غدر بها الزمان أو فتك بها هذا الوحش المفترس .

يحاول الضابط تهدئة الفتاة و يدور حولها و ينظر بقوة للمدعو صقر ماذا فعلت بها أيها المجرم عتيد الأجرام؟

 ماذا فعلت بهذا العود اللين والقلب الأبيض الطاهر؟ أن مثلك لأبد وأن يعدم في أكبر ميادين البلد. ينظر صقر وكأنه  غائب عن الوعي لا يفهم سوي أنه في حضرة الشرطة يحول عيونه يمين و يسار في أعلى السقف و على الأرض لعله يجد تفسير لمَ  يجرى  , يسأله الضابط ما أسمك؟

وهو يجيب صقر نعم  أنت صقر اسم علي مسمي  قاس جارح عديم الرحمة.  يزداد صقر غباء أكثر و أكثر . يتقدم للفتاة يسأله يا ست هانم أنا عملت أيه ؟

ترفع البنت عيونها صوب الصقر و صفعته بقلم هز أرجاء المكان و من يرحم .سقط الصقر على الأرض ليس من قوة الصفع و لكن من المفاجأة

ماذا يجرى ما أنا فيه حلم أم علم .

تصرخ الفتاة نقودي نقودي  أيها السارق المارق.

الضابط  يطلب من الصقر أثبات الشخصية و على الفور يبرز البطاقة و(كارنية الكلية)  و يتفحص الضابط البطاقتين معاً يندهش الضابط  طبيب ويسرق ؟

لماذا لأجل الدراسة أم هو سارق متمرس كل الأفكار تدور فى رأس الضابط الحاني الذي تأثر لحال الطالب ويرثى لآجل الفتاة الحزينة  و أمر بتفتيش الطالب صقر  تقدم العسكري يفتش صقر و لما يجد شيء أطلاقاً

وبينما يجاوب الضابط صقر حتى وقع نظره على الفتاة لتراها تضحك وتغضب  في نفس الوقت  ساورته الشكوك !

نظر للفتاة و سألها هي الأخرى أين بطاقتك الشخصية؟

لم تجب الفتاة كرر السؤال ولَم ترد سرحت تنظر للسقف وقد شك فيها الضابط قد تبدو الفتاة هذه مجنونة أو مضطربة نفسية؟

سألها أسئلة كثيرة تأكد من سلامة قواها العقلية. طلب من العسكري أن يقوم بتفتيشها هي الأخرى و بالفعل و ما أن بداْ بالتفتيش حتى وجد كنز متنوع من حافظات نقود و ساعات و خواتم ذهبية و فضية و غيرها, تعجب من هذا الموقف كيف تشتكيه و لماذا لم تسرقه؟

احتار الضابط في هذا المشهد الغريب وسألها أنتِ كاذبة لَم يقوم السيد صقر بسرقتك و كيف و أنت تحملين جسم الجريمة؟ ضحكت الفتاة و تركت الضابط وخرجت إلى خارج القسم رحلت, الضابط ينادي عليها تعالي تعالي و هي لا تبالي. بينما يواصل صقر السرد حتى قاطعه نور وماذا فعل الضابط بها ,صرخ صقر لا تقاطعني ويكمل صقر ثم هجمت الأُسود على الغزلان و كادت أن تفتك بها . نور يدخل مرة أخرى أُسود أيه أحنا فيك أنت  عملت أيه أنت و البنت و الضابط؟

صقر ضابط مين  نور: اللي قبض عليك فى القطار

صقر : قطار أيه ؟

نور : البنت اللي أنت سرقتها

صقر: سرقت من ؟

نور :البنت الجميلة

 صقر: بنت مين ؟

نور: صرخ بقوة القصة الأولي  أنا زهقت منك

 صقر أكمل الحديث  حاول يا نور ترتيب أمورك و أفكاري  أنت دائم التشتت , لكن صرخ نور كنت أعرف أنك لص و محتال و لَم ترحم حتى الكائن الضعيف  أخبرني  ماذا فعلت بالصبية يا ملعون أيها الجبار القاس

نعم أنت من سرقتها و ضربتها و شرعت في قتلها لولا رحمة الله بها .

و سوف أشهد عليك  نعم  لقد رأيت كل شيء يا مُجرم .

وطالب نور من صقر يُكمل القصة . لكن أخيراً ما رجع صقر لطريق الصحيح ؛ أكمل نعم خرجت دون ما تجيب الضابط و عاد الضابط لي و يسألنى  هل تعرف هذه الفتاة؟ أخبرته  ب لا .و قال لي يبدو أنك مظلوم و البنت دي مجرمة حقا وأنت الضحية , أنا قلت له و ماذا بعد .؟ صمت الضابط . أنا مواطن شريف أريد حقي  والضابط ماذا أفعل لك؟

أرجع لي حقي . الضابط و ما هو حقك و أخبرته  وقت قد ذهب بدون رجعة , وإهانات كثيرة من الجميع , صفعة قوية وقيود أدمت ساعدي وأموالي سرقت و وجبة غذاء كنت طلبتها و لَم أستلمها و قميص قد مُزق و سب و لعن وقذف . فضائح بالجملة  ضحك الضابط و أبتسم نعم سوف نعوض كل مواطن شريف عما بدر نحوه من ظلم وسوف نعالج الأمور كلها و يعود لك حقك المادي و المعنوي , لا تخجل من كل من شارك و ساهم فى صنع ما جري لك و أبتسم ,قال لي أضحك تضحك لك الدنيا ( يالا يا بطل الحق مدرستك)

و نور يستفسر و ماذا بعد هذا  ؟ضحك الصقر ههههههههههههههههههه و رحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى