العقلانية والتلاعب بالعقول
بقلم : عماد خالد رحمة | برلين
من الواضح أنَّ هناك احترامٌ مبالغٌ فيه لكثيرٍ من آراء الآخرين مهما كان مستواها كبيرةً أم صغيرة، عقلانية ومنطقية أم غير عقلانية وغير منطقية.
يبدو أنَّ احترام رأي الآخرين يكون بمقدار الحفاظ على عناصر البقاء البشري من أجل تأمين مأكلٍ ومشرب كي لا يقضى جوعاً، والحفاظ على نوع من الحرية خارج السجون والقيود والأغلال.
وكل ما يتجاوز ذلك هو نوع من الاستكانة والإذلال والخضوع الطوعي للطغيان والاستبداد الجائر غير الضروري، ليس هذا فحسب؛ بل إنّ معظم الناس مقتنعون اقتناعاً تاماً أنه ما دامت لا ترغمهم أي سلطة خارجية بصراحةٍ على القيام بأمرٍ ما،أو مهمةٍ ما، أو اتخاذ قرارٍ ما، فإن قراراتهم هي قراراتهم ضمنياً، وإذا أرادوا أمراَ، فإنهم متأكدون أنهم هم الذين يريدونه.
ولكن هذا الاقتناع الكبير هو أحد الأوهام الشهيرة التي لدينا عن ذواتنا. فإن عدداَ كبيراَ من قراراتنا ليست قراراتنا الحقيقية ،بل يوحَى بها من الخارج. ولأننا نعيش ضمن سطوة منظومة تفكير معينة، قد نجحنا في إقناع ذواتنا أننا نحن الذين كوّنّا القرار الذي اتخذناه، في حين نكون بالفعل قد تماثلنا وتوافقنا مع توقعات الآخرين ورؤاهم. ما يخططوه لنا ، وكل هذا يدفعنا خوفنا من العزلة والغربة والاغتراب والتهديدات الأشد مباشرة لحياتنا وحريتنا وأمننا وسعادتنا .لأنّه من المؤكد يتعارض مع سعادة الإنسان الحقيقية بكل معانيها واستطالاتها واستحقاقاتها.
فالسياسيون على سبيل المثال يتلاعبون بالعقول بأدواتهم الخفية والعلنية. مع العلم أنّ كل منا يرغب بالحصول على ما مبتغاه من أجل تحقيق الأهداف التي وضعها أمام ناظريه،وهكذا تسير الحياة باتجاه ما،كلٌ منا يحدد هدفاً معيناً واضحاً أوغامضاً نوعاً ما، أو أكثر ومن ثم يبذل كل ما في وسعه لتحقيق ذلك الهدف. مع العلم أن الفشل غالباً ما يمنحنا شعوراً بالإحباط والارتكاس، وبعض الناس لايستطيعون تحمل مثل هذا الشعور القاسي. لذا فمن الأفضل دائما البحث عن السبب أو الأسباب الكامنة وراء حدوث أمر معين، وهنا يأتي دور فن وقدرة سحر التحكم بالعقل والتلاعب به.