مَنْ لمْ يَمُتْ
شعر: سميح محسن
مَنْ لمْ يَمُتْ بالحربِ ماتَ بِغَيرِها…
سُفنٌ على قَدَميْنِ من خَوفٍ ويأسٍ
تَمْخُرُ الليلَ الطّويلَ
ولا تُبالي في الصُّعودِ إلى بِلادٍ
يَشْتَهيها الباحِثُونَ عن النّجاةِ
من التفاصيلِ الصّغيرةِ للحياة…
موتٌ يطاردُهم على العَتباتِ
بحرٌ ضيّقٌ
قمرٌ بعيدٌ باهتٌ
نفقٌ طويلٌ مُعْتِمٌ
وقتٌ بلا وقتٍ
تماثيلٌ من الأوراقِ تصعدُ من مفاصلِ صخرةٍ
خرجتْ من الكتبِ القديمةِ
تزرعُ الرّطبَ الشهيَّ
على جناحِ حكايةٍ لا تنتهي
وعدٌ يجيءُ من السّماءِ مُقّيّداً بشروطِ أهلِ الأرضِ
تذروه الرِّياحُ على مدارِجِها
ونلهثُ خلفَ كثبانٍ ستحملنا إلى بحرٍ من الأوهام
والمدنِ الغريبة…
لمْ يحملوا معهم سوى نظراتِهنَّ
وما تبقّى من دموعٍ سوفَ يحمِلُها المسافِرُ
رُقْيَةً تحميه من وجَعِ الطّريق…
هلْ ودّعوا قبلَ الخروجِ من البيوتِ الأمهاتِ
إلى المتاهة ؟!
سفنٌ مُحَمّلةٌ بِزُرقةِ بحرِها،
بحرٌ توغّلَ باتجاهِ مدائن الملحِ التي خَلَعَتْ سواحَلَها
وغابتْ في الضّبابِ
الموجُ لمْ يَحمِلْ رسائِلَهم إلى الآباءِ
قبلَ دخولِهم في رحلةِ الموتِ الأخيرة..