بيت أجاثا كريستي

بروفسور حسين علي غالب بابان
أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا
babanspp@gmail.com

أنظر بتمعن إلى البيت القديم ،و يلتف صاحب البيت نحوي و يقول لي:
– إن البيت قديم جدا ،و لذلك سوف اؤجره لك بسعر زهيد للغاية .
قمت بالرد على الفور قائلا :
– نعم البيت قديم ،و لكنني مضطر لأن أقوم بتأجيره لأن وضعي المادي ضعيف .
يؤشر صاحب البيت بيده نحو غرفة بابها الخشبي وسخ للغاية ،ويقول لي:
– هذه الغرفة الصغيرة هي المخزن إذا أردت أن تحفظ أي شيء .
فقلت لصاحب البيت :
– لا شكرا أن ما أملكه هو عدد قليل من قطع الأثاث ،و كتب خاصة بي .
فيرد صاحب البيت قائلا :
– كتب خاصة لك ماذا تعني ..؟؟
قمت بالرد قائلا :
– أنا كاتب روايات .
فيرد صاحب البيت قائلا :
– أن هذا البيت أبي قام بتأجيره لكاتبة روايات معروفة جاءت للعراق.
فقلت و حب الاستطلاع و المعرفة يغمرني من هي هذه الكاتبة ..؟؟
فرد قائلا :
– أعتقد أسمها أجاثي أو أجاثا بحسب ما أذكر .
فقلت وعلامة الاستغراب ظاهرة على وجهي :
-مستحيل هل أنت تقصد الكاتبة العالمية أجاثا كريستي ..؟؟
رد صاحب البيت :
– نعم نعم هذه الكاتبة .
فقلت لصاحب البيت :
– بالرغم من أنني غير متأكد من كلامك، و لكنني أظن أن هذه علامة جيدة.
فقال صاحب البيت و ابتسامة مرسومة على وجهه :
– إذن متى توقع عقد الإيجار ..؟؟
فقلت لصاحب البيت :
– اليوم سوف أبقى هنا لكي أنظف البيت ،و أجلب أنت عقد الإيجار لكي أوقعه و كذلك بيتي قريب من هنا ،و هذا سوف يسهل عملية نقل أثاثي و حاجياتي .
و خرج صاحب البيت ،و هو يشعر بالفرحة لأنني قمت بتأجير بيته القديم .
قمت أنا بالتوجه أيضا لبيتي ،و بدأت بنقل أثاثي و حاجياتي بالتدريج للبيت الجديد .
حان وقت غروب الشمس و قاربت أنا من نقل كل حاجياتي للبيت ،و جاء صاحب البيت و قمت بتوقيع عقد الإيجار لأن أيجار البيت رخيص و يناسب دخلي المتدني .
مر اليوم الأول ،و أنا أنظف أجزاء مختلفة من البيت القديم و أنقل حاجياتي المختلفة .
و في اليوم الثاني أكملت تنظيف البيت ما عدا الغرفة التي كان بابها وسخا للغاية، و التي قال عنها صاحب البيت بأنها المخزن .
تقدمت نحو الغرفة و دخلت بها ،و كانت مليئة بالأوراق القديمة المتناثرة مع وجود صندوق خشبي ،فخرجت من الغرفة لكي أجلب الفرشاة من أجل التنظيف و عدت إليها مرة أخرى و قمت بتنظيف و جمع الأوراق المتناثرة بين إنحاء الغرفة ،كان الصندوق الخشبي يلفت انتباهي ،و هو مركون بأخر الغرفة الوسخة ..!!
بعد انتهائي من التنظيف تقدمت نحو الصندوق ،و قمت بفتحه فوجدت أوراق عدة فيه فحملت الصندوق ورميت ما فيه على الأرض ،فوقعت الأوراق مع رزمة ملفوفة بقماش …؟؟
أرجعت الصندوق إلى مكانه و أمسكت الرزمة الملفوفة بالقماش ،كان حب الاستطلاع و المعرفة يغمرني فقمت بجلب مقص صغير و قمت بفتح الرزمة بهدوء شديد و بدقة متناهية لكي أعرف ما هو موجود بهذه الرزمة ؟
كانت الرزمة تحتوي على عدد كبير من الأوراق فركزت نظري عليها لكي أعرف ما الذي تحتويه، و إذ أصبت بجمود لم أصب به من قبل فلقد كان مكتوبا في أول ورقة من الأوراق ” معركة الشياطين ” كتابة ” أجاثا كريستي ” ..!!
لقد وضع القدر بين يدي كتاب غير مطبوع لهذه الكاتبة العالمية .
أمسكت الأوراق ،و احتضنتها بين يدي و قمت بوضعها في كيس كبير و أدخلتها في حقيبتي الخاصة المخصصة لحفظ رواياتي التي أكتبها .
تقدمت نحو كتبي الكثيرة حيث كنت أملك كتابا خاصا عن حياة و روايات ” أجاثا كريستي” و قمت بالبحث عن الكتاب حتى وجدته ،قمت بتقليب صفحات الكتاب و الفهرس أيضا و لكن لم يذكر في الكتاب رواية ” معركة الشياطين ” التي بين يدي بالرغم أن الكتاب مذكور فيه عدد من الروايات التي لم تطبع للكاتبة في بداية عملها الروائي ..!!
لكن لا يمكنني أن أكذب عيناي فلقد رأيت ” معركة الشياطين ” كتابة ” أجاثا كريستي “، و كذلك صاحب البيت أكد لي بأن هذا البيت القديم كانت تعيش فيه الكاتبة .
إذن ما العمل ،و ماذا سوف أفعل بالرواية و هي كنز حقيقي لا يقدر بثمن ..؟؟
و كذلك هذه الرواية ليست لي فما الذي سوف أفعله، تقدمت نحو جهاز الكومبيوتر و قد حسمت قرارا سوف أنفذه و هو بأن أرسل الرواية لدور النشر التي تخصصت ببيع و توزيع روايات الكاتبة في بريطانيا و أمريكا.
قمت بالربط مع شبكة الانترنيت و بحثت عن دور النشر المختصة ببيع و توزيع روايات الكاتبة و كان الأمر سهلا و سريعا بسبب شهرة الكاتبة ،و احتكار عدد قليل من دور النشر لرواياتها الممتعة و الرائعة في الوقت نفسه .
جمعت عناوين البريد الإلكتروني لهذه الدور بهدف إرسال رسالة الإلكترونية أخبرهم بأن إحدى روايات الكاتبة بين يدي ،و أريدهم أن يقوموا بنشرها و توزيعها .
كتبت رسالة مختصرة أذكر فيها بأن بين يدي رواية للكاتبة ” أجاثا كريستي ” و كان هناك فقط تسعة عناوين أرسلت لهم الرسالة عبر عنوان بريدي الإلكتروني ،و أطفأت جهاز الكومبيوتر بعد ساعات حدثت فيها أحداث متسارعة و أخرجت الرواية من الحقيبة التي وضعتها و بدأت بتقليب صفحاتها بهدوء حيث أنني متشوق للإطلاع على هذه الرواية عن كثب .
مرت أربع ساعات و أنا أقلب بين صفحات الرواية التي أسرتني و عدت لجهاز الكومبيوتر لكي أتصفح بريدي الإلكتروني ،و لحسن الحظ هناك رسائل عدة يحتضنها بريدي الإلكتروني قمت بالتدريج بفتحها رسالة تلو رسالة ..!!
و لكن يا للأسف الشديد كل الرسائل التي كانت قد جاءتني من دور النشر يحمل مضمونها اتهامات مختلفة بحقي ،فرسالة تتهمني بالكذب و بأن دار النشر لا تهتم بمثل هكذا رسائل سخيفة ،و رسالة أخرى تتهمني فيها دار النشر بأنني شخص أسعى للشهرة و المال و لذلك ابتكرت هذا الموضوع أن دور النشر لا تصدق ما ذكرته برسالتي و توجه الاتهامات لي فإذن ما الحل ..؟؟
يبدو أنني عدت للمربع الأول الذي توقعت أنني تخطيته ،و الآن ليس بيدي سوى أمر واحد وهو أن نشر الرواية باسم الكاتبة الحقيقية ،لكن هذا لا يمكن أن يحدث لأن هذا مخالف للقانون حيث أن أنشر عمل باسم كاتبة و أنسبه لها عمل غير مشروع و أن قمت بهذا فأنني سوف أدمر مستقبلي في الساحة الروائية و الأدبية و أدخل السجن كذلك ..؟؟
إذا لم يبقَ لي خيار سوى بأن أنشر الرواية باسم مختلف ،و لكن أن أذكر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأن هذه الرواية للكاتبة العالمية ” أجاثا كريستي ” و هذا هو الحل الذي بين يدي ،أمسكت الصفحات الأولى من الرواية و قمت بالكتابة بالكومبيوتر ” رواية ” معركة الشياطين تأليف و وضعت أسمي ،و الرواية مشابهة لروايات الكاتبة العالمية ” أجاثا كريستي “.
قمت بترجمة الرواية التي كانت مكتوبة باللغة الإنجليزية ،و انتهيت من ترجمة عشر صفحات و حفظت ما ترجمته من صفحات في الكومبيوتر ،مر اليوم وأنا فرح بما أنجزته بالرغم من الفشل الذي تعرضت له .
حان الصباح و ذهبت لدار النشر التي تنشر رواياتي ،و التي تربطني بهم علاقة عمل وصداقة أيضا و قدمت لهم الصفحات العشر التي ترجمتها و اتفقت على نشر الرواية .
كل يوم أقوم بترجمة صفحات عدة من الرواية و كذلك أقوم بكتابة رواية أخرى سميتها “بيت أجاثا كريستي”، أذكر فيه ما حدث لي بالتفصيل بالبيت و موضوع الرواية و بهذا ساهم هذا البيت ،وكذلك الكاتبة “أجاثا كريستي ” بأن أصدر روايتين بوقت واحد رواية “معركة الشياطين” التي كتبتها “أجاثا كريستي” و رواية “بيت أجاثا كريستي” والتي كتبتها أنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى