كيف سندفع عجلة الأمة الى الأمام؟ قراءة في نظرية تشكيل الكون للدكتورة ريم الخش
كاظم شلش | العراق
أريد معكم أنْ أستعرض (الأيام الستة) الأولى من تشكيل الكون في مدة زمنية أرضية مقدارها ثلاث دقائق ثم نستنتج حقائق كونية تمكننا من سبر أعمق لماهية الأشياء:
1- اليوم الأول (عصر بلانك) من الصفر إلى (43-)^10 من الثّانية: في البدء عندما قال الله كن بدأ الزمنكان كنقطة موجية لامتناهية في الصغر طولها طول بلانك نسبة لعالم الكم ماكس بلانك والذي يساوي إلى 1,8( 35-^10).. هذه الموجة اللامتناهية في الصغر تحمل طاقة الكون الكلية (19)^10 كيغا الكترون فولط بحرارة الكون العظمى نحو 32^10 درجة مئوية.. هذه النقطة بهذه الطاقة الهائلة شكلت ثقبا أسودا سبب في انحناء الزمنكان، لم تكن المادة قد تشكلت بعد وكانت القوى الطبيعية الأربعة متحدة معا (الجاذبية- الكهرومغناطيسية-القوى النووية القوية والقوى النووية الضعيفة).
2- اليوم الثاني (عصر النظرية العظمى): من (43-)^10 من الثّانية إلى (36-)^10 من الثانية، فيه أصبحت طاقة الكون (27 )^10 كيغا الكترون فولط ..فانفصلت الجاذبية عن بقية القوى وفيه ظهرت الجسيمات الأولى مع الجسيمات المضادة فأفنت بعضها بعضا محررة طاقة هائلة.
3- اليوم الثالث (عصر القوى الكهرونومية الضعيفة) من 36-^10 جزء من الثانية و حتّى 32-^10 جزء من الثانية. طاقة الكون كانت أقل من (15 )^10كيغا الكترون فولط فانفصلت القوى النووية القوية عن (الكهرومغناطيسية والقوى النووية الضعيفة) مما أدت إلى تضخم الكون بمقدار (100 )^2 مرة ليصبح بحجم التفاحة وذلك (قبل أن تتلاقى المادة مع المادة المضادة وتفنيان بعضهما)..فتشكل حساء الكوارتات الملتهب.
4- اليوم الرابع ( عصر الكوارتات) من 12-^10 من الثانية وحتّى 6-^10 من الثانية به انفصلت القوى الرئيسية الأربعة وتشكلت الكوارتات .
5- اليوم الخامس (عصر الهادرونات) من 6-^10 من الثانية إلى أول ثانية من عمر الكون كانت درجة الكون حوالي 12^10 درجة مئوية درجة مناسبة لتشكيل النيتروناتو البروتونات (كل البروتونات في الكون تشكلت في هذا (العصر) أي في الثانية الأولى بعد الإنفجار)
6- اليوم السادس (عصر الليبتونات): من أول ثانية إلى أول ثلاث دقائق تشكلت فيه الإلكترونات والإلكترونات المضادة (البوزيترونات)؛ في هذا العصر أصبحت جميع مكونات المادة الكونية موجودة ( في الدقائق الثلاث الأولى من تشكيل الكون) ﴿إنّ ربَّكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش﴾ صدق الله العظيم. والله أعلم لكن حسب قناعتي أنها الأيام الستة فالآن جميع مادة الكون موجودة وستتبع خوارزمية رياضية على مليارات السنين لكي تتشكل المجرات والمجموعات الشمسية وتنبثق الحياة على سطح الأرض.
مثلا: من الدّقيقةِ الثّالثةِ من عمرِ الكونِ وحتّى أصبحَ عمر الكونِ 20 دقيقة: أصبحت درجة حرارة الكون نحو مليار درجة مئوية و كانت مرحلة التصنيع النووي أي مرحلة تشكل أنوية ذرات الهيدروجين والهليوم، وبعد أن انتهت ال20 دقيقة انخفضت حرارة الكون، فتوقف الإندماج النووي (وحافظ الكون على نسبة حوالي 75 بالمئة هيدروجين و25 بالمئة هليوم)، وبقي الكون في ظلام دامس من ال20 دقيقة الأولى إلى 380 مليون سنة! (لاحظ) حتى بردت درجة حرارته لتصبح حوالي 3000 درجة مئوية وبهذا سمحت الجاذبية بشد الإلكترون للنواة ودورانه ثم تحرر الفوتون الضوئي وانطلق بعيدا (واستطعنا أن نقول عن جلجامش أنه يرى كل شيء!).
وهنا استمر الكون بهندستة. وفق خوارزمية رياضية صارمة فبعد تكوين الذرات كان اندماج الهيروجين وتكوين الهيليوم ثم تكوين النجوم من الهيدروجين والهيليوم (السدم) (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) صدق الله العظيم. ثم تكوين العناصر داخل النجوم ( وصولا إلى الحديد) فانفجارات المستعرات العملاقة وتناثر الحديد ثم تشكيل بقية العناصر من التصادمات الهائلة ..وتكوين الكواكب.
عمر الكون (حسب الأشعة الخلفية الكونية) هو 13,7 مليار سنة ومجرتنا حديثة نسبيا تكونت بعد حوالي 9 مليارات سنة أي عمرها تقريبا 7 ,4 مليار سنة. لم يظهر الإنسان على الأرض إلا من حوالي 5 ,2 مليون سنة وفصيلة البشر (هومو) منذ 200 ألف سنة (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأرْضِ نَبَاتًا ): تدعو إلى التأمل! …الخلية الأولى التي وهبت الحياة على سطح الأرض ماتزال مجهولة المصدر ( مع أن احتمال حدوثها بشكل عشوائي هو واحد على 10 أس 264؛ أي كي يقع يحتاج لعمر أكبر من عمر الأرض 7 ,4 مليار سنة !!! (هو احتمال صفري عمليا) . بعد أن استعرضنا معا خوارزمية الخلق أريد أن أستقرء مايلي:
– الله جل جلاله وهو خارج الزمنكان لايتدخل آنيا بصيرورة الأحداث: لطالما سألت نفسي لماذا لا يتدخل الله آنيا حين قُطع رأس الحسين أو حين غزا المغول العراق وأحرقوا إرثنا الحضاري …لم لم يتدخل حين أباد ستالين 30 مليون بريء أو حين أبادوا أكثر من نصف مليون يهودي بالمحرقة …أو حتى في الثورة السورية وقد أبادوا أكثر من مليون …..الخ : فهمت أن الحياة الدنيا تسير بخوارزميتها بمعزل عن رغبتنا وأن كل شيء يحدث بالعالم سيؤثر به حتما ولكن التغيير يحتاج للزمن ( ربما أكثر من زمننا على سطح الأرض): (خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ).
إذن ماغايتي ولم العمل؟
– إن عمل الإنسان (المتراكم) دون يأس أو حزن سيؤدي بالضرورة إلى تحقيق (قفزة ما) والى التغيير، إذن (ماعلينا سوى العمل إلى أن تقوم الساعة).. نحن في هوة كبيرة، لم نعد ننتج العلوم ونحن أمام تحدٍ عظيم!، وحسب قانون الانتخاب الطبيعي: الأصناف غير الملائمة مع التطور يتم تصفيتها! أخاف أن تتاح لهم الفرصة (عندما ينفذ البترول مثلا) بتصفيتنا عرقيا (بمحرقة جديدة!)، والعراق الذي كان أكثر البلدان العربية تطورا بعلمائه ومثقفيه تم سحقه وإعادته إلى الوراء كثيرا.. وطننا العربي يحتاج على الأقل لثلاثة أجيال مدربة علميا كي يستطيع أن يلحق بالركب الحضاري، في عصر التقنيات المتطورة جدا وعدونا الرئيسي يكمن في صراعاتنا الداخلية!، ونحتاج لثلاثة أجيال نربيها على المحبة والتسامح حتى تستطيع ردم حقبة الأحقاد المعششة منذ قرون
وفي الختام: أرى أن هذه الحلول مستحيلة مع الأنظمة العميلة والتي لاتقوم على أسس العدالة والحرية والمساواة .
الصور المرفقة بالمقالة لتلسكوب جيمس ويب الفضائي نافذة جديدة الى هذا الكون العظيم والنقاط المضيئة في هذه الصورة هي على الأغلب لمجرات تحتوي الواحدة منها على ما لا يقل عن ١٥٠-٢٠٠ الف مليون شمس وحولها الكواكب.