جَسَدِي المُتَوَثِّبُ عَنْ مَحْوِي
شعر: سائد ابوعبيد
جَسَدِي في الصُّبحِ غِوَايةُ عِطرٍ للنَّحلِ المُتعَبِ بالشَّهدْ
لِفَرَاشَاتٍ في هَودَجِ أَزهَارٍ شَتَّى
فوقَ المَاءِ النَّاعِسِ فِي الرَّوضِ
وفي امرَأَةٍ تَغنُجُ بَسمَتُها في مِرآتِي
فَأَقُومُ بِمِلءِ زَنَابِقِها
جَسَدِي المُتَوشِّحُ في المِرآةِ يُبينَ مَقَامَ الوَردْ
جَسَدِي المَشحُوذُ بِحِبرِ الشِّعرِ
تَوَسَّعَ مَعنَاهُ على لُغَتي
قَرَعَ فَرَاغًا مِنْ حَولِي
فَانبَلَجَتْ رُؤيَا واضِحَةٌ أَوشَتْ عَنْ صَوتْ
ما هَذَا الغَبَشُ المُلتَحِمُ القَابِعُ في أَصْدَائِي؟
مَا هَذَا الصَّوتْ؟
فتنةُ أَحلامٍ تَمتَشِقُ القَصَبَ المَجرُوحَ
فكيفَ تُغَنِّي عَنْ مَجْدٍ تَطمُرُهُ مسافاتٌ وهَنَتْ في البُعدْ؟
ما سَئِمُ الجَسَدُ
كَأنَّ يَدًا لِلَّهِ عَليهِ تُغَسِّلُهُ بالكَوثَرِ سَبعِينَ مَقَامًا
كَيْ يَبقَى أَينَعَ مِنْ غُربَتِهِ
أَنصَعَ مِنْ عَتمَتِهِ
أَوضَحَ ضَوءًا هذا القَدْ
جَسَدِي مُلتَحِمٌ بِثَبَاتٍ
تَفْتَرِشُ الآياتُ عَبَاءَتَهُ
فاحْتَدَمَ الشَّوقُ الشَّبَقُ المَحْفُوفُ بِأَوجاعٍ
خُذِلتْ عَينَاهُ وكَفَّاهُ على وَعدْ
فانْتَصِبِي يا نَفْسُ مَكَانِي
كُلُّ وُجُودٍ دُونَ مَقَامِي يَبَسٌ
بِيدٌ حَرَّاءُ بِرَمْلَتِها والصَّهَدْ
رَيْحَانةُ قلبي طَاغِيَةٌ بِتَفَرُّعِهَا فوقَ الأَبوابِ المَهجُورَةِ
في ضُمَّادِ يَدِيْ المَجْرُوحَةِ
في عَينَيْنِ لِسَيِّدَةٍ تَخْتَزِلُ الحُبَّ لِعَائِلَةٍ
يَخذُلُهَا الوَقتُ
الحَظُّ السَّيِّءُ فِي النَّردْ
جَسَدِي أَشْيَاعُ مُحِبِّيهِ
لِامْرَأَةٍ قُربَ التَّنُّورِ تُخِيطُ ثِيَابًا
قُفَّازَاتٍ وجِرَابًا للنُّطْفَةِ فِيهَا
للطِّفلَةِ في مَرسَمِهَا حينَ تُطيحُ سَحَابَاتٍ بَيْضَاءَ
حَمَامَاتٍ بَيْضَاءَ إلى لَونِ مَخَدَّتِهَا البَيْضَاءِ
على دِفءِ المَهدْ
جسدي أَشياعُ محبيهِ
ولِعَاشِقَةٍ في مَبْسَمِها
حينَ تَرِقُّ يَدٌ بِالعَزفِ على عُودٍ بِمَقَامَاتٍ مِنْ نَهَوَندْ
جَسَدِي المُفتَعِلُ صُعودَ الماءِ
إِلَيَّ
عَلَيَّ
وَفِيْ
جَسَدِي المُتَوَثِّبُ عَنْ مَحْوِي
يَتَصَدَّى الصَّدَ المَوتَ على الإِسفَلتِ
يُضيءُ بنرجسةٍ عن َثِقَلِ القَيدِ
وعن نسيانٍ في ملكوتِ اللَّحدْ!