صرخة روح

هند يوسف خضر | سورية

الأمل ينسكب من أظفار الرّغبة، يتغلغل في عنق الزّمن المشاغب كرذاذ عطر، يتسرّب من بين مسامات أجساد نساء أضعن أنوثتهنّ في الطّرقات الضّبابيّة،تعرّضنَ للجلد بسياط النّهارات الكئيبة وقت الظهيرة، غرز الّليل مخالبه في قلوبهنّ،نهشت أنياب القدر لحمهنّ ورمت به للضّياع..
‏سراب موظّفة،حاصلة على إجازة جامعيّة ومع ذلك لم تفكّر في اختلاف المستوى التّعليميّ عندما وقعت في حبّ أمجد رغم التّحدّيات الّتي واجهتها،إنّها واحدة من النّساء الكثيرات الّلواتي وقعن ضحيّة مجتمع ذكوريّ يحلّل للرّجل كلّ ما يريده، عندما التقت به ظنّت أنّ الدّنيا قد ابتسمت لها، عاشت أجمل أيّامها في فترة الخطوبة، أشبعها كلاماً في الحبّ وأغرقها بدلاله و وعوده حتّى خالت أنّ بيت الزّوجيّة سيكون مملكتها السّعيدة الّتي حلمت بها ذات نهار وأنّ صوت اليمام سيبقى يعانق وجه صباحاتها الحالمة..
‏من الواضح أنّ الطريق إلى الممكن طويل جدّاً هذه المرّة فقد نامت سراب على حلم جميل لتنهض وتصطدم بجدار واقع مرير،كلّ شيء تغيّر بعد زواجها،بدأت تشعر بانهمار روحها فوق صقيع فجر صيفيّ،تقطّعت أوتارها كآلة موسيقيّة عندما اكتشفت بفاصل زمنيّ قصير أنّ الشّخص الّذي وضعت قلبها بين يديه في الأمس وحاربت من أجله هو نفسه الّذي يعاملها اليوم بقسوة ،يستخدم ألفاظاً نابية معها وله علاقات لا تُعدّ ولا تُحصى مع الأخريات..
‏أصبحت تدور في طاحونة الأسئلة التّائهة، تسأل نفسها ما الذّنب الّذي اقترفته لأعيش في هذا الجحيم؟
‏بدأت تشعر أنّ روحها في المكان الخطأ و الأفكار تتزاحم في رأسها ماذا سأفعل؟ راودتها عدّة أفكار: ماذا سأختار؟ لديّ أطفال! لكن لماذا أدفع الثّمن وحدي وهو يعيش براحته؟ هل أنتظر حتّى يولد الرّبيع من خاصرة الشّتاء؟
‏بدأت الأمور تتفاقم أكثر فأكثر،كلّ الطّرق إلى الأمل غير سالكة بسبب تراكم الضّباب،لم تعد تتمنّى سوى أن يعيش أولادها بسلام داخليّ وهدوء بعيداً عن العواصف الّتي تهبّ أمامهم فتأخذ معها كلّ حلم بريء يقطن في صدورهم الدّافئة،أضحى همّها الوحيد أن تنسيهم لحظات يُلحِق بجسدها الأذى فيضع كلّ واحد منهم أكفّه على عينيه ويُسقِط لؤلؤة باهظة الثّمن.. ماذا سأفعل عليّ أن أختار لا وقت للدّموع.. لا وقت للكلمات..
‏هذا المكان الخاطئ سوف يدمّر كلّ شيء بداخلي يؤذي الرّوح، لكن هناك حاجزاً يحيل المشهد إلى قطع متناثرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى