في انتظار الهاتف

شعر: محمد القاضي | مصر

متعمد يا هاتفي إذلالي
ماذا عليك إذا رأفت بحالي

لكن علمت بأن هجرك غاية
لا تستطيع بلوغها أمثالي

ولأنني أوفى الرفاق بصحبة
فقضيتي في الود لا في المال

فلنتجه صوب المقاسم خطونا
فهو الخبير بهذه الأعطال

لما رآنا هش في استقبالنا
بتعوذ وتنهد وملال

يا صاحبي هون عليك فإنما
هي قصة التجديد والإحلال

قال انتظرني ساعة أو نحوها
ها قد رأيت تكدس الأعمال

فرأيت أني لست أصبر ساعة
في غير قرض الشعر والتجوال

ومشيت اكتسح الشوارع باحثا
عن فكرة ترضي غرور مقالي

جسر الجميل مرافقي في رحلتي
بسطوع أضواء ومول كمال

ومعارض متكدس روادها
ومعارض أخرى بلا إقبال

ومضيت أقرأ في الوجوه رسائلا
متنوعات البث و الإرسال

هذا يلوم على الحياة بسالها
في وجه من لم يلتبس ببسال

هذا يؤمل في الصباح المرتجى
عتقا له من حالكات ليال

هذا يبوح إلى الصديق بسره
إذ ليس أحفظ من صدور رجال

وجميلة قد شبكت أطرافها
بذراع من لانت له بدلال

وتروح من حولي الظباء وتغتدي
بجمالهن الفاتك المختال

وإذ العيون تحيرت في أمرها
لسهامهن العابرات خلالي

عين يطيب لها الجمال وأختها
تأسى لفعل الغيد في أوصالي

حتى بلغت نهاية الجسر الذي
أودعته من مسرفات سؤالي

ووقفت بالميدان حولي ضجة
ومحطة سهرانة بشمالي

وإذا نظرت إلى الأمام تمايلت
نافورة تختال ذات جمال

أسندت ظهري عند سور حديقة
قد ذكرتني بالزمان الخالي

حيث المدينة لا تخاصم أهلها
حيث الزمان كما نراه مثالي

حيث الحياة من الهدوء قد اكتست
سترا أنيقا مرفل الأذيال

حيث الديار الدافئات مليئة
من ذكريات الأصدقا والآل

في غفلة لعب الزمان بخطونا
ألقى بنا في هوة الإغفال

وإذا بأصوات المشاة تردني
لتموجات الواقع المحتال

الآن قد حان الرحيل وليتني
لم أستجب لنوازغ الترحال

وذهبت أسأل عن صيانة هاتفي
هذا الخبير المرتجي لزوالي

قال اضطررت إلى جهاز آخر
فاغفر صديقي زحمة الأشغال

دعني المساء وسوف أصلح عطله
إن تأتني عند المساء التالي

لا تعتذر إني سبحت لساعة
في عالم الأشياء والأحوال

حتى نسيت حديثنا عن هاتف
قد صار مثلي في شرود البال

ما عدت أدري أينا متجول
هذا الجهاز أم انفلات خيالي

و رأيتني قد قلت لما حزته
سحقا لهذا الشاعر الجوال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى