رَاجِع قائِمةَ أصْدِقائِك

د. عبد الكريم محمد الروضي | ماليزيا

إذا أردت ان تستقيم لك أمورك وان تستمر في العطاء بجد وعزم فإن من أهم الأمور المعينة على ذلك هو اختيارالرفيق الجيد المتميز الصالح الذي يعينك على أمورك سواء كانت من أمور الدين أو من أمور الأخرة لأن الرفيق والصاحب كما نعرف جميعاً يؤثر تأثير كثير على نفسية صاحبة ولذا قيل في القديم ” الصاحب ساحب” وكم تكلم العرب في أشعارهم عن حسن اختيار الرفيق و أنه يرفعك المكان الأعلى أو يورثك الردى فقد قيل في الشعر القديم

واختر قرينك واصطفيه تفاخراً * إن القرين إلى المقارن ينسب

ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً * إن الكذوب يشين حراً يصحب

واحذر مصاحبة اللئيم فإنه * يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب

 وقد قرر الإسلام خطورة الرفقة للإنسان وتأثره بها، في الخير والشر، وفي ذلك جاء الحديث عن -رسول الله صلى الله عليه وسلم- من ذلك ما جاء عن أبي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ -رسول الله صلى الله عليه وسلم-: “مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً”

ومن هنا يتبين لنا أهمية وخطورة الأصحاب الذي نحرص على اقتنائهم والمحافظة عليه والذي أود التركيز عليه في هذه الكلمات هي مدى أهمية الرفقاء والأصدقاء على إنجاز أعمالنا والمساهمة في التطوير والتحسين المستمر لنا في سلوكياتنا وفي أخلاقنا وأعمالنا اليومية حيث أننا نجد كثير من الناس اليوم يحرص على اكتساب أي صديق دون النظر إلى العواقب التي قد يجنيها من هذه الصديق ، فكم نحن بحاجة إلى أصدقاء يساهمون في القيام بنهضة هذه الأمة ويسعون للوصول إلى ما وصل إليه العالم من التقدم العلمي والعملي رابطين ذلك كله بالقيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية التي تعلمناها من هدي الإسلام الحنيف، كم نحن بحاجة إلى شباب يرسمون أهداف واضحة للعمل والجد ويكون لديهم خطى ثابتة في أعمال الدين والدنيا فلا يضيعون دنياهم ولا يضيعون آخرتهم وكم هي الكلمات الجميلة التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال ” إني لأرى الرجل فيعجبني فأقول : أله حرفة؟ فإن قالوا لا .. سقط من عيني” فإن قيمة الإنسان تقاس بالعمل والجد والاجتهاد والحرص على منفعة الغير.

ولذا كان لزاماً على شباب النهضة أن يفكروا ويعيدو النظر في رفقائهم وهل فعلاً يستحقون أن يبقوا معهم أم يجب تغييرهم ليختاروا من يعينهم على النجاح والفلاح فكم رأينا من شباب كانوا في قمة النجاح والعمل ولكن وللأسف عندما دخلوا مع رفقة سيئة وفاسدة سرعان ما تردى مستواهم العلمي والعملي والديني ولم يبق لم في حياتهم الا تلك الحياة التي يعيشها كثير من الناس اليوم والتي لا تمثل رؤية الإسلام للشباب العامل والذي كره فيها أن يبقى الشباب بدون عمل وبدون استثمار لأوقاتهم في النافع والمفيد .

فياجيل النهضة إنتبهوا لرفقائكم وأصدقائكم راجعوهم بين فينة وأخرى تأكدوا من يستحق البقاء في حياتكم ومن يجب أن يخرج منها إجعل لك معايير لوجودهم من أهمها الاستقامة و الاجتهاد والعمل والجد والنشاط والعزم والصدق وغيرها من القيم والمعايير المتميزة لأنه كما قيل:

عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينَهُ                  فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي

فالحياة أجمل إذا كنا نمتلك فيها أصدقاء يتقاسمون معنا تلك الأيام؛ في جميع المراحل العمرية، لا بد أن نختار الصديق الأفضل، الذي يكون السند والقريب لنا في خضم العمل ومشاق الحياة، وكل واحد منا له طريقته في كيفية اختيار وتكوين أصدقائه داخل محيط عمله وبيئته.

أخيراً إن اختيار الأصدقاء هو الركيزة الأساسية التي من الممكن أن تحكم نجاح الفرد في كثير من الأوقات، ونحن في الحقيقة نغفل عن طبقة أصدقائنا ومدى فهمهم وإدراكهم لأولوياتهم، أو مدى ملاءمة افكارنا التي نشعر بها معهم ، بالإضافة إلى النزعة الأخلاقية التي تكون هي المؤثر الأكبر بين الأصدقاء وأعلم أن أصدقائك هم من يرسمون معك طريق النجاح فاحرص عليهم .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى