ما هكذا يا سعد تورد الإبل (٢)
رضا راشد | الأزهر الشريف
(إن كنت كذوبا فكن ذكورا)
قديما قال الحكماء: (إن كنت كذوبا فكن ذكورا) يعنون بذلك أن الكذاب لابد أن يتناقض كلامه، ويخاصم بعضه بعضا فينقض آخره أوله، وينفي أوله آخره؛ لأنه لا يتذكر في كل مرة يتكذبها ما سبق أن قاله مما يتناقض مع أكاذيبه، لكن الناس تنتبه إلى ما غفل هو عنه، فتوازن بين كلامه أولا وآخرا، فيبدو لها تناقضه ويظهر لها تخاصمه، ولهذا عد الناس استقامة الكلام أمارة صدقه وتناقضه علامة كذبه.
وهذا ما ننصح به شقي الدين الهلالي فنقول: (إن كنت كذوبا فكن ذكورا) نروم بذلك أن ندله على كذبة من أكاذيبه، وما أكثرها! وباطل من أباطيله، وما أشنعها.
وهذا هو شأن سعد الدين الهلالي دائما؛ لأنه ليس له غاية إلا الحق ينقضه، وإلا الباطل يشيعه وينشره، وفي سبيل هذه الغاية السوء والهدف الخبيث، لا يبالي أن يمتطي الكذب غافلا عن تنافي كلامه وتناقض أقواله، وغافلا أيضا عن أن الناس تنتبه لما غفل هو عنه .
وهاك بعضا من تناقضاته:
(1) منذ أيام قلائل أطل علينا بوجهه الكالح أيضا يدعو الناس إلى أن يتعبد كل واحد لربه بما يفهمه هو من كلام ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، دونما حاجة لما سماه وصاية الفقهاء. ومع أن هذا كلام متهافت؛ لأنه لو كان صادقا فيما يدعيه لكان عليه أن يعترض أيضا على ما يمكن تسميته (وصاية الأطباء على المرضى)، ووصاية المعلمين على الطلاب، واحتكار المهندسين للهندسة.. إلى آخره، وهذا ما لا يقول به عاقل. أقول: مع أن هذا كلام متهافت، لكنه من وجه آخر يناقض ممارسات هذا الدعي؛ لأنه هو نفسه يمارس ما يزعمه وصاية حين يطل علينا كل حين من منبر أستاذ الفقه بجامعة الأزهر ليقول لنا: هذا حلال، وهذا حرام. أفليست هذه وصاية؟ وإلا فقل لي يا شقي الدين: بأي صفة تستدعى للبرامج وتتكلم في الحلال والحرام؟ أليس بصفتك أستاذا للفقه بجامعة الأزهر؟! فلم إذن لا تترك الناس وشأنهم دون ممارسة ما سميته الوصاية عليهم؟! هلا إذا استدعاك أهل الاعلام لبرنامج رفضت الخروج وقلت: دعوا الناس وما يفهمون من كتاب ربهم؛ حتى تكون متسقا مع نفسك وما تدعيه وما تزعمه من أن لكل إنسان أن يتعبد لربه بما فهمه هو من كلام ربه دونما حاجه لوصاية الفقهاء؟! ما بالك يا سعد الدين تمارس وصاية الفقهاء وأنت من تدعو الناس للتمرد عليها؟! أفليس هذا تناقضا؟!
(2) وآخر:
يأتي سعد الدين الهلالي اليوم ليخاطب الفقهاء ويدعوهم إلى أن يوجدوا للشباب سبيلا غير الزواج لإفراغ طاقاتهم الجنسية.
فإن سألته: ولماذا الفقهاء دون غيرهم؟
أجابك بلسان حاله: لأنهم العالمون بالحلال والحرام.
فإن قلت: ما بالك اليوم تخاطبهم وتستدعيهم إلى حل مشكلات المجتمع؛ استنادا إلى علمهم بالحلال والحرام، وأنت الذي من قبل هدمت مكانتهم في نفوس الناس أو حاولت، وأهدرت شأنهم أو رُمْت.. حين زعمت أن الدين هو ما يفهمه كل إنسان بنفسه دونما حاجة إلى تحكمات الفقهاء.. فما بالك يا سعد الدين مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؟!
(3) إن كان الفقهاء يعلمون الحلال والحرام(كما هو لازم كلامك الآن) فلماذا دعوت الناس من قبل إلى التمرد على ما سميته وصاية يمارسها الفقهاء عليهم حين يقولون: هذا حلال وهذا حرام؟!
(4) وإن كنت من قبل تدعو الناس إلى التمرد على ما سميته وصاية الفقهاء عليهم، فلم جئت اليوم تستدعيهم لإيجاد سبيل لإفراغ طاقات الشباب بعيدا عن الزواج؟! أليس هذه من قبيل وصاية الفقهاء على الشباب حينما يوجهونه إلى ما يجب عليه أن يفعله إفراغا لطاقته وتنفيسا عن كبته الجنسي؟! أليس هذا هو عين التناقض؟
أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟!
فإن تبينت لك -عزيزي القارئ- هذه التناقضات وهي بينة إن شاء الله، فماذا عن تفسيرها على ضوء ما هو معلوم عن سعد الدين الهلالي وتوجهاته؟!
الحقيقة أن سعد الدين الهلالي ما به تعظيم الفقهاء ولا به أيضا تحقيرهم ولكنه يريد دائما تحقيق أهداف خبيثة رسمت له وفق خطة دبرت بليل وهو إحدا ادواتها الخبيثة والفقهاء مما يحاول على أحد حالين:
(١) ان وقفوا له بالمرصاد في أضاليله التي يشيعها وأباطيه التي ينشرها فهذه وصاية منهم على الناس يجب على الناس سرعة التحرر منها.
(٢) وان هم سايروه في باطله وماشَوْه في عهره، فهم العلماء المنوط بهم إصلاح حال الأمة وإيجاد حلول لمشكلاتها.
إن لجوء شقي الدين الهلالي اليوم إلى الفقهاء يستدعيهم لحل مشكلات الشباب بعيدا عن الزواج بعدما حاول من قبل إبطال مكانتهم وإهدار منزلتهم – بتسميته حكمهم على الحلال والحرام تحكما ووصاية – لَأمرٌ يراد به ما هو أخطر من ذلك؛ وهو أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، لا على أنها فاحشة، ولكن على أنها طاعة لا يستشعر الناس إذا فعلوها ذنبا، وبذلك يرتدي الحرام رداء الحلال، من خلال ابتداع وسائل محرمة في صورة أمور شرعية =ثم إن بجد الشباب متنفسا لغريزتهم دونما إنجاب أطفال يكونون مسئولين عنهم ليحقق بذلك للغرب هدفه من إنقاص عدد المسلمين وتقليل خصوبتهم، وهذه أمور معروفة منذ زمان طويل ..وسعيا لهذه الغاية الخبيثة نقص سعد الدين على عقبيه وناقض نفسه حين يحاول اليوم استدعاء الفقهاء بعد الذي ارتكبه في شأنهم من قبل؛ يعول بذلك على أن ذاكرة الناس السمكية لن ترصد عليه تناقضاته، ولن ترصد عليه أكاذيبه،
وهيهات هيهات..
فما هكذا ياسعد تورد الإبل