كن ناجحا

أ.د. محمد سعيد حسب النبي | مصر
من المرتكزات الأساسية التي يرتكز عليها النجاح الإرادة القوية التي لا تعرف التردد ولا تفْرط في الحذر، لا ترى خطراً في صعاب ولا تتعثر في حجر، ولا تسقط في مصيدة اليأس ولا تعرف الفشل. وواهم من يُقْدم على عمل يثق في نجاحه نجاحاً مطلقاً؛ فهذه أحلام الأدباء، وخيالات الفلاسفة، ولا يكسب معركة الحياة قائد فزع أو حذر أو متخوف من التضحية، وإنما يكسبها من يفكّر قدر طاقته، ويعمل وفق قدرته وعزيمته؛ فيقبل واثقاً في نفسه، متأكداً من انتصاره، متيقّناً من نجاحه.
ومن المهم في هذا السياق أيضاً أن نعلم أن التربية الحديثة تفضل أفعال الأمر على النهي؛ “فكن ناجحاً” أفضل من “لا تفشل”، والأمر بفعل الفضيلة خير من النهي عن الرذيلة، لأن في الأولى عملاً ووجوداً وحياة، وفي الثانية تركاً وعدماً وموتاً.
ولنعلم أن الحياة قائمة على الكفاح؛ فالعقل السليم يكافح الأفكار السقيمة والخيالات السامة، وخير وسيلة للتغلب على تلك الأفكار والخيالات هو النشاط المنتج والتفكير الخلاق، لا الضعف والتخاذل والاستسلام. والكفاح الحقيقي يعتمد على الإرادة الصحيحة والتجارب الدائمة والعمل المستمر. والكون كله في كدح دائم ونشاط قائم وقوى متفاعلة أبداً، والذي ينجح في هذا العالم المتحرك النشط هو من ينسجم معه بالعمل والقوة والحيوية، ولهذا كان السكون موتاً.
ويجاور هذه القوى الكونية قوى معنوية، وهي أيضاً في حركة دائبة وكفاح مستمر، تتجلى فيالنظام وعدمه، والعلم والجهل، والرأي القوي والضعيف، والعدل والظلم، والخير والشر. ونجاح الإنسان في الحياة يكمن في تحديد موقفه من هذه القوى الكونية والمعنوية؛ فلابد له في الأولى أن يعرف كيفية توظيفها في صالحه، فيسايرها ولا يعاكسها، يماشيها ولا يعاديها. ولابد له في الأخرى أن يحدد موقفه منها؛ فيكون إيجابياً كلما أمكن، ويكون مصلحاً ما استطاع، وخير الناس من استطاع.
والأمم الناجحة كالرجل الناجح، يدرس القوى الطبيعية ويتأملها، ويعلم أنها لا تتغير ولا تتبدل؛ فيكون كالملاح الماهر الذي يفطن للوقت الذي ينشر فيه شراعه والوقت الذي ينبغي فيه أن يطويه، وكيف يُسيّر سفينته وإلى أي اتجاه، يعرف عجز قدرته على تغيير مسارات الرياح، ولكن قدرته على استخدامها في صالح سفينته ثابتة قاطعة.
والأمم الناجحة أيضاً تتفهم القوى المعنوية وتدرك نظامها ومناهج عملها؛ فتتبنى الإيجابية في أمورها كلها، تبعث بها الحيوية والنشاط في الأمة، وتربي في أبنائها قيم الحق والخير والجمال. وهكذا قانون الفرد والأمة في النجاح؛ فكر وعمل وابتكار وكفاح يقود دوماً إلى الفلاح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى