بيت الشعر يستضيف الشعراء: عماد جبار وأماني الزعيبي والأمير كمال فرج
بيت الشعر| الشارقة
استمراراً لديمومة الحضور الشعري، وضمن نشاط منتدى الثلاثاء، نظَّم “بيت الشعر” بدائرة الثقافة في الشارقة يوم الثلاثاء 15/ نوفمبر/2022 أمسية شعرية، حضرها جمهورٌ حاشدٌ امتلأت به ساحة البيت، استضافت الشعراء: عماد جبار من العراق، أماني الزعيبي من تونس، والأمير كمال فرج من مصر، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي. وقدمها الأستاذ نعيم رضوان، الذي أشاد بدور حاكم الشارقة في دعم الثقافة والشعر، وبجهود بيت الشعر في مواظبته على إقامة الفعاليات الشعرية، واكتشاف أسماء جديدة تطل من على منبر البيت، والتي أكسبت الأمسيات أهمية جذبت حمهورا كبيراً حريصاً على تفعيل دوره في إحيائها بالحضور.
تنوعت اشتغالات الشعراء على مضامين مختلفة، سافروا من خلالها في عوالم الذات والوطن والحنين والتأمل في الموجودات باستخدام لغة قريبة مازجت بين علو الرمز ووضوح القصد، وحضرت الغربة كرمزية مشتركة، وطافت المدن ببهائها في قصائدهم، مما شكل لوحة بديعة عرضها الشعراء على منبر البيت، لتكون أمسية محلقة بالخيال والصور الأنيقة والبحث عن ظلال المعاني الفريدة.
افتتح القراءات الشاعر عماد جبار الذي قرأ قصيدة يرسم من خلالها ملامح عودته إلى مدينته “بغداد”، عنوانها “بعد غربة وشوق”، بقلب طفل تغمره دهشة العودة وألفة الأمكنة، يقول:
أعودُ من وحشةِ الأسفارِ ثانيةً
ولا أصدقُ عينيْ أنني فيها
هذي المدينةُ عين ُ الله تحرسها
وكفُ من ركّب الأكوانَ تحميها
وها أعيدُ لقلبِ الطفل دهشَتَه
بين الدروبِ التي قد كان يمشيها
ثم قرأ مقطعا شعريا يحاور فيه ذاته متحسرا على ما فاتها من شغف جعل كأس الحياة ناقصة لا تروي ظمأ الأمنيات، يقول:
وما يجعل النقص يملأ هذي الحياة
الدروب التي لم تسرها
الزوايا التي أظلمت في الضلوع
ومرت عليها نجوم كثار
ولكنها لم تنرها
الحنين الذي قر في القلب
نحو البلاد التي لم تزرها
ثم اختتم بنصين حلق فيهما بين اشتهاءات الطين و الصعود إلى سماء المعنى على غيمة من فرح.
تلته الشاعرة أماني الزعيبي التي قرأت قصيدة نفت فيها مغادرة الشعر لدروبها، خالعة عليه صفة الأبوة، والمعجزة كناية عن الموهبة، الهبة الربانية، التي جعلت نشيدها ضياء يشق سحاب المداد ليولد من رحم المعنى، تقول:
قَدْ قيل ودّعني القصيد ومـا قلى
والشعـرُ معــجـزتي ومن آبائـــــي
أنجـبـتُ من رحم المداد سحابـة
كـل الضـــياء نشـيــــدُهُ إلـقــائِـي
ثم وصفت احتراقات الذات الشاعرة، وتحولاتها بين النور والنار والماء في عوالم القصيدة، تقول:
لي رعشة النّار، تكوين الرّمادِ ولي
ليْلٌ أصيرُ على أَعتَابهِ قمَرَا
جمَّعْتُ من رَغوَة النيرانِ قافيتي
أشرعتها للثَّرى فاساقطت مطرا
من ألفِ خاتمةٍ أحْنو على حُجب
أوقدتُ في مُنتهاها النّور فانْهَمَرَا
ثم ختمت بقصيدة بعنوان “ما قالته حواء للريح”، والذي شكل رمزا حمل عدة دلالات تشير إلى الأرض/ المرأة/ الحياة، وكل ما يستصحبه هذا الرمز من وهج وعتمة.
واختتم القراءات الشاعر الأمير كمال فرج الذي شدا للاغتراب بمعانيه المتشعبة، التي تصف في تداعياتها غربة الروح بعد فراق الأحبة، مستحضرا الأم كرمز للوطن والأمان والصبر، يقول:
هَوِّنْ عَلَيْكَ فَفِي عَيْنَيْكَ أَتْرَاحُ
كُلُّ الأَحِبَّةِ فِي لَيْلِ الأَسَى رَاحُوا
واسْتَوْحَشَ الدَّرْبُ لا صُبْحٌ و لا أَمَلٌ
ولا يُنِيرُ ظَلامَ الدَّرْبِ مِصْبَاحُ
مَنْ لِي بِأُمِّي تَصُبُّ الشَّايَ لِي صُبُحًا
تَقُولُ : يَا وَلَدِي .. الصَّبْرُ مِفْتَاحُ
ثم قرأ قصيدة وجدانية بعنوان ” حكاية عربية” في إشارة رمزية لملامح قصص الحب في مدونة الشعر العربي والتي تنتهي بالفراق غالبا، يقول:
وحَبِيبَتِي رَحَلَتْ كَأَيِّ فَرَاشَةٍ
فَأَصَابَ كُلَّ حَدَائِقِي العَطَبُ
سَتَظَلُّ فِي التَّارِيخِ مِثْلَ أَمِيرَةٍ
تَزْهُو وتُعْلِي ذِكْرَهَا العَرَبُ
وتَظَلُّ فِي قَلْبِي الحَزِينِ حِكَايَةً
تَرْوِي جَمِيعَ فُصُولِهَا الكُتُبُ
ثم قرأ نصا بعنوان المدائن استلهم فيه فكرة مدن القصيد في ديوان “مدن في مرايا الغمام” للشاعر محمد عبدالله البريكي، وحمل النص في تفاصيله عدة عناوين/ صفات للمدينة توزعت بين الحكمة والفطنة والقسوة، والضحكة وغيرها، حملت في طيها دلالات رمزية متعددة، كما قرأ نصا جسد حوارية بين الماضي المتمثل في جيل الآباء، والحاضر، في مقارنة لحال المحبين في الزمنين، لاقى استحسان الحضور وتصفيقهم.
وفي الختام كرم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء ومقدم الأمسية.