الدوائر الحاكمة للأفكار وأزمة العالم الإسلامي
د. طارق محمد حامد
راق لي أن المساحات المشتركة فيما بيننا وبين الآخرين، كذلك ما بين الدول بعضها البعض والأديان وهي الأرض المشتركة والأفكار المشتركة والمشاعر المشتركة والأهداف المشتركة، وهي تحتوي البشر في تعايش وسلام وتقبل الآخر،وهي في تقاطعها تبدو مثل الزهرة التي تبعث على السلام النفسي والطمأنينة والتوافق الاجتماعي فيمن يحيا علي هذه الأرض ويعتنق تلك الأفكار ويحتضن هذه المشاعر والأهداف والغايات. ولما لا؟ وهذه هي فلسفة الحياة والمخلوقين التي أودعها الله – عز و جل – كسنة من السنن يوم خلق السموات والأرض﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثى وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ﴾ [الحجرات: 13].
إن الحكم علي أي أمر؛ هو جزء من تصوّره، وفي تصوري أن هناك عدة دوائر هي الحاكمة للإجابة علي هذا السؤال و الذي يحتاج إلى سفر كبير لكي نناقشه ونجيب عليه.
أما عن الدوائر الحاكمة فهي في القلب منها دائرة الفكر، تليها دائرة الأشخاص، ثم دائرة الأشياء، والقشرة الخارجية هي دائرة السلوك والأخلاق و هي الظاهرة لنا.
فأزمة العالم الإسلامي تتمحور حول الأفكار وهي لدينا – نحن المسلمين – تتميز بالأصالة ولكن تفتقر إلى التطبيق العملي؛ لذلك سارعنا إلي النقل والنهل من أفكار الغرب المنبتة لا أصل ولا جذور لها ولكنها مطبقة فأخذناها في قوالب جاهزة وطبقناها بحسب الكتالوج المرفق معها فبارت أفكارنا وتعطلت آلة التفكير لدينا ودمرت منظومة القيم وبالتالي تحولت إلي أزمة أخلاقية، وهي – كما قلت – القشرة الخارجية فإذا أردنا أن نعالج الأزمة الأخلاقية؛ فعلينا أولا أن نعالج الأزمة العقدية، وهي نقطة مركز الدائرة المتحكمة في دائرة الأفكار، ومن ثم ينسحب هذا العلاج على الدوائر كلها ومنها أزمة السلوك والأخلاق.