مِمَّا ردَّده الصًّدى في صبَاحٍ غَائِم

د. إيهاب بسيسو | فلسطين

تموتُ ببطءٍ
كمَا يَموتُ كلُّ شيءٍ
في دفترِ اليَوميَّات
الاستِعارةُ غيرُ المُكتملةِ
عَن المَدينة …
الخطوطُ الأوليَّةُ
لبُورتريه نَاقِص عن طُفولةٍ بَعيدة …
صدَى الحِكايَات
فِي المُلاحظات العاجِلة …
عن الرِّيحِ والبرقِ القاتِل
عنَاوينُ الكُتبِ المَفقودةِ
في المَكتباتِ العَامَّة …
تموتُ ببطءٍ
كنهارٍ ضَجِرٍ
مِن لعبةِ الاحتمَالاتِ البَليدَة
وتَردُّدِ الضُّوءِ
بينَ زِنزانةٍ وتَابوت …
فِيما أنتَ المُعلَّقُ بينَ الأزمِنةِ
وحِبر المَسافَات …
تُفتِّشُ في صُورِ المُدنِ
المُنتشِرَةِ فِي كُتبِ التَّاريخِ المُعاصِر
عَن نوافذَ مَنسيَّةٍ فِي الغُبار
خَذلَتها الشِّعارَاتُ
فِي يَافطاتِ القماشِ المُلوَّن
وسَرقَتها الحروبُ
نحوَ التِّيهِ فِي قَواربِ مَوتٍ
وعلَى شُطآنّ مُسيَّجةٍ
بملحِ الحَنين …
تموتُ ببطءٍ
كشجرةِ سروٍ فِي حًديقةِ البَيت …
اعتادَت الوقوفُ بشُموخٍ
أمامَ الجنودٍ
في ليالي الاقتحامَاتِ البَربريةِ
ثُمَّ شاخَت فجأةً
بعدَ حَريقٍ وقنابلَ دُخان
ثُم تَناثَرت فِي رمادِ الحِكايَات
ثُم صارَت كُتلةً وَحيدةً هشَّة
كَمحطةٍ خَرساءَ لغربَانٍ عابِرة
فضَاء الحَديقَة …
تموتُ ببطءٍ
كشَريطِ نيجاتِيف عَتيق
يَحتفظُ بملامحِ وَجهِك
قبلَ ثَلاثين عَاماً …
فِي صُورٍ عادية قبالة البحر
لم تَظهر بعد التَّحمِيض …
ظلَّت هناك فِي الشُّحوبِ الصَّادِق
ونمَت المسافةُ كأشوَاكٍ بَريَّةٍ
حولَ الظلالِ الباهِتَة …
تراكَ وقَد جَفَّت المَلامِحُ كَثيراً
وصَار الشَّريطُ …
أقربَ إلى هَمهمَاتِ كَهلٍ فِي مَنفَى
بعدَ غِيابِ الكَاميرا
ووَقتِ التقاطِ الصُّوَر …
تموتُ ببطءٍ
وفِي هذا المَوتِ
تُولدُ مُجدَّداً مِن خلايَا ذَاكرةٍ
ما زالَت تحيَا فِي رأسٍك …
كأنَّك وقتٌ متعبٌ من كِنايَات
لصِراعٍ دائمٍ
بينَ حلمٍ فِي مَنفى
بَين مَنفى وجسَد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى