ميزان القوى الوطني
بقلم/ فضيلة الدكتور سمير مراد
الحمد لله تعالى وبعد: فإن السعي لبناء الأوطان، غريزة في النفس، لا تتخلف إلا في نفس رديئة، أو ذات انتماء خارجي.
هذا وإن لكل وطن مقوماته الخاصة به، والتي منها ما قد يشارك فيه غيره، ما سوف أتحدث عنه باقتضاب، وقد سميت مقالتي: “ميزان القوى الوطني”
لأن للأوطان قوى لا بد من تثبيتها سعيا للبقاء بل وللرقي والتقدم، وهذه القوى هي: اللغة، الدين، التاريخ، الأرض(الوطن)، الدستور.
وإليكم الحديث عن كل بإجمال.
اللغة-والتي هي العربية لغة القرآن-، أول قوة للانطلاق نحو البناء، إذ وحدة اللسان من أقوى أسباب الاجتماع ووحدة الصف، لأنها تمثل روح الاجتماع الوطني، بما تبثه من شعور رابط تجاه الآخر في الوطن، بل تشد وشائج الأخوة، لأن التعبير بها يقرب وجهات النظر، وتنقل العقل من اللغة إلى الفعل السليم الذي هو ثمرة سلامة اللغة.
فأما الدين، وهو رابطة القلوب والأبدان، بمفهومه الناضج الذي يمثل:
– وحدة الصف.
– التسامح والعفو.
– تكامل اللبنات
– قبول الآخر بسعة صدر.
– عدم إهدار طاقات المواطنين بشتى ألقابهم.
– اعتماد المصلحة ودفع المفسدة.
– اعتبار المواطنة غير ممنوعة بضوابط الدستور.
– قبول الأفكار بلا إقصاء.
– تبعية اهل الخبرة والاختصاص.
وعليه؛ فلا مسوغ لوجود شواذ عن هذه القوانين المراعية لمصلحة المصالح، الحافظة للمقاصد، الكاشفة لأهل الزيغ من كل صاحب فكر وافد علينا، ساع لتفريق الوطن وشرذمته، موغر لصدور المواطنين، لتسلم له الدار ليقسمها كما يريد، قتلا وتشريدا وسفك دم وأكل أموال وغير ذلك، ثم مآل كل ذلك إلى يباب.
وأما التاريخ فنحن أمة- بكل أطيافها- تمتد جذورها لأصول من الزمن الجغرافي، حتى تقوى وترقى بأنسابها إلى السماء، بعروبة أصلية غير دخيلة، وتاريخ حضاري-وإن خبى قليلا- قد سما دهورا ينير الدنيا، فلا غرو أن أمة وطن كهذه، دروبها مشقوقة، هي سبب التئام ووحدة.
وأما الأرض، فمنها وفيها، صحراء، خضراء، زرقاء، ومعمورة أو مهجورة، كلها تشهد-ضمن الرقعة الجغرافية المسماة- والتي ارتوت من حضارتنا وعمارتنا؛ نماءا بعمل مشترك فعال، بكل السواعد الوطنية الغضة الطرية، حتى صارت وطنا ناضرا فيه حق للجميع بالعيش الهانئ، فكلؤه نما بأيد من حقها جني ذاك الكلأ، فلا حق لحانق أو شانئ أن يسوقنا إلى النزاع المهلك، بحجة …
أبجديات هي من قاموس التطرف لا غير.
الدستور؛ ملف يرتقي إلى رسم خط للسير والعمل والسيادة، برعاية من جملة أو سطر من كتاب أو سنة، إلى ضم إطار ينظم الحياة بتوزيع نسبة الحقوق والواجبات، كافلا لكل فرد مواطن؛ حق:
– الكلمة.
– الحياة الآمنة.
– المعارضة البناءة.
– التآخي الوطني غير المعارض ولا الممنوع دينا ولا واقعا.
– ذلك الدستور الذي يمثل سدا ضد المفسدين، وحاميا لكل مواطن أمين.
وأخيرا:-
بهذا كله، ولهذا كله، لا بد من تجديد النظر الآخذ إلى البناء والحضارة، عملا بميزان القوى الوطني، وتفعيلا لأدواته معا،
فباللغة، الدين، التاريخ، الأرض والدستور، نصل إلى تحقيق..
((الوطن الآمن الحضاري المتآخي)).
والله تعالى أعلم
وصلى الله تعالى وسلم وبارك وعظم على رسوله محمد ورضي عن أصحابه أجمعين وحمى الله عز وجل أوطاننا.