قانون التنافر الطاقي

د. نجاة صادق الجشعمي|الإسكندرية – مصر

       لاترحل من كون إلى كون. فتكون كحمار الرحى يسير والمكان الذي يسير إليه ارتحل إليه وهو الذي ارتحل منه. ولكن ارحل من الأكوان إلى المكوِّن؛ فمثل هذا، هو الفرق مابين الأسود والأبيض، والحاسد والمحسود.

        نعيش الحياة بالمألوف واللامألوف والعطاء والتواضع والحب والتخلي والاختلاف لا التخلف وفي كل هذه نبدع ونتميز ونفشل ونتراجع ونضعف لكن نرتقي في سلم الترتيب وبجدارة كل هذه بسبب الغيرة والآثار النفسية التي قد تؤثر على الذات البشرية بالتمني والترجي أن يمتلك ماعندك من ثقافة وجمال ومال وصحة ومكانه وجاه وإبداع فبدون قصد ممكن باللاوعي يحسدك لأن الحقيقة لايوجد اثنان متشابهان باللاوعي فكل منا يطمح أن يكون أفضل من الآخر فبدون أن يعي يحاول أن يجد أي نقطة ضعف لديك حتى يشعر أنه متميز بذلك ويهاجمك دائما فكلما تتأذى أنت يكون هو أكثر انتشاءً.

      هذا مايحدث بين أنت والآخر أي الحسد والإحباط واليأس من الغيرة أي أن في داخلنا أسود وأبيض، وحاسد ومحسود دون أن نقصد أو نعي ذلك.

        لكن لو تذكرنا وصايا الله تعالى لنا؛ لقتلنا الذات المتنمرة داخلنا، وتبدل اللون الأسود أبيض وتعايشنا بالمودة والحب والتخلي والاختلاف وبدأنا أول خطوة في طريق السعادة التي إذا ما رأيتها عرفتها وألفت فكرتها.

        لا خوف علينا من تقلب الزمان وتغير المكان بتفكير بفكر و(عقل) معتقدين بحكمة المعطي المنان، بعقل يحجر علينا فلتات اللسان وزلة القدم، وكُتبت علينا خطى التغرب فاغتربنا في موطننا، وبين أهلينا كما اغتربنا وتقابلنا في بلد لا يشعر الغريب بغربته فيئن منها.

فمن فوائد الأسفار إسفارها عن معادن الملأ، وعلوم وآداب وعبر وتجارب فيها إفادة من حياتهم وما مر بهم من رزايا ومحن، وصدق الإمام الشافعي حين قال:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

|||
تفريج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد.

ثم لايخفى على لبيب عرف الدنيا ومآلها أن السعادة ترك زخرفها وزيفها؛ فإن أقبلت باض الحمام على الوتد، وإن أدبرت استصحب الضعيف التذمر والنكد، وهي الحياة هكذا حلو ومر رخاء وشقاء، وكيف نعرف هذا لولا ضديده ونقيضه، هكذا الحياة هي كآلة البيانو كما بأصابع بيضاء هي رمز السعادة والفرح وأصابع سوداء هي دلالة على التعاسة والترح ولن تعطي الحياة لحنا إلا بالعزف على أسودها وأبيضها، والتواضع اساسها

فتواضع وكن كاالنجم لاح لناظر

على صفحات الماء وهو رفيع

|||
ولاتكن كدخان يعلو بنفسه

على طبقات الجو وهو وضيع

لكن لماذا التواضع؟ لأن التواضع رفعة، وجعلنا الله وإياكم من أهل التواضع لا الضعة، وكن نورا تضيئ الحياة لافتيل دخان يخنق، لكن كيف لنا بالضوء لولا احتراق الفتيل؟
انثر السعادة كبذور أخذتها ريح تجمعت بين صخر وتواجدت بالمفاصل وبوابل غيث نمت وترعرعت ما بين النماء والعطاء، والعطاء له أنواع تختلف، كذلك له درج في سلم القيم، والعطاء قديكون كلمة؛ فالعطاء أنواع ثلاثة: اهتداء واقتداء ورياء. ودرجاته: كرم عطاء قليل من كثير، وجود عطاء الكثير وإبقاء القليل، وإيثار أن نعطى الكل بقناعة.

غير أننا يتوجّب ألاتنسى قانون التنافر الطاقي فمابين السلب والإيجاب يتولد لنا الأسود والابيض والسر هو الدعاء بالنور العظيم للبشر وإلى كل الأرض والكون ومافيه، بالحب نحيا ونعيش الحياة بمرها وحلوها بسعادة وفرح وبهجة وبهاء: فأحب لأخيك ماتحب لنفسك.
صدقت ياحبيبي يارسول الله

ومن حكم ابن عطاء الله السكندري:
تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خير لك من تشوفك إلى ما حُجِب عنك من الغيوب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى